دراسة: صنع صورة مثالية عن نفسك على «فيسبوك» يضر بصحتك العقلية

شعار شركة فيسبوك يظهر على عدة لوحات إلكترونية في باريس (أ.ف.ب)
شعار شركة فيسبوك يظهر على عدة لوحات إلكترونية في باريس (أ.ف.ب)
TT

دراسة: صنع صورة مثالية عن نفسك على «فيسبوك» يضر بصحتك العقلية

شعار شركة فيسبوك يظهر على عدة لوحات إلكترونية في باريس (أ.ف.ب)
شعار شركة فيسبوك يظهر على عدة لوحات إلكترونية في باريس (أ.ف.ب)

يبذل الكثر من الأشخاص جهوداً كبيرة لتحسين صورتهم عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» و«سناب شات» و«تيك توك». ويقوم المستخدمون بنشر صور إجازة جديدة أو لقطات من وجبات صحية أو صور شخصية (سيلفي) يجدونها مميزة، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
لكن قد يكون من الأفضل لصحتك العقلية ألا تصنع صورة مثالية عن نفسك عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لدراسة جديدة نُشرت في «نيتشر كوميونيكيشينز».
ووجد فريق من الباحثين الأميركيين في كلية كولومبيا للأعمال في نيويورك وكلية كيلوغ للإدارة في جامعة نورث وسترن في شيكاغو فوائد نفسية مرتبطة بالبقاء على حقيقتك عندما يتعلق الأمر بمنشورات وإعجابات «فيسبوك».
وقالت الدراسة: «إن الدافع إلى النشر بطريقة طبيعية كان مرتبطاً بمزاج وتأثير أكثر إيجابية، ومزاج أقل سلبية لدى المشاركين». وتابعت: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن جميع الأفراد بغض النظر عن سمات الشخصية يمكن أن يستفيدوا من كونهم طبيعيين على وسائل التواصل الاجتماعي».
وللوصول إلى هذا الاستنتاج، قام الباحثون بأمرين.
أولاً، قاموا بتحليل بيانات 10 آلاف و560 من مستخدمي «فيسبوك» الذين أكملوا تقييم الرضا عن الحياة والشخصية من عام 2007 إلى عام 2012. وقارن الباحثون هذه التقييمات الذاتية مع تنبؤات شخصية المستخدمين بناءً على الآثار الرقمية المتبقية على «فيسبوك»، مثل الإعجابات ومنشورات «فيسبوك»، لمعرفة إلى أي مدى تمثل الصفحة الخاصة بهم تعبيرات حقيقية عن شخصيتهم.
ووجد فريق البحث أن أولئك الذين عبروا عن أنفسهم بطريقة أكثر واقعية - أو على الأقل قدموا أنفسهم على «فيسبوك» بطريقة أقرب إلى الطريقة التي ينظرون بها إلى أنفسهم - أفادوا أيضاً بمستويات أعلى من الرضا عن الحياة. كما بدا التأثير متسقاً عبر أنواع الشخصيات المختلفة.
في الجزء الثاني من الدراسة، حصل الباحثون على 90 طالباً لينشروا بطريقة صحيحة على «فيسبوك» لمدة أسبوع، ثم بطريقة «ذاتية مثالية» لمدة أسبوع. ووجد الفريق أن الرفاهية الذاتية للطلاب كانت أعلى في الأسبوع الذي طُلب منهم فيه النشر بشكل يعبر عنهم بطريقة حقيقية وموضوعية.
وقالت إيريكا بيلي، طالبة الدكتوراه في الإدارة في كلية كولومبيا للأعمال ومؤلفة الدراسة: «لقد تم توثيق الصلة بين الموضوعية والرفاهية بشكل عام في بحث سابق». وقالت عبر البريد الإلكتروني: «مع ذلك، في حالة وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الاتجاه المعاكس هو أيضاً مرجح للغاية، أي أن الأشخاص الأكثر تكيفاً أو سعادة هم على الأرجح أكثر عرضة للنشر بشكل طبيعي». وتابعت: «في الدراسة الثانية، تمكننا من إظهار الرابط بين النشر بشكل طبيعي، مقارنة بالنشر بطريقة مثالية، وزيادة الحالة المزاجية والتأثير الإيجابي».
وأوضحت بيلي أن أحد الأمثلة الجيدة على المنشور غير الطبيعي أو غير الموضوعي هو شخص انطوائي ينشر عن مدى حماسته للخروج في عطلة نهاية الأسبوع.
وقال المؤلفون إن بحثهم لم يدرس سبب عدم استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل موضوعي - فقد يكون ذلك متعمداً أو قد يفسر بسبب نقص الوعي الذاتي.
وأشار الباحثون إلى أنه في حين أن تأثيرات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل طبيعي على الرفاهية كانت «قوية» و«ذات مغزى»، إلا أنها كانت صغيرة مقارنة بمعايير أخرى مهمة مثل الدخل والصحة والعلاقات.
لكنهم أشاروا إلى أن طريقة استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي سهلة التغيير نسبياً مقارنة بأشياء مثل الوظائف والصحة، والتي غالباً ما تكون خارجة عن السيطرة المباشرة للفرد.
وقالت بيلي: «نظراً لصعوبة تجنب وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام، أردنا أن نعرف أن هناك طرقاً يمكننا من خلالها استخدام هذه الأدوات لتكون أكثر أو أقل فائدة لنا من الناحية النفسية». وأضافت: «إن أحد الصعوبات التي يواجهها المستخدمون هو تقديم أنفسهم بطريقة مثالية أو بطريقة طبيعية. وجدنا هنا أن الاستخدام الحقيقي لوسائل التواصل الاجتماعي يرتبط برفاهية ذاتية أعلى».


مقالات ذات صلة

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

يوميات الشرق الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الأميركي أندرو سكوت الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

انحسار الصحف المحلية والإقليمية يؤدي إلى «صحارٍ إخبارية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».