وقف الهدم في حي مقدسي مقابل منع تطويره

أقرته إسرائيل وفقاً لشروط خطة ترمب

صورة أرشيفية لهدم منزل قيد الإنشاء في حي العيساوية شمال القدس (وفا)
صورة أرشيفية لهدم منزل قيد الإنشاء في حي العيساوية شمال القدس (وفا)
TT

وقف الهدم في حي مقدسي مقابل منع تطويره

صورة أرشيفية لهدم منزل قيد الإنشاء في حي العيساوية شمال القدس (وفا)
صورة أرشيفية لهدم منزل قيد الإنشاء في حي العيساوية شمال القدس (وفا)

أقرت بلدية القدس الإسرائيلية، وللمرة الأولى منذ ثلاثين سنة، مخططاً هيكلياً لحي العيساوية الكبير الواقع في القسم الشرقي المحتل من القدس، وبموجبه تم العفو عن البناء غير المرخص وإلغاء قرارات الهدم لمعظم المباني التي بنيت فيه من دون تراخيص. مع ذلك، فقد رفضت البلدية توسيع مسطح الحي بما يتلاءم واحتياجات سكانه المستقبلية.
وجاء هذا القرار بروح خطة الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، التي تحدثت عن تحسين أحوال الفلسطينيين المعيشية والقيام بمبادرات إسرائيلية لتخفيف معاناتهم.
ويعد حي العيساوية جزءاً من المناطق الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ويقع بين جبل المشارف وشارع القدس - البحر الميت. ويعيش فيه حوالي 17 ألف نسمة ويتعرض الحي لهجمات استيطانية يهودية متعددة، في العقود الأخيرة. ومقابل السماح للمستوطنين اليهود ببناء بيوت وعمارات، كانت السلطات الإسرائيلية تضيق الخناق على المواطنين الفلسطينيين فيه، وتمتنع عن إعطائهم رخص بناء. وشهد الحي في السنتين الأخيرتين، مواجهات متواصلة مع رجال الشرطة قتل فيها أحد السكان وأصيب كثيرون.
وكانت قوى من اليسار اليهودي وأنصار السلام، قد أقامت تعاوناً مع السكان الفلسطينيين، هدفه استغلال منحهم المواطنة الإسرائيلية (بسبب ضم القدس إلى حدود الدولة العبرية)، وتم تأسيس جمعية أطلق عليها اسم «بمكوم». وقد عرضت الجمعية على البلدية مخططا هيكليا للحي ورحبت البلدية حينذاك بالمخطط، لكن سلطة الطبيعة والحدائق ومكتب رئيس الحكومة، اعترضوا عليه وأوقفوه، وراحوا يعملون على إقامة حديقة قومية باسم «متحدرات جبل المشارف»، لتلتهم ما تبقى من أرض في العيساوية. ولذلك، عملت البلدية على وضع مخطط آخر، تتنازل فيه عن تلك الأرض لصالح الحديقة.
ومع أن أهالي العيساوية رأوا في المخطط الجديد جانباً إيجابياً، يتمثل في وقف عمليات الهدم التي كانت تقض مضاجعهم وتهدد وجودهم، فإنهم غير مرتاحين من إبقاء مساحة الحي كما هي من دون آفاق للتطور تتيح للأجيال الجديدة بناء مستقبلها في الحي. وقد رفض مستشار رئيس البلدية للشؤون العربية، أوري يكير، هذا الادعاء، قائلاً، إن «تقليص الحدود ينبع من رؤية أنه توجد حاجة إلى زيادة التجمع والارتفاع إلى الأعلى في أحياء القدس. الخطة تناسب احتياجات القرية على الأقل حتى عام 2040. وقد تعهدنا للسكان قبل سنة بالمصادقة على المخطط، ولم يصدقونا، ونحن أظهرنا أنه يمكننا القيام بذلك».
وقال المهندس المعماري آري كوهين، الذي أعد الخطة: «صحيح أن المخطط الجديد لا يشمل توسيع مساحة القرية ولا يغير حدود الحديقة القومية، لكنه يمنح حقوق بناء واسعة للسكان ويوجد فيه نظام قضائي فريد يمكنه حل مشاكل التطوير في العيساوية». والنظام المقصود هو العفو عن البناء غير المرخص وإتاحة الفرصة لسكان الحي أن يهدموا بيوتهم القديمة ويبنوا مكانها عمارات عالية تستوعب احتياجات التطور للأجيال القادمة. وأضاف: «المخطط يشمل أيضاً شق شارع التفافي حول القرية وإقامة مبانٍ عامة ومركز تشغيل جديد».
بالمقابل، ترى نائبة المدير العام لجمعية «بمكوم»، أفرات كوهين بار، أن «المخطط هو خنوع تام للضغط الذي مارسته سلطة الطبيعة والحدائق. بدلاً من تخصيص مناطق بحجم مناسب للعيساوية، بحيث تلبي الاحتياجات السكنية والمناطق العامة، فإن المخطط يملي على القرية حدوداً ضيقة مع منطقة مقلصة أكثر بكثير مما هو مطلوب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.