لجنة رفيعة للتحقيق بهجمات «الكاتيوشا» في العراق

يرأسها مستشار الأمن الوطني وتقدم تقريرها خلال 30 يوماً

TT

لجنة رفيعة للتحقيق بهجمات «الكاتيوشا» في العراق

أمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بتشكيل لجنة للتحقيق في الهجمات بصواريخ «الكاتيوشا» على المنطقة الخضراء في بغداد، حيث مقر السفارة الأميركية، وكذلك في الصواريخ التي تستهدف مطار بغداد وبعض معسكرات الجيش والعبوات الناسفة التي تطال الأرتال اللوجيستية التابعة لقوات التحالف الدولي العابرة من جنوب البلاد.
وأظهرت وثيقة الأمر الموقعة من قبل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة الكاظمي هيكلية اللجنة الرفيعة المشكلة، وتضم كبار القيادات الأمنية، والمهمة المكلفة بها، ومدة إنجاز تقريرها حول الخروقات الأمنية التي تقوم بها جماعات مسلحة.
وطبقاً للوثيقة الموقعة في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي؛ فإن اللجنة برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، وعضوية رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، ورئيس جهاز «الأمن الوطني» عبد الغني الأسدي، إضافة إلى رئيس أركان الجيش الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يار الله. ويشغل عضوية اللجنة كذلك، السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة الفريق الركن محمد حميد كاظم، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير كامل عبد الله، ووكيل الاستخبارات والتحقيقات الإدارية في وزارة الداخلية الفريق الركن عامر صدام المالكي، إلى جانب الممثل عن جهاز المخابرات العراقي اللواء ماجد الدليمي. وتعمل اللجنة بالاشتراك مع رئيس ونواب لجنة الأمن والدفاع النيابية.
وبحسب الوثيقة؛ فإن «اللجنة تتولى التحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته والتزاماته الدولية وتحديد المقصر، وتنجز أعمالها خلال 30 يوماً من تاريخ تنفيذ هذا الأمر، وتعرض أعمالها أمام رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة».
وتسببت الهجمات الصاروخية المتواصلة التي تشنها ميليشيات يعتقد صلتها الوثيقة بـ«الحرس الثوري» الإيراني بهدف إرغام الولايات المتحدة الأميركية على الانسحاب من العراق مؤخراً في حرج واضح لحكومة الكاظمي بعدما تردد مؤخراً عن تهديد الولايات المتحدة الأميركية بغلق سفارتها لدى العراق. الكاظمي نفى مسألة التهديد بالانسحاب في مقابلة تلفزيونية قبل 3 أيام، لكنه اعترف بتسلم حكومته «انزعاجاً وقلقاً أميركياً فيما يخص أمن البعثات الدبلوماسية لدى العراق، وهم على حق في ذلك، عمليات القصف عبثية وغالباً ما تسقط على العراقيين».
ولم يدل الكاظمي خلال اللقاء بأي معلومات حول الجهات التي تقوم بتلك الأعمال، لكنه قال إن «هناك من يحاول تعكير علاقتنا مع الولايات المتحدة الأميركية وبقية الدول، ويأخذ العراق للمجهول تحت عناوين ساذجة».
وأثارت الهجمات الأخيرة التي قتلت 5 أفراد من عائلة واحدة في منطقة الرضوانية القريبة من مطار بغداد، إلى جانب القصف بصواريخ «الكاتيوشا» الذي استهدف مواقع أميركية بمحافظة أربيل في إقليم كردستان، موجة استنكار وإدانة واضحة من غالبية الكتل والجماعات السياسية. وكان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر دعا عقب حادث الرضوانية، الأسبوع الماضي، إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الخروقات الأمنية التي تتعرض لها البعثات الدبلوماسية والمقرات الرسمية للدولة. واشترط الصدر أن «تعلن اللجنة نتائج التحقيق للرأي العام وضمن سقف زمني محدد لكي يتم أخذ الإجراءات القانونية والتنفيذية اللازمة حيال ذلك». ويبدو أن اللجنة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء متماشية مع دعوة الصدر والمطالبات المحلية الواسعة بوضع حد لاستهتار الفصائل المسلحة بهيبة الدولة وأمن مواطنيها وعلاقاتها الدولية.
بدوره، أعرب رئيس «جبهة الإنقاذ والتنمية» ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، عن دعمه الخطوات التي يقوم بها رئيس الوزراء ضد جماعات «الكاتيوشا»، لكنه في الوقت ذاته أعرب عن «قلقه من الحماية السياسية لمن يقومون بأعمال إرهابية». وقال مكتب النجيفي في بيان بعد لقائه، أمس، سفير المملكة المتحدة لدى العراق ستيفن هيكي، إن «الاجتماع بحث مجموعة من الملفات المهمة، ضمنها الوضع السياسي المحلي والإقليمي والدولي، والتهديدات للهيئات الدبلوماسية وقرار الانسحاب الأميركي، وقوى اللادولة، وتقييم للوضع العام». وأكد دعمه «لرئيس مجلس الوزراء وجهوده في الإصلاحات، ومحاولات معالجة الأزمات والتحديات التي يواجهها البلد».
وأشار النجيفي إلى «الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تلحق بمصلحة الشعب العليا إذا ما نفذ الجانب الأميركي قرار الانسحاب وما يترتب على ذلك من تأثيرات شديدة الخطورة على جهود محاربة الإرهاب، فضلاً عمّا يتركه من تصور خاطئ قوامه انتصار قوى اللادولة التي تحاول اختطاف القرار العراقي بعيداً عن الحكومة وإرادة الشعب تنفيذاً لأجندات لا تتفق مع مصالح الشعب وتطلعاته». ورفض النجيفي «أي استخدام للساحة العراقية لتصفية حسابات الصراعات الدولية؛ وبخاصة ما يتعلق منها بالصراع الأميركي - الإيراني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».