«القاهرة السينمائي» يعرض أفلام «الجوائز العالمية» في 2020

«أرض الرُحّل» و«أوندين» و«غزة مونامور» من بينها

لقطة من فيلم «غزة مونامور»
لقطة من فيلم «غزة مونامور»
TT

«القاهرة السينمائي» يعرض أفلام «الجوائز العالمية» في 2020

لقطة من فيلم «غزة مونامور»
لقطة من فيلم «غزة مونامور»

كشف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، عن عرض أفلام مهمة حصدت جوائز عالمية بمهرجانات كبرى خلال العام الحالي، في دورته الـ42، التي تقام في الفترة من 2 إلى 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقال محمد حفظي، رئيس المهرجان، في بيان صحافي أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن المهرجان سوف يعرض عدداً من أهم أفلام العام الحالي، في عرضها العالمي الأول، جنباً إلى جنب مع الأفلام التي حصدت جوائز مميزة في مهرجانات دولية كبرى وحققت صدى نقدياً واسعاً.
ومن بين الأفلام التي أعلن المهرجان عن عرضها في دورته المقبلة، الفيلم الأميركي «أرض الرُحّل» الذي يعرض لأول مرة عربياً وأفريقياً، وذلك بعد فوزه باثنتين من أبرز جوائز العام؛ «الأسد الذهبي» من مهرجان فينيسيا، و«اختيار الجمهور» من مهرجان تورونتو، من إخراج كلوي زاو، وبطولة فرنسيس مكدورماند الحاصلة على الأوسكار، وتدور أحداثه حول امرأة تقرر أن تقضي حياتها في ترحال دائم في الغرب الأميركي خلال فترة الكساد العظيم، ويعرضه مهرجان القاهرة في القسم الرسمي خارج المسابقة.
كما يعرض المهرجان الفيلم الهندي «التلميذ» في القسم الرسمي خارج المسابقة أيضاً، بعد فوزه بجائزتي أفضل سيناريو، والاتحاد الدولي للنقاد (الفيبريسي) في الدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا، من إخراج شايتانيا تامهاني، وإنتاج المخرج الحاصل على الأوسكار ألفونسو كوارون، وتدور أحداثه حول شاب هندي يكرّس حياته لتحقيق حلمه بالغناء الهندي الكلاسيكي، ويواجه تحديات صعبة لا ينجح فيها إلا قليلون.
وفي القسم الرسمي خارج المسابقة للدورة الـ42، يشارك الفيلم الألماني الفرنسي «أوندين» للمخرج كريستيان بيتزولد، وفازت بطلته باولا بير، بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز أيضاً بجائزة «الفيبريسي»، وتتناول أحداثه قصة حب معاصرة تمتزج بالأساطير من خلال أسلوب شاعري شديد التميز.
ووفق بيان المهرجان، فإن فيلم «موجول موجلي»، يعرض في القسم الرسمي خارج المسابقة بالدورة المقبلة للمهرجان، وهو إنتاج بريطاني - أميركي، يتتبع الفيلم رحلة مغني راب بريطاني من أصول باكستانية، يداهمه المرض أثناء تحضيره لأولى جولاته العالمية؛ مما يؤثر على كل خططه.
ومن الأفلام المهمة التي يعرضها المهرجان أيضاً، فيلم «المنفى» إنتاج مشترك بين ألمانيا وبلجيكا وكوسوفو، وإخراج فيسار مورينا، وهو الفيلم الحاصل على جائزة «قلب سراييفو»، أرفع جوائز مهرجان سراييفو، وتدور أحداثه عن مهندس من كوسوفو يعيش مع زوجته الألمانية في ألمانيا ويشعر بأنه عرضة للتنمر والتجاهل من زملائه ومن أسرته؛ مما يجعله في أزمة حقيقية في التعايش مع المحيطين به، ويعرضه المهرجان في قسم البانوراما الدولية.
كما يُعرض أيضاً الفيلم البريطاني «التيه» أحد أبرز الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي، والذي شهد مهرجان تورونتو عرضه الأول، قبل أن يحصل على جائزة لجنة تحكيم الشباب في الدورة الأخيرة لمهرجان سان سباستيان، في حين يعود المخرج إيفان ي. تفيردوفسكي، للمشاركة في مهرجان القاهرة بأحدث أفلامه «المؤتمر» الذي يُنافس في المسابقة الدولية، وذلك بعد عامين على عرض فيلمه السابق «محتال» في الدورة الـ40 عام 2018.
وفي المسابقة الدولية أيضاً يشارك أحد أبرز الأفلام العربية هذا العام؛ «غزة مونامور» من إنتاج فلسطين وفرنسا وألمانيا والبرتغال، وإخراج الأخوين عرب وطرزان ناصر، والذي كان عرضه الأول في مسابقة «آفاق» في مهرجان فينيسيا، قبل أن يحصل على جائزة NETPAC كأفضل فيلم آسيوي في مهرجان تورونتو، وتدور أحداثه عن رجل مسنّ وحيد يقع في حب خياطة ويحاول الاعتراف لها بحبه، في الوقت الذي يكتشف فيه تمثالاً أثرياً سيغير من مجرى حياته.
كما يعرض المهرجان الفيلم المكسيكي - الفرنسي «نظام جديد» الفائز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان فينيسيا. وتدور أحداثه في حفل زفاف لأفراد ينتمون إلى الطبقة الثرية من المجتمع المكسيكي، لكن الحفل يتوقف نتيجة وصول ضيوف غير متوقعين، وفي قسم البانوراما الدولية لمهرجان القاهرة، يُعرض فيلم «التفاح» من إنتاج اليونان وبولندا وسلوفينيا، وإخراج خريستوس نيكو.
وأعلن المهرجان في وقت سابق منح الكاتب والسيناريست المصري الكبير وحيد حامد جائزة الهرم الذهبي؛ تقديراً لمشواره الفني، كما أعلن عن دعم 15 مشروعاً روائياً ووثائقياً من 12 دولة عربية ضمن منصة «أيام القاهرة لصناعة السينما»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».