حوار بوزنيقة الليبي يوحّد الرؤى حول المناصب السيادية السبعة

بوريطة: الاتفاق سيمهد الطريق لفتح باب التفاوض في ملفات أخرى

طرفا النزاع الليبي في ختام الجولة الثانية من حوار بوزنيقة بالمغرب أمس (الشرق الأوسط)
طرفا النزاع الليبي في ختام الجولة الثانية من حوار بوزنيقة بالمغرب أمس (الشرق الأوسط)
TT

حوار بوزنيقة الليبي يوحّد الرؤى حول المناصب السيادية السبعة

طرفا النزاع الليبي في ختام الجولة الثانية من حوار بوزنيقة بالمغرب أمس (الشرق الأوسط)
طرفا النزاع الليبي في ختام الجولة الثانية من حوار بوزنيقة بالمغرب أمس (الشرق الأوسط)

قال ممثلو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب (برلمان طبرق)، أمس، في ختام الجولة الثانية من الحوار الليبي الذي احتضنه منتجع مدينة بوزنيقة المغربية (جنوب الرباط)، والذي انطلقت فعالياته ليلة الجمعة، إن «حوار بوزنيقة 2» نتج عنه توحيد الرؤى بخصوص المعايير المتعلقة بالمناصب السيادية السبعة، وذلك في إشارة منهم إلى تحقيق «اختراقات مهمة» لجهة الحسم في هذه المسألة.
وأوضح طرفا الأزمة الليبية، أمس، في كلمة مشتركة خلال المؤتمر الصحافي، الذي حضره ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، وشاركت فيه عن بعد، ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، إن التدهور الخطير والمقلق في المؤسسات الرئيسة بالبلاد، السيادية منها والخدمية، فرض على المجلسين بذل جهود استثنائية للوصول إلى توافقات من خلال توحيد المؤسسات المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي، الموقع في الصخيرات في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، مشيرين إلى أن وفد مجلسي «النواب» و«الدولة» توصلا في الجولة الأولى من حوار بوزنيقة، الذي عقد الشهر الماضي، إلى تفاهمات مهمة حول آليات توحيد المؤسسات السيادية، وأن هناك إصراراً على استكمال العمل في موضوع المعايير التي جرت مناقشتها في أقرب الآجال.
كما أشار أعضاء الوفدين إلى أن «حوار بوزنيقة 2» مرّ في جو إيجابي، وتميز بروح التفاؤل، ما نتج عنه توحيد الرؤى بخصوص المعايير المتعلقة بالمناصب السيادية السبعة. وقالوا بهذا الخصوص: «لقد حاول أعضاء المجلسين من خلال لجان الحوار المختلفة الاضطلاع بمسؤولياتهم الوطنية والقانونية، التي حددها الإعلان الدستوري واتفاق الصخيرات، لكن استمرار الانقسام السياسي والتدخلات الخارجية السلبية، ومحاولات التعطيل من هنا وهناك، استنزفت كثيراً من الوقت والجهد، وأضاعت كثيراً من الفرص».
وشكر ممثلو المجلسين الأطراف الدولية المنخرطة في مسار برلين، وتلك التي شاركت أمس في اجتماع حول ليبيا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك للجهود المبذولة لوضع رؤية شاملة لإنهاء الأزمة الليبية، مذكرين إياهم بالتزاماتهم السابقة، خاصة ما جاء في الفقرتين 37 و38 من مخرجات اجتماع «برلين 1»، ودعوهم إلى دعم مسار بوزنيقة الذي حقق نتائج إيجابية.
وحسب مضمون تصريحات ممثلي المجلسين خلال المؤتمر الصحافي، يتبين أنه جرى الاتفاق على معظم الحيثيات والنقط العالقة من مشاورات «بوزنيقة 1» بشأن المادة 15 من اتفاق الصخيرات، إذ تم التوافق على آليات ومعايير التنصيب والتعيين بالمناصب السيادية، وأيضاً بشأن المناطق والمدن التي ستحتضن هذه المؤسسات السيادية.
في سياق ذلك، قال وزير خارجية المغرب مخاطباً طرفي الأزمة الليبية: «ما دمتم تتقدمون فستظهر صعوبات».
وأضاف بوريطة: «أنتم على وشك إنهاء وتثبيت اتفاق تاريخي مهم، وتوقيع الاتفاق الذي سيتوج الحوار الليبي في بوزنيقة في القريب العاجل». مذكراً بأن التوصل لتفاهمات مهمة جداً بشأن كل المناصب السيادية «سيمهد الطريق لفتح باب التفاوض حول ملفات أخرى»، وذلك في إشارة ضمنية إلى أن جولة ثالثة للحوار الليبي في طريقها إلى الانعقاد.
وشدد بوريطة على أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يدعم الجهود والمشاورات الهادفة إلى توفير جو إيجابي، وأنه ينسق مع الأمم المتحدة في هذا الإطار، من دون تدخل أو تأثير. وقال في هذا السياق إن بلاده «تدعم الحوار الليبي - الليبي وليس الحوارات حول ليبيا»، وذلك للتأكيد على أن الحوار الليبي - الليبي يبقى هو الأساس، بينما تبقى الحوارات حول ليبيا مكملة، وإشارة أيضاً إلى مؤتمر برلين، الذي قالت بعض المصادر إن المغرب رفض المشاركة فيه لأنه لم يجرِ التنسيق معه بشكل مبكر، ولم توجه له الدعوة كفاعل أساسي في الحوار الليبي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.