أفلام الخيال العلمي «العودة إلى المستقبل».. تنبؤات تحققت وأخرى لن ترى النور قريبا

الممثل مارتي ماكفلاي يعود في شخصية خيالية لمنع أنجاله من دخول السجن

لقطة من فليم «العودة إلى المستقبل»
لقطة من فليم «العودة إلى المستقبل»
TT

أفلام الخيال العلمي «العودة إلى المستقبل».. تنبؤات تحققت وأخرى لن ترى النور قريبا

لقطة من فليم «العودة إلى المستقبل»
لقطة من فليم «العودة إلى المستقبل»

سيعود في21 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015 مارتي ماكفلاي وهو شخصية خيالية في ثلاثية أفلام الخيال العلمي «العودة إلى المستقبل» التي أنتج الجزء الأول منها عام 1985، إلى الظهور في مدينة هيل فالي الخيالية ليمثل دور ابنه لمنع أنجاله من دخول السجن.
وأحداث الجزء الثاني من فيلم «العودة للمستقبل» مألوفة لجميع محبي الفيلم، كما أن كثيرا من التنبؤات التي قدمها المخرج روبرت زيميكس وكاتب السيناريو بوب جيل معروفة، حيث حاولا التنبؤ عند إخراج ذلك الجزء عام 1988 بالشكل الذي ستكون عليه الحياة عام 2015.
والسؤال الآن هو كم عدد التنبؤات التي جاءت في هذا الجزء وتحققت في الواقع؟.على الرغم من أنه ما زال هناك وقت على انتهاء عام 2015 إلا أن الزلاقة الطائرة التي استخدمها بطل الفيلم مارتي ماكفلاي والذي قام بدوره الممثل الشاب مايكل فوكس لم توجد بعد على أرض الواقع، ومع ذلك ابتكر الفنان الفرنسي نيل جواداجنين زلاقة تسبح في الهواء من خلال خلق مجال كهرومغناطيسي ونظام يعمل بالليزر لإحداث التوازن بها، فهو يوازن الأقطاب المغناطيسية ليحافظ على ارتفاع الزلاقة عن الأرض تحت الضغط الذي تتعرض له، والمشكلة في هذا الاختراع الحديث هو أنه لا يعمل إذا وقفت فوقه.
ومع ذلك يبقى هذا الاختراع بمثابة خطوة مهمة تختلف عن النظام الموجود في الزلاقة التي ظهرت في الجزء الثاني من فيلم «العودة إلى المستقبل»، وهذا الاختراع من إنتاج شركة «ماتل» الأميركية لصناعة ألعاب الأطفال، وهو مجرد زلاقة لا تطير.
ولا توجد حتى الآن بالتأكيد أي علامة على إنتاج وطرح جواكيت تتناسب آليا مع جسم الإنسان، أو أحذية تدريب تتواءم آليا مع القدمين، وقد طرحت شركة «نايكي» مجموعة محدودة من حذاء «هايبردانكس» الذي كان يرتديه مارتي في الفيلم، وقال مصمم الشركة تينكر هاتفيلد في وقت سابق من العام الحالي إنه يحب أن يرى مثل هذه الأحذية في 2015. ولا يبدو أنه ستتم مشاهدة السيارات الطائرة أو البيتزا المجففة في المستقبل القريب، غير أنه من المحتمل إنتاج أجهزة استشعار لفتح الأبواب عن طريق بصمة الإصبع، وبالإضافة إلى ذلك يبدو أن الجمهور الذي يحب الذهاب إلى دور السينما أصبح مولعا بدرجة أكبر بأفلام البعد الثالث وكذلك الأفلام ذات الأجزاء المتتالية، ومع ذلك يجب أن نضيف هنا أن فكرة مشاهدة فيلم «الفك المفترس 19» في دار سينما هولوماكس الرائعة ما زالت خطوة بعيدة المنال.
وقال كاتب السيناريو جيل في مقابلة مع دار نشر «هاسلين بوكس» إنه كان يعلم هو والمخرج روبرت زيميكس أن كل فرد يتنبأ بالمستقبل بشكل غير صحيح، وإنهما كانا يعلمان أنهما سيفعلان ذلك أيضا، وبالتالي كان نهجهما هو مزج المرح بهذه التنبؤات والقيام بأفضل ما يمكنهما من استقراء الاتجاهات والتكنولوجيا التي اعتقدا أنها عام 1988 على درجة كبيرة من الحداثة.
وأضاف: «كنا نعلم أنه لن توجد سيارات طائرة أو زلاقات تحوم أو أطعمة مجففة، غير أن هذه الأشياء كانت مناسبة، نعم بالطبع أجرينا أبحاثا كثيرة على قدر المستطاع، ولأننا نمارس الترفيه كنا نتابع بالفعل اتجاهات من تكنولوجيا فيديو المنزل، وبالتالي مزجنا بين عناصر معينة لاحظناها وحصلنا على تقدير تقريبي جيد بالنسبة لما نحن عليه الآن من تطور». وعلى سبيل المثال، هناك مشهد في الفيلم يقدم فيه عضو آخر من جمعية الحفاظ على مدينة هيل فالي تابلت لمارتي ليوقع عليه التماسا إلكترونيا، كما تنبأ كل من زيميكس وجيل بشكل دقيق باستحداث الفيديوكونفرانس وشاشات التلفاز الضخمة المعلقة على الجدران وبتعدد القنوات التلفزيونية، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. وعلى النقيض من ذلك، لم تعد أجهزة الفاكس الوسيلة المفضلة للاتصال كما ظهر في الفيلم، كما أن أسطوانات الليزر كان لها أيضا دورة حياة قصيرة.
وفي الوقت الذي انتهى به الحال من إخراج 4 أجزاء من فيلم «الفك المفترس» لا تبدو في الأفق أي فرصة لإنتاج جزء رابع من سلسلة أفلام «العودة إلى المستقبل»، فالممثل كريستوفر لويد الذي لعب دور دوك براون في الفيلم عمره حاليا 76 عاما، بينما يعاني الممثل مايكل فوكس من مرض الشلل الرعاش.
وبدلا من ذلك يعمل كل من زيميكس وجيل على إخراج مسرحية موسيقية تحمل اسم الفيلم ذاته، ومن المتوقع أن يبدأ عرضها في منطقة ويست إيند التجارية والترفيهية بلندن عام 2015.
ومع ذلك يستطيع المعجبون بالفيلم التعبير عن مشاعر التقدير لصانعي الفيلم عن طريق تمضية يوم 21 أكتوبر 2015 (وهو اليوم الذي اخترق فيه مارتي ودوك براون حاجز الزمن المستقبلي في الجزء الثاني من الفيلم) بارتداء الأزياء التي تم التنبؤ بها والتجول وهما يرتديان رابطتي عنق مع إخراج جيوبهما.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».