لم تسلم الجولة التي قام بها وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الأسبوع الماضي، على عدد من دول المغرب العربي ومالطا، من التقييمات التي حاولت قراءة مستقبل الوزير السياسي وأولويات المهام التي تشدد عليها وزارة الدفاع الأميركية في المنطقة. منذ شيوع الخلاف بين إسبر والرئيس دونالد ترمب، بعد رفض الوزير إقحام الجيش في الأحداث الداخلية التي شهدتها بعض المدن الأميركية نهاية الربيع وبداية الصيف الماضي، كان من الواضح أن أيام إسبر باتت معدودة على رأس أكبر قوة عسكرية في العالم.
وبما أنه لا يوجد دخان من دون نار، فقد كان من النادر ألّا تتحقق التكهنات التي تسري في واشنطن، خصوصاً مع الرئيس ترمب الذي لطالما شدد على «الولاء» قبل الحديث عن الاستقلالية، التي حاول بعض الوزراء والمسؤولين ممارستها خلال تنفيذهم لوظائفهم. إسبر وخلافاً لوزير الخارجية مايك بومبيو، الذي قام بجولة مماثلة في الفترة نفسها على الضفة الأخرى من المتوسط، فرض تكتماً أكثر وصخباً أقل على جولته في تونس والجزائر والمغرب ومالطا. لا، بل طلب من الصحافيين بحسب «واشنطن بوست» التكتم على خبر مغادرته ووصوله إلى 3 من محطاته الأربع، علماً بأن المنطقة التي يزورها ليست منطقة حرب.
في المقابل، كان فريق الوزير بومبيو ينشر على الفور وأحياناً بشكل مباشر تنقلاته وخطبه وتغريداته، التي تناولت أيضاً الحملة الانتخابية الجارية في الولايات المتحدة وتأييده المطلق لترمب، في تقاليد غير معهودة في أميركا. لا بل قام بزيارة قاعدة عسكرية في اليونان وتحدث عن نشر سفينة حربية أميركية فيها. بومبيو كان أثار قبل ذلك موجة انتقادات أخرى حتى من بعض كبار المسؤولين الجمهوريين، عندما قام بإلقاء خطاب مباشر من إسرائيل إلى مؤتمر الحزب الجمهوري في أغسطس (آب). واعتبر الأمر تجاوزاً لأن دور وزير الخارجية هو تمثيل مصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وليس إقحامها في التنافس السياسي الداخلي. في المقابل، حافظ إسبر على عدم إثارة كثير من الضوضاء في محاولة منه لإبعاد البنتاغون عن السياسات الانتخابية المثيرة للانقسام، وتقديم أولويات وزارته على الرغم من خلافه مع ترمب.
وفيما شدد إسبر على قادة الدول الأربعة القيام برد موحد على توسع الصين وروسيا في تلك المنطقة، قال مسؤولون إنه سلط الضوء على قدرة تلك الدول على مواجهة التحديات الأمنية في أماكن من بينها ليبيا والساحل. وأضافوا أن الأمر مهم بشكل خاص لخفض القوات الأميركية في أفريقيا وتحريرها لمنافسة روسيا والصين بشكل أفضل. لكن هناك من يرى أن ضعف بصيرته السياسية قد تكلفه موقعه والفشل في حماية الجيش من المنافسة الانتخابية الحامية والمزيد من الأضرار بعلاقته بالرئيس.
إسبر الذي كان من المتحالفين تماماً مع ترمب في معظم القضايا السياسية الرئيسية، ظهرت التوترات بينهما في يونيو (حزيران) الماضي، عندما خالف الوزير بشكل علني رغبة ترمب في استخدام الجيش لوقف الاحتجاجات بشأن العنصرية ووحشية الشرطة التي شهدتها البلاد. ودافع عن إزالة رموز الكونفدرالية من المؤسسات والقواعد العسكرية، ودعم ترقية ضابط مرتبط بملف عزل الرئيس الذي صوت عليه مجلس النواب في يناير (كانون الثاني) الماضي. ولم يخف ترمب خيبة أمله من إسبر وسخر منه علناً، فيما تكهن مسؤولون الشهر الماضي، أن الرئيس فكر فعلاً في إقالته منذ يونيو (حزيران)، لكنه قرر ترك الأمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
فوز ترمب بولاية جديدة قد يطيح إسبر من قيادة البنتاغون
فوز ترمب بولاية جديدة قد يطيح إسبر من قيادة البنتاغون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة