الرباط تقترح على واشنطن مشاريع مشتركة للاستثمار في صناعة الدفاع

توقيع اتفاقية تعاون عسكري تمتد لعشر سنوات

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة خلال استقباله وزير الدفاع الأميركي في الرباط أمس (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة خلال استقباله وزير الدفاع الأميركي في الرباط أمس (أ.ف.ب)
TT

الرباط تقترح على واشنطن مشاريع مشتركة للاستثمار في صناعة الدفاع

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة خلال استقباله وزير الدفاع الأميركي في الرباط أمس (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة خلال استقباله وزير الدفاع الأميركي في الرباط أمس (أ.ف.ب)

في حين وقع المغرب والولايات المتحدة، أمس، في الرباط، اتفاقية خريطة طريق للتعاون العسكري بين البلدين (2020-2030)، اقترحت الرباط على واشنطن تعزيز التعاون العسكري معها من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.
وجرى التوقيع على الاتفاقية من طرف عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني المغربي، ومارك إسبر، وزير الدفاع الأميركي، بحضور وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة.
كان إسبر قد حل بالمغرب مساء أول من أمس، في ختام جولة مغاربية قادته إلى تونس والجزائر.
وتروم الاتفاقية إلى تقوية الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، وترسيخ العلاقات الدائمة. وقالت مصادر دبلوماسية في الرباط لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاقية تهدف أيضاً إلى دعم المؤسسات العسكرية في البلدين للتأهب في جميع الاحتمالات، ومحاربة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، ودعم الاستقرار والأمن، خاصة في أفريقيا، وحفظ السلام من خلال عمليات مشتركة، وحماية الحدود، ومحاربة التهريب، وحماية الأمن الجهوي في المنطقة ككل، وضمان حرية الملاحة، إلى جانب التعاون بين المؤسستين العسكريتين بالبلدين في مجال التكوين والتدريب. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الطرفين اتفقا أيضاً على تشكيل لجنة ستشرف على تنفيذ هذه الاتفاقية.
وفي سياق ذلك، قال وزير خارجية المغرب إن زيارة وزير الدفاع الأميركي للرباط تحمل في طياتها عدة معاني، مشيراً إلى أنها تعد الأولى لوزير دفاع في إدارة الرئيس دونالد ترمب، والثالثة من نوعها لوزير دفاع أميركي، خلال العشريتين الماضيتين. كما أشار إلى أن توقيع اتفاقية التعاون في مجال الدفاع بين البلدين «يأتي في وقت تتنامى فيه التهديدات، وتتطور فيه التحديات». وزاد موضحاً: «هذه الاتفاقية تعكس بالبنط العريض الزعامة الاستباقية لأمتينا الساعيتين إلى الترويج لعالم آمن».
وذكر بوريطة أن أميركا والمغرب يجمعهما تحالف طويل الأمد، يشمل مجالات مختلفة، لا سيما مجال محاربة التهديدات الإرهابية الدولية، والتحديات الأمنية المشتركة، مشيراً إلى الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وإلى أن المغرب يعد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في إطار جهوده المبذولة لدعم مكافحة الإرهاب، ثم احتضان المغرب للمناورات العسكرية المعروفة باسم «الأسد الأفريقي»، وهي أكبر مناورات عسكرية في القارة الأفريقية، وتقام بشكل مشترك بين القوات المسلحة الملكية والقوات الأميركية.
ومن جهته، أشاد وزير الدفاع الأميركي بالعلاقات القوية بين الرباط وبلاده، وقال إن الشراكة بينهما تمتد لأكثر من 200 سنة، مشيراً إلى أن المملكة المغربية هي أول بلد في العالم اعترف باستقلال الولايات المتحدة.
وأثنى إسبر على التعاون العسكري بين البلدين، معتبراً المغرب شريكاً أساسياً في محاربة الإرهاب والتحديات الأمنية، وتعزيز الاستقرار والازدهار بالمنطقة، وأن الاتفاق العسكري الموقع بين البلدين سيفتح الباب للتعاون المغربي - الأميركي على مستوى البلدان الأفريقية. كما أشار بدوره إلى مناورات «الأسد الأفريقي» التي قال إن بلدان أفريقية كثيرة تستفيد منها.
وشمل برنامج زيارات إسبر للرباط لقاء المفتش العام للقوات المسلحة المغربية الفريق أول عبد الفتاح الوراق، والوزير المنتدب المكلف الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، إضافة إلى وزير الخارجية.
وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية أن لوديي استقبل، أمس، بالرباط، وزير الدفاع الأميركي، مبرزاً أن المسؤولين المغربي والأميركي أجريا محادثات تناولت مختلف أوجه التعاون الثنائي في مجال الدفاع الوطني، وآفاق تطويرها.
واتفق المسؤولان -يضيف البيان- بشأن تعاون عسكري بين القوات المسلحة للبلدين، يتمحور حول توطيد الأهداف الأمنية المشتركة، خاصة تحسين درجة الاستعداد العسكري، وتعزيز الكفاءات، وتطوير قابلية التشغيل البيني للقوات.
وخلال اللقاء، أبرز لوديي الاستراتيجية متعددة الأبعاد التي يعتمدها المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، في مجال مكافحة الإرهاب، والتدبير الإنساني لأزمة الهجرة، مؤكداً الدور الذي يضطلع به المغرب بصفته فاعلاً في الاستقرار الإقليمي بمنطقتي الساحل والمتوسط، لا سيما الجهود التي تبذلها المملكة في إطار التعاون جنوب - جنوب من أجل التنمية الاقتصادية، وتعزيز قدرات القوات العسكرية لدى كثير من البلدان الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بالتدريب وتبادل الخبرات.
واقترح لوديي تعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع، من أجل التحفيز على نقل التكنولوجيا، والبناء التدريجي للاستقلالية الاستراتيجية للمملكة في هذا المجال.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الوراق استقبل أيضاً وزير الدفاع الأميركي. وجرت المحادثات بحضور سفير الولايات المتحدة لدى الرباط ديفيد فيشر، والملحق العسكري في السفارة الأميركية بالرباط، وتناولت حصيلة التعاون العسكري الثنائي.
ويشمل هذا التعاون تنظيم التدريبات المشتركة، وتبادل الزيارات، والمشاركة في مختلف التمارين والدورات التكوينية. وأكد الطرفان إرادتهما المشتركة في تطوير علاقات التعاون العريقة بين القوات المسلحة للبلدين بروح الصداقة نفسها والثقة المتبادلة.
والتزم الجانبان، من جهة أخرى، بالعمل على تتبع أشغال اللجنة الاستشارية للدفاع بين المغرب والولايات المتحدة، لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.