«تجمع الأحرار» المغربي يعقد مجلسه على وقع خلافات

TT

«تجمع الأحرار» المغربي يعقد مجلسه على وقع خلافات

يعقد حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي، أحد أبرز مكونات الغالبية الحكومية، اجتماعا لمجلسه الوطني (أعلى هيئة تقريرية) اليوم باستعمال تقنية التواصل عن بعد، وذلك على إيقاع خلافات طفت إلى السطح داخل قيادته.
ووقع محمد عبو، الوزير السابق والقيادي في الحزب، عريضة رفقة 18 شخصية من الحزب في جهة فاس - مكناس، موجهة إلى رئيس الحزب عزيز أخنوش، يطالبون فيها بتأجيل الاجتماع، موجهين انتقادات لطريقة تدبير الحزب. كما وجه محمد بن الطالب، وهو قيادي بارز في الحزب، رسالة مماثلة إلى رئيس الحزب، يعلن فيها رفضه حضور اجتماع المجلس، موجها عدة انتقادات، من قبيل عدم توصله بوثائق تهم موازنة الحزب، المعروضة للمصادقة على المجلس الوطني، وأوضح أنه لن يشارك في «عملية الإقصاء الممنهجة لدور المؤسسات عن وظيفتها واختصاصها والتزاماتها»، منتقدا جعل المجلس الوطني للحزب «موضع لقاء وخطاب وتصفيق وإجماع»، لأن ذلك يعد «عملا شائنا في حق الأعضاء، وخرقا لنصوص القانون وروح دستور المملكة»، وجاء في رسالة بن الطالب: «أمنع عن نفسي المشاركة في مؤامرة الصمت».
أما الرسالة التي وجهها مجموعة من أعضاء المجلس الوطني، وأبرزهم الوزير السابق محمد عبو، فتطالب بتأجيل دورة المجلس الوطني حتى يتم «استدراك» عدد من القضايا التي يطرحونها، وإلا فإنهم سيكونون «مضطرين لمقاطعة» دورة المجلس، و«اتخاذ ما هو مناسب قانونيا لإعادة مسار الحزب للسكة الصحيحة».
واشتكى الموقعون من «الإقصاء والتهميش»، معبرين عن انشغالهم لما آل إليه وضع الحزب. كما انتقدوا عدم انتظام عقد اجتماعات المجلس الوطني بشكل دوري، لأن آخر دورة للمجلس الوطني عقدت في 27 يناير (كانون الثاني) 2019، واحتجوا على عدم تمكين المجلس من ممارسة اختصاصاته، باعتباره أعلى هيئة تقريرية، والعمل على «تبخيس دوره في القضايا المهمة ذات الراهنية» مثل المساهمة في بلورة تصور الحزب بخصوص النموذج التنموي، والمساهمة المؤسساتية في بلورة مذكرة الحزب، ورأيه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وهو ما جعل الموقعين يطالبون بتزويد أعضاء المجلس الوطني بالوثائق المحاسباتية ونشرها في وسائل الإعلام، طبقا للمادة 59 من النظام الأساسي للحزب، حتى يتمكنوا من دراستها والمصادقة عليها.
وتأتي هذه الخلافات في وقت بادرت فيه مجموعة من الغاضبين في الحزب بتأسيس «حركة تصحيحية»، يقودها عبد الرحيم بوعيدة، الذي كان يشغل منصب رئيس جهة «كلميم وا نون»، وهي إحدى الجماعات الترابية في الصحراء، حيث طالبت الحركة بتنظيم مؤتمر لانتخاب رئيس جديد للحزب، ووجهت انتقادات حادة لطريقة تسييره. ورفض قيادي من حزب التجمع الوطني للأحرار، التعليق على هذه الانتقادات، لكنه قال إن هذه المواقف لن تمنع عقد اجتماع المجلس الوطني.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.