متاجر ملابس تعتمد «غُرف قياس افتراضية»

لاجتذاب الزبائن بعد أشهر من الركود بسبب الجائحة

القياس الافتراضي للملابس يقلل نسبة التلف (غيتي)
القياس الافتراضي للملابس يقلل نسبة التلف (غيتي)
TT

متاجر ملابس تعتمد «غُرف قياس افتراضية»

القياس الافتراضي للملابس يقلل نسبة التلف (غيتي)
القياس الافتراضي للملابس يقلل نسبة التلف (غيتي)

أعادت جائحة فيروس «كورونا» تشكيل طريقة التسوق، رغم فتح المتاجر مجدداً بتدابير تحد من التفاعل. ومن بين الطرق الجديدة إغلاق غرف قياس الملابس التي يعتبرها البعض أحد أهم أركان تحقيق المتعة أثناء التسوق، والتوجه نحو القياس الافتراضي، بعدما باتت التدابير الصحية في مقدمة اهتمامات المستهلك بسبب خطورة الجائحة.
مستشارة ومنسقة الأزياء السعودية، روان كتوعة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أدى الوباء بالفعل إلى تغيير سلوك العملاء في كل الصناعات. وإذا أخذنا الأزياء كمثال، فإننا نشهد الآن التحول التكنولوجي الضخم نحو أساسيات الصناعة، بعدما استحوذت غرف القياس على نصيبها من التحول التكنولوجي، لتمكين العملاء من تجربة الملابس افتراضياً، من خلال استخدام بسيط لأحد التطبيقات على هواتفهم، إذ سيسمح التطبيق الآن للمستخدمين بتجربة الملابس افتراضياً، وهم في راحة بمنازلهم أو عبر التسوق الفعلي؛ لكن بأسلوب يضمن الحد من انتشار الفيروس».
وتشير نتائج بعض الأبحاث إلى أن الجمهور جاهز لهضم فكرة الغرف الافتراضية، فحسب تقرير أصدرته شركة أبحاث سوق البيع بالتجزئة (إنسايت فيرست)، في شهر مايو (أيار) الماضي، وهي شركة أميركية مقرها بنسلفانيا،، فإن 65 في المائة من النساء لا يشعرن بالأمان عند تجربة الملابس في غرف التبديل الفعلية، و78 في المائة قلقات من اختبار منتجات التجميل مباشرة.
انعكس ذلك أيضاً على ظهور شركات رائدة توفر خدمات القياس الافتراضي، على غرار شركة «فيت ماتش» في شيكاغو الأميركية التي تقوم بتصوير المشترك صورة دقيقة، وإدخال جميع البيانات الخاصة بمقاسات جسمه على ملف محفوظ باسمه، وتستخدم هذه البيانات لاختيار المقاس المناسب ضمن تشكيلات أكثر من 50 علامة تجارية، منها العلامة الرياضية «أندر أرمر» وعلامة «تيد بيكر». كما ظهرت تطبيقات مثل «ثري دي» و«فيت أناليستيك» و«ترو فيت» تعتمد على نموذج ثلاثي الأبعاد للمستخدم، يسمح له بتحديد مقاساته بشكل دقيق، كذلك تقدم هذه التطبيقات توصيات ترشد المستخدم إلى المقاس المناسب، سواء في الملابس أو الأحذية.
الدكتورة إيناس أحمد إسماعيل، خبيرة إدارة الأعمال بمصر، تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن تقنية الغرف الافتراضية ليست فكرة جديدة؛ وإنها تعود إلى عام 2010؛ لكن الفيروس التاجي حوَّل هذه التجارب إلى واقع إلزامي، وعزز وجود هذه التقنيات أن جيل الألفية المستهلك للإنترنت أصبحت له قدرة شرائية مباشرة تمكنه من اتخاذ القرار من دون الرجوع للأهل، حتى الفئات العمرية المتقدمة أصبحت تستخدم تقنيات الهاتف الذكي على نحو أفضل بسبب «كورونا».
ولكن هل هذه التجربة الافتراضية ستفقد التسوق متعته؟ تقول روان كتوعة: «لمس الأقمشة شغف عند محبي الموضة، فالتسوق وتجربة الملابس رحلة ممتعة كاملة. ومع ذلك، أعتقد أن غرف القياس الافتراضية ربما تكون تجربة مثيرة للاهتمام أيضاً».
وتوضح كتوعة: «معظم العملاء أثناء التسوق يبحثون عن تجربة ممتعة ومريحة، وهو ما قد لا يتحقق في بعض الأحيان بسبب عدم توفير غرف مجهزة، أو بسبب الازدحام الشديد، هنا يسارع العميل للخروج من المتجر حتى من دون شراء ما يريده، وهو ما ستعالجه غرف القياس الافتراضية».
بينما ترى إسماعيل أن «العالم الافتراضي بتقنياته الحديثة لا يفتقر إلى النشاط التفاعلي؛ إذ يتم تطويع التكنولوجيا لاستحضار الواقع بجميع تفاصيله، ليصبح بين أيدي المستهلك بلمسة زر».
ووفق تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، في يونيو (حزيران) الماضي، فإن 40 في المائة من سبب استرجاع الملابس على المتاجر الإلكترونية والحجرية يعود إلى مشكلات تتعلق بتحديد المقاس المناسب، ما يشير إلى أن غرف القياس الافتراضية ربما تحل جزءاً كبيراً من مشكلات متاجر الأزياء، حتى بعد انقضاء الوباء.
من جانبه، رهن ممدوح الخولي، المدير العام وعضو مجلس إدارة شركة «أبتكوم» لتطوير البرمجيات، نجاح هذه التطبيقات بمدى دقتها في تحديد المقاسات، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «العبرة في تمرير مثل هذه التطبيقات تكمن في تقديم خدمة عالية الجودة، من حيث دقة المقاسات، والألوان، والسرعة، ومرونة سياسة التبديل والاسترجاع، فضلاً عن حجم التعاقدات التي يوفرها التطبيق؛ سواء مع علامات بارزة أو مع كيانات اقتصادية أخرى توفر تسهيلات وعروضاً».
وتسترشد إسماعيل في هذا الصدد بدراسة أجريت عام 2013 بجامعة «عين شمس» المصرية. توصلت إلى أن «التلفيَّات» التي يتكبدها المتجر بفعل الاسترجاع أو القياس المباشر ستنخفض بنسبة 20 في المائة قابلة للارتفاع طردياً، مع تحسين خدمة الغرف الافتراضية.


مقالات ذات صلة

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)