زعماء العالم يعلنون تصميمهم على حماية البيئة

انعقاد أول قمة «تنوع بيولوجي» من نوعها... وغوتيريش يحذّر

غوتيريش
غوتيريش
TT

زعماء العالم يعلنون تصميمهم على حماية البيئة

غوتيريش
غوتيريش

تعهد زعماء العالم، في قمة هي الأولى من نوعها حول التنوع البيولوجي نظمتها الأمم المتحدة، زيادة التصميم على حماية البيئة وما فيها من أحياء، إدراكاً منهم بالآثار الكبيرة للتدهور المستمر للنظم الطبيعية في العالم على حياة الناس وسبل عيشهم في كل مكان.
وأفادت الأمم المتحدة بأن البشرية تفقد كل عام 13 مليون فدان من الغابات، فيما يُعرض مليون نوع من الأجناس لخطر الانقراض. وأوضحت أنه في الأعوام الخمسين الماضية، انخفضت نسبة الفقاريات بنسبة 68 في المائة وأكثر من 60 في المائة من الشعاب المرجانية معرّضة للخطر بسبب الصيد الجائر والممارسات المدمرة. وتنعقد القمة هذا العام تزامنا مع جائحة «كوفيد - 19» التي تؤثر على اقتصادات ومجتمعات الدول. ويشير الخبراء إلى أن 60 في المائة من كل الأمراض المعروفة، و75 في المائة من الأمراض المعدية الجديدة هي حيوانية المصدر، تنتقل من الحيوانات للبشر.
وأثر تعهد شهد التزام 74 دولة بالحفاظ على التنوع البيولوجي وتوجيه «إشارة موحدة لزيادة الطموح العالمي للتنوع البيولوجي والالتزام بمطابقة طموحنا الجماعي للطبيعة والمناخ والناس مع حجم الأزمة المطروحة»، وشارك في القمة التي عقدت عبر الفيديو 150 بلداً، وتحدث فيها 72 من رؤساء الدول والحكومات، في محاولة لبناء زخم سياسي في اتجاه إصدار إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020، يرتقب اعتماده خلال قمة «كوب 15» في مدينة كونمينغ الصينية العام المقبل.
وفي كلمته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن «البشرية تشن حرباً على الطبيعة»، وأضاف أن إزالة الغابات وتغيّر المناخ وتحويل المناطق البرية لإنتاج الغذاء البشري كل ذلك يؤدي إلى تدمير شبكة الحياة على الأرض. وذكر بأن البشر «جزء من تلك الشبكة الهشة - ونريدها أن تكون بصحة جيّدة حتى نتمكن نحن والأجيال القادمة من الازدهار». وأشار إلى أن الطبيعة مرنة، ويمكن أن تتعافى «إذا خففنا من اعتداءاتنا المتواصلة» عليها. وشدد على أن «تدهور الطبيعة ليس مجرد قضية بيئية. يمتد ليشمل الاقتصاد والصحة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. يمكن أن يؤدي إهمال مواردنا الثمينة إلى تفاقم التوترات والصراعات الجيوسياسية».
وقال رئيس الجمعية العامة فولكان بوزكير إنه «يمكن للتعافي الأخضر، مع التركيز على حماية التنوع البيولوجي، معالجة هذه المخاوف، والتخفيف من المخاطر، وبناء عالم أكثر استدامة ومرونة. يمكن أن يساعد القيام بذلك على إطلاق ما يقدر بنحو 10 تريليونات دولار من الفرص التجارية، وخلق 395 مليون وظيفة بحلول عام 2030 وتشجيع اقتصاد أكثر اخضراراً».
وتحدث الأمير تشارلز الذي دعا الى «خطة مارشال» جديدة أو خطة من أجل «التعافي الأزرق والأخضر».
وتبعه ممثلون عن السكان الأصليين بصفتهم مدافعين عن التنوع البيولوجي، فأكدوا «الحاجة إلى السماح للسكان الأصليين باستخدام معارفهم التقليدية للحفاظ على الطبيعة وحمايتها وإدارتها».
ورأت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن أن القمة أظهرت رغبة أكبر في العمل. وقالت: «شهدنا اليوم التزاماً هائلاً بالعمل والاستثمار ودفع العمل من أجل عالم إيجابي الطبيعة»، مضيفة «نحن نشهد نهجا يشمل الحكومة بأسرها والمجتمع ككل لنقل المحادثات حول التنوع البيولوجي، إلى ما وراء ممرات البيئة. إننا نشهد زخما قويا نحو إبرام اتفاقية طموحة وقابلة للقياس». ولاحظت أنه «بينما نتصدى لثلاث أزمات كوكبية - أزمة الطبيعة، وأزمة التنوع البيولوجي، وأزمة التلوث والنفايات - فإن مثل هذه الاتفاقية ضرورية لعكس الضرر الذي حدث بالفعل، وفي الواقع لمعالجة المخاطر التي تنتظرنا».
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آخيم شتاينر إن «هذه القمة لها علاقة بالناس بقدر ما تتعلق بالطبيعة. يتعلق الأمر باعتماد الناس على الطبيعة، وعدم قدرة الناس على رؤية تعقيد الطبيعة، وعمى الناس، وأحيانا الجشع والجهل، والنقطة العمياء للاقتصادات والاقتصاد لفترة طويلة للتعرف على قيمة خدمات النظام البيئي». وأضاف «وصلنا إلى نقطة في التاريخ حيث يوجد وعي متزايد بأن العمل بشأن التنوع البيولوجي مرتبط بصورة وثيقة بالتنمية البشرية الأوسع من خلال أهداف التنمية المستدامة وخطة عام 2030».
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن «حماية التنوع البيولوجي هي حماية النظم الإيكولوجية». وأضاف «لا أعتقد أن حق أي كائن حي آخر أعلى من حقوق الإنسان»، معلناً أنه «لا يؤمن بفاعلية الحفاظ على حقوق الإنسان من دون الحفاظ على النظم البيئية التي نعيش فيها. بالنسبة لي، هذا هو الأساس الفلسفي والأخلاقي لهذه المعركة من أجل التنوع البيولوجي. وهذا هو السبب في أن هذا التحدي الجديد يجب أن يكون مناسبة لصحوة جماعية».
وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتحول في الاتجاه العالمي في مجال حماية الطبيعة؛ نظراً للتهديد الشديد الذي يواجهه التنوع البيولوجي. وأكدت أن « كل الدول» يتعين عليها تعزيز تدابير الحماية الخاصة بها. وقالت إن بلادها «تعمل على توفير تمويل ثابت لتدابير الحماية الخاصة بنا، ونحن نخصص بالفعل منذ عدة سنوات 500 مليون يورو سنويا للحماية العالمية للتنوع البيولوجي».
وحذر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن «فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظام الإيكولوجي يمثلان خطراً كبيراً على البقاء البشري والتنمية البشرية». وشدد على «التمسك بالتعددية»، مضيفاً أن الأحادية «لا تحظى بأي دعم». وشدد على أهمية التمسك بمبدأ «مسؤوليات مشتركة لكن مختلفة»، متعهداً أن تتبنى الصين سياسات وإجراءات أكثر قوة بشأن حماية البيئة.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده «وضعت نظماً فعالة» لصون الطبيعة والبيئة المحيطة بها، لا سيّما نهر النيل «الذي يمثل شريان الحياة لحضارة تجسدت فيها الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية».
وحذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية من الخطر الناجم عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن دولة فلسطين قامت بتحديد استراتيجية لصون التنوع البيولوجي الوطني تتفق مع اتفاقية التنوع البيولوجي.
وأوضح وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم أن الموقع الجغرافي والمساحة الكبيرة للجزائر جعل منها بلدا يزخر بالعديد من النظم البيئية المتكونة من 16 ألف نوع (كائن) حيواني وزراعي منها ما يقارب 700 نوع موطّن و226 نوعا مهددا بالانقراض.
وألقى وزير التغيّر المناخي والبيئة الإماراتي عبد الله النعيمي كلمة قال فيها إن «الاهتمام الأكبر ينصب على إعادة التعافي الاقتصادي من تبعات جائحة (كوفيد - 19)، إلا أن تنامي معدلات فقد النباتات والحيوانات ووجود ما يقارب مليون نوع مهدد بالانقراض ينذر بأزمة مستقبلية تتطلب وضع الاهتمام بالبيئة والتنوع البيولوجي في مقدمة أولوياتنا». وأشار إلى أنه على مدى خمسة عقود، كثفت الإمارات من جهودها لحماية البيئة عبر منظومة متكاملة تشمل إقرار بنية تشريعية للحفاظ على الموارد الطبيعية وتضمن إشراك كافة مكونات المجتمع.


مقالات ذات صلة

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة أنثى «الحوت القاتل» الشهيرة «أوركا» أنجبت مجدداً

«أوركا» تنجب مجدداً... والعلماء قلقون

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن أنثى الحوت القاتل (التي يُطلق عليها اسم أوركا)، التي اشتهرت بحملها صغيرها نافقاً لأكثر من 1000 ميل في عام 2018 قد أنجبت أنثى

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟