مناورات بحرية مصرية ـ فرنسية لـ«دعم الأمن في المتوسط»

شكري يرفض التدخلات التركية في الشأن المصري... ويستغرب «دعوات للتقارب»

مناورة بحرية مصرية - فرنسية في البحر المتوسط (صفحة المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
مناورة بحرية مصرية - فرنسية في البحر المتوسط (صفحة المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
TT

مناورات بحرية مصرية ـ فرنسية لـ«دعم الأمن في المتوسط»

مناورة بحرية مصرية - فرنسية في البحر المتوسط (صفحة المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
مناورة بحرية مصرية - فرنسية في البحر المتوسط (صفحة المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)

أبدى وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، استغرابه من دعوات تركية «متكررة» للتقارب مع بلاده، واصفا إيها بـ«المتناقضة»، في ظل ما تحتضنه أنقرة من «تنظيمات إرهابية تعمل على زعزعة الاستقرار في مصر... ووجود عسكري في دول عربية دون أي سند شرعي».
وطالب شكري المسؤولين الأتراك بالكف عن التدخلات في شؤون بلاده، وادعاء تقديم النصائح في أسلوب إدارة مصر لعلاقاتها الدولية، مؤكدا أن على أنقرة «الالتفات لمصالح الشعب التركي، وترك من لديه المسؤولية (في مصر) لأن يتصرف بشكل كامل».
وتوترت العلاقات بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، ورفض تركيا الاعتراف بالنظام الحالي، مع احتضانها قادة جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة» في مصر. لكن على مدار الأسابيع الأخيرة، تلقت مصر - كما أشار مسؤولون أتراك - دعوات لفتح قنوات اتصال مع تركيا بغرض «تحسين العلاقات»، كما عرضت أنقرة توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهي دعوات قابلتها مصر بالتجاهل.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المجري بيتر سيارتو، رد شكري على تصريحات مستشار الرئيس التركي بشأن مصر، بأن الاتفاق المصري اليوناني «يضر بمصلحة مصر بشكل واضح، ولا يضر بأي شكل من الأشكال بتركيا».
وقال شكري إن هذه التصريحات المتكررة «مدعاة للاستغراب والتعجب»، مشددا على أن مصر «لن ولم تفرط في حبة رمل واحدة من ترابها الوطني في أي مرحلة... ولم ولن تفرط في نقطة واحدة من مياهها؛ سواء كانت الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية الخالصة لها».
وأوضح شكري أن مصر «عندما تصوغ اتفاقيات فهي تصوغها، ليس لإرضاء طرف أو عدم إرضاء طرف آخر... بل تصوغ اتفاقيات من منظور الالتزام بالقانون الدولي، والالتزام بما تفرضه القوانين الدولية وقانون البحار، وهي تدخل في علاقات على المستوى الدولي اتصالا بهذه الشرعية، وليس اتصالا بمحاولات اقتناص أو زعزعة استقرار، أو التصرف الأحادي باتخاذ إجراءات خارج نطاق الشرعية... لكن يبدو أن هناك اهتماما كبيرا من قبل بعض المسؤولين (الأتراك) في ابتكار إثارة الحديث عن مصر ومصالح مصر». لافتا إلى «سيل من التصريحات التركية» خلال الأيام الماضية، تتناول «ما يجب أن تفعله مصر، أو ما لا يجب أن تفعله مصر»، مؤكدا أن «هذه التصريحات فيها كثير من التناقض... ففيما يتعلق باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان نرى تصريحاً لهم يتضمن اعتراضا على هذه الاتفاقية، ثم يدلون بتصريح يقولون فيه إن اتفاقية ترسيم الحدود لا تؤثر على المصالح التركية». وتابع الوزير مستغرباً: «فإذا كانت غير مؤثرة... فما هو الاعتراض؟».
وأضاف شكري: «أرجو أن يثق الجميع بأن مصر واعية لمصالحها وقادرة على الدفاع عنها... وكل طرف يجب أن يلتفت إلى ذاته ومصالح شعبه، ويترك لمن يتقلد المسؤولية أن يتصرف بشكل كامل».
في سياق ذلك، تساءل شكري عن التناقض بين دعوات التقارب التركية و«احتضان التنظيمات الإرهابية، التي تعمل على زعزعة الاستقرار في مصر من خلال بث أكاذيب، واحتضان عناصر إرهابية تؤدي إلى محاولة زعزعة استقرار دول المنطقة»، وزاد متسائلا: «ما هي الشرعية التي يتم بناؤها عليها؟! وكذلك الوجود العسكري في دول عربية دون أي سند شرعي».
في السياق ذاته، نفذت القوات البحرية المصرية والفرنسية تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الشمالي بالبحر المتوسط. وبحسب بيان عسكري مصري، أمس، فإن المناورات تستهدف «دعم جهود الأمن البحري والاستقرار»، وسط توترات بالغة بين دول شرق المتوسط، أججتها اكتشافات حقول غاز ضخمة.
وجرت المناورات البحرية المصرية - الفرنسية بمشاركة الفرقاطة الشبيحة المصرية (تحيا مصر)، والغواصة المصرية الحديثة من طراز (209 - 1400) مع الفرقاطة الفرنسية (LATOUCHE – TREVILLE). كما أشار بيان أمس للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، العميد تامر الرفاعي.
وقال المتحدث إن التدريبات تأتي «في إطار خطة القيادة العامة للقوات المسلحة للارتقاء بمستوى التدريب، وتبادل الخبرات مع القوات المسلحة للدول الشقيقة والصديقة»، حيث تضمن التدريب العديد من الأنشطة التدريبية المختلفة.
كما اشتمل التدريب أيضاً على «محاكاة حماية سفينة ذات أهمية خاصة أثناء عبورها منطقة خطرة، وتدريبات على الإجراءات المتخذة بواسطة السفن الحربية للدول المختلفة لحماية المناطق الاقتصادية في أعالي البحار».
وأوضح المتحدث أن التدريبات تأتي في إطار «دعم ركائز التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والفرنسية، والتعرف على أحدث نظم وأساليب القتال؛ بما يساهم في صقل المهارات والخبرات القتالية والعملياتية، ودعم جهود الأمن البحري والاستقرار والسلم في البحر المتوسط».
وفي 17 من يونيو (حزيران) الماضي، نددت باريس بسلوك تركيا «العدواني للغاية» ضد فرقاطة فرنسية، كانت تشارك في مهمة للحلف الأطلسي في البحر المتوسط، خلال سعيها للتعرف على سفينة شحن يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا. ورفضت أنقرة هذه الاتهامات، وانسحبت فرنسا مؤقتاً من عملية الأمن البحري التي يقوم بها الحلف الأطلسي.
وحثت فرنسا وست دول في جنوب الاتحاد الأوروبي تركيا على وقف سياسة «المواجهة»، ملوحة بعقوبات.


مقالات ذات صلة

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

شؤون إقليمية قبرص كشفت في يوليو الماضي عن إنشاء قاعدة جوية أميركية قرب لارنكا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

نددت تركيا بتوقيع الولايات المتحدة اتفاقية خريطة طريق لتعزيز التعاون الدفاعي مع جمهورية قبرص، ورأت أنه يُخلّ بالاستقرار الإقليمي ويُصعِّب حل القضية القبرصية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

أصداء واسعة لزيارة السيسي الأولى لتركيا

تتواصل أصداء الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأنقرة، في وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الاجتماعي في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد حقل «أفروديت» البحري للغاز (أ.ف.ب)

خطة لتطوير حقل الغاز القبرصي «أفروديت» بـ4 مليارات دولار

قالت شركة «نيوميد إنرجي» الإسرائيلية، إن الشركاء بحقل «أفروديت» البحري للغاز الطبيعي، قدموا خطة للحكومة القبرصية لتطوير المشروع بتكلفة تبلغ 4 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية ترقب واسع في تركيا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

استبقت جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة، زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرتقبة لتركيا بمبادرة جديدة للتصالح وطلب العفو من الدولة المصرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)

حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

تضافر عاملان أسهما في تعليق نشاط التنقيب عن النفط والغاز في لبنان؛ تَمثّل الأول في حرب غزة وتداعياتها على جبهة الجنوب، والآخر بنتائج الحفر في «بلوك 9».

نذير رضا (بيروت)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».