«سد النهضة»: القاهرة تتمسك بـ«حقوقها المائية} وأديس أبابا تؤكد «عدالة قضيتها»

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«سد النهضة»: القاهرة تتمسك بـ«حقوقها المائية} وأديس أبابا تؤكد «عدالة قضيتها»

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

جددت مصر تمسكها بـ«حقوقها المائية»، في نزاعها مع إثيوبيا حيال «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يتسبب في تقليص حصتها من المياه، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة. في المقابل كثفت إثيوبيا من نشاط دبلوماسييها حول العالم، في محاولة لـ«كسب تعاطف دولي»، وتخفيف الضغوط عليها.
وبدأت مصر والسودان وإثيوبيا، جولة جديدة من المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، في يوليو (تموز) الماضي، على أمل الوصول إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، غير أن المفاوضات، عُلقت نهاية أغسطس (آب) الماضي، بعد خلافات فنية وقانونية. وأخفقت المفاوضات بين الدول الثلاث على مدار عقد كامل، في الوصول إلى حلول توافقية.
وخلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، مساء أول من أمس، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعب المصري باعتبارها «مسألة أمن قومي». وأكد السيسي، بحسب بيان الرئاسة المصرية، تمسك بلاده بـ«حقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف». ومطلع الأسبوع عبر الرئيس المصري، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن «قلق متصاعد» بشأن المشروع، ورفضه استمرار المفاوضات «إلى ما لا نهاية». وأنجزت إثيوبيا نحو 75 في المائة من عملية بناء السد، التي انطلقت عام 2011، فيما انتهت أديس أبابا في يوليو الماضي من المرحلة الأولى لملء الخزان، تمهيداً لتشغيله. وتنفي إثيوبيا تأثير السد على دولتي المصب، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية) عن سفراء إثيوبيين عزمهم على شرح «الموقف المعقول» لإثيوبيا بشأن السد للعالم وتعزيز مشاركة الجالية حتى استكمال السد الذي سيستمر بشكل منظم.
وقال القنصل العام في ولاية مينيسوتا والغرب الأوسط، عبد العزيز محمد، إن «العمل الشامل مستمر لإبلاغ المجتمع الدولي بأن السد يجري بناؤه وفقاً للقانون الدولي»، مضيفا أن «بناء السد يتم على أساس مبدأ الاستخدام العادل والمنفعة المتبادلة دون إلحاق ضرر كبير بدول المصب». وذكر أنه تم التوصل إلى تفاهم على أن إثيوبيا، الدولة التي تساهم بنسبة 86 في المائة من مياه النيل، تبني السد «بهدف إخراج مواطنيها من الفقر». وأشار السفير عبد العزيز محمد إلى أن «المغتربين أبدوا اهتماماً كبيراً بدعم السد في مجالي التمويل والمعرفة بعد المرحلة الأولى من ملء سد النهضة». وشدد على أنه «سيتم بذل جهود شاملة لتشجيع المغتربين على تعزيز دعمهم وشرح الاستخدامات متعددة الأوجه للسد». واعتبر وزير الدولة الإثيوبية للشؤون الخارجية، رضوان حسين موقف إثيوبيا من سد النهضة «من أولويات السفارات والمستشارين». وقال في الوقت الحاضر أصبحت العديد من الدول تفهم موقف إثيوبيا، مضيفاً أن «هذا لا يعني، مع ذلك، أنهم يقفون إلى جانبنا». وأكد وزير الدولة الإثيوبي رضوان حسين أن السفراء يعملون على جعل العالم يفهم أكثر بأن 60 مليون إثيوبي لا يحصلون على الكهرباء. وتقول أديس أبابا إن المشروع، الذي يقام بالقرب من الحدود السودانية، حيوي لنموها الاقتصادي، في ظل سعيها لأن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في أفريقيا، بطاقة تقدر بأكثر من 6 آلاف ميغاوات. لكن وزير الموارد المائية والري في مصر، محمد عبد العاطي، قال في تصريحات سابقة، إن إثيوبيا قللت عدد التوربينات في السد من 16 إلى 12؛ لأن كفاءة توليد الكهرباء 33 في المائة، ولن يولد 6 آلاف ميغاوات وسيولد فقط نحو 1900 ميغاوات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.