روحاني ينتقد اتهام حكومته بالاعتماد على الخارج

إيراني في بازار طهران أمس الذي يعاني من انخفاض صادرات السجاد بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
إيراني في بازار طهران أمس الذي يعاني من انخفاض صادرات السجاد بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
TT

روحاني ينتقد اتهام حكومته بالاعتماد على الخارج

إيراني في بازار طهران أمس الذي يعاني من انخفاض صادرات السجاد بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
إيراني في بازار طهران أمس الذي يعاني من انخفاض صادرات السجاد بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني تكرار اتهامات لحكومته بالاعتماد على الخارج، محذراً من أن «الانقسام والتنافس الحزبي والفئوي بدل التركيز على مشكلات الناس، سيمنعنا من بلوغ الأهداف».
وخاطب روحاني في اجتماع الحكومة، أمس، منتقدي سياسته الخارجية، بقوله: «لا تكرروا هذا الكلام المغلوط وغير الصحيح والتحريف بأن نظرة الحكومة تتجه للخارج».
وخلال الأيام الماضية، وردت العبارة مرات عدة في خطابات قادة «الحرس الثوري» بمناسبة ذكرى اندلاع حرب الخليج الأولى، وذلك في انتقاد صريح للمشكلات الاقتصادية التي تواجه إيران وتحولت إلى أزمات فائقة مع إعادة العقوبات الأميركية في مايو (أيار) 2018.
وأصر روحاني في اجتماع الحكومة، أمس، على ما قاله مراراً وتكراراً حول «نظرة (رؤية) الحكومة هي ضرورة التعامل مع العالم». وقال: «سنكرر هذا ألف مرة أخرى». واستند إلى موقف لـ«المرشد» علي خامنئي لتعزيز موقفه. وقال: «قلنا (التعامل البنّاء)، وقائد الثورة قال: (التعامل البناء). إذن يجب علينا أن يكون لدينا تعامل واسع وبناء مع جميع العالم». ودعا إلى مصارحة الإيرانيين بقول الحقائق والمشكلات، وقال: «يجب أيضاً أن نقول للناس الأعمال التي تمت، ونوضح لهم لكي يعرفوا الحقائق حول ظروفنا الحالية»، وأضاف: «إذا قال أحدهم إن جميع المشكلات على عاتق الإدارة التنفيذية للحكومة، فهذا كلام خاطئ. جميعاً يجب أن نحمل الثقل الذي على عاتقنا».
وجاءت تصريحات روحاني غداة خطاب لقائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، حذر فيه من «التغلغل الاقتصادي»، فيما دافع عن جاهزية إيران عسكرياً لخوض أي مواجهة عسكرية، رغم أنه استبعد نشوب حرب مع الولايات المتحدة.
وأشار سلامي ضمناً إلى الحكومة، عندما قال لنواب البرلمان، إن «الطرق العسكرية مغلقة، والحرب منتفية من الأساس، لكن طريق سعادة الإيرانيين لا يعبر من التعامل مع العدو».
قبل ذلك بخمسة أيام، انتقد محمد رضا يزدي قائدُ فيلق حماية العاصمة في «الحرس الثوري»، «بعض من لا يزالون يعلقون آمالاً على الغربيين لإصلاح أمور البلاد».
بدوره، قال المنسق العام لـ«الحرس الثوري»، محمد رضا نقدي، إن «المشكلات الاقتصادية للبلد اليوم تعود إلى عدم استخدام الطاقات والتجارب الثورية»، ورهن الحركة «الثورية» في الاقتصاد بتعاون الحكومة، غير أنه قال: «سيتراجعون عندما يمارسون حرباً اقتصادية ضدنا حين نتجه للاكتفاء الذاتي، لأنه أخطر عليهم، لكن اليوم الكثير من خطواتهم من العرقلة والإخلال والنفوذيين في جهازنا الاقتصادي، أهم من العقوبات».
وأول من أمس عزا نائبه الجنرال علي فضلي، المشكلات الاقتصادية إلى عدم تطبيق «ثقافة الدفاع المقدس» في إشارة إلى حرب الخليج الأولى التي شهدت صعود «الحرس الثوري».
وفي أغسطس (آب) الماضي، خاطب «المرشد» الإيراني علي خامنئي، الحكومة قائلاً: «يجب عدم رهن اقتصاد البلد بالتحولات الخارجية»، في إشارة ضمنية إلى ما تردد عن تعويل إيراني على هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في انتخابات الشهر المقبل.
لكن روحاني حرص على التحذير من تبعات «التآمر» المتبادل على المؤسسة الحاكمة في إيران. وقال: «علينا أن نبتعد من التخطيط بعضنا ضد بعض؛ لأنه يؤدي إلى التباعد والانقسام»، وقال: «إذا كنا في طريق الانقسام والتنافس الحزبي والفئوي، بدل أن نركز على قضايا الناس، فلن نبلغ الأهداف التي يجب بلوغها».
ولدعم موقفه؛ علق روحاني على المناظرة الأولى بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن، قائلاً إن «(الولايات المتحدة) لم تحقق أي نصر في السياسة الخارجية…»، وأضاف: «البلد الذي يواجه هذا الكم من المشكلات، من الطبيعي أن يريد أن يأخذها إلى خارج أميركا، ويتآمر ضد إيران ويتسبب في مشكلات».
وتمسك روحاني بعباراته الحادة ضد الولايات المتحدة، ووجه لوماً إلى انتقادات تطاله في قنوات ووسائل إعلام أجنبية، وصرح في هذا الإطار: «الواقع هو أن أكثر السياسات عدائية وإجرامية وإرهابية تمارسها الولايات المتحدة ضد إيران و84 مليوناً».
وعلى هامش اجتماع الحكومة، أمس، دافع محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، عن دعوة أطلقها روحاني، السبت الماضي، إلى الإيرانيين بتوجيه «اللعنات إلى البيت الأبيض».
وقال واعظي إن «العنوان الذي أعلنه الرئيس صائب»، وقال في إشارة إلى انتقادات طالت روحاني: «على بعض الأشخاص ألا يضحوا بمعتقداتهم من أجل المصالح الحزبية والأهداف الانتخابية»، وأضاف: «عنوان الرئيس كان صائباً، لا أدري لماذا البعض في الداخل يستاء من توجيه الناس لعناتهم للبيت الأبيض الذي تسبب في الوضع الحالي».
وقبل ذلك بيوم، اتهم النائب في البرلمان الإيراني، أردشير مطهري، خلال جلسة التصويت على منح الثقة لوزير الصناعة والمعادن والتجارة الجديد، إن «السيد روحاني لماذا أنت مختفٍ؟ هل تعلم ماذا يقول الناس في الشارع؟: اللعنة على روحاني».
وبدت علامات الارتياح على روحاني واضحة، بعدما وافق نواب البرلمان على ثاني مرشح يقدمه روحاني لوزارة الصناعة والمعادن والتجارة، منذ إقالة الوزير السابق رضا رحماني في مايو (أيار) الماضي.
وتهكم روحاني من عرقلة مشروع حكومته الانضمام إلى اتفاقيات دولية خاصة بغسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والامتثال لقوانين «مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)»، وذلك بعدما خرجت إيران عقب توقيع الاتفاق النووي من القائمة السوداء للمجموعة الدولية.

وتوقع روحاني أن تستمر مشكلات بلاده الاقتصادية ما دام الإنتاج والاقتصاد بيد الحكومة، مشدداً على ضرورة «التنافس الحر ودخول الناس إلى الساحة».
وتجاهل روحاني العقوبات الأميركية، إضافة إلى قيود «مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)» على منظومة العمل المالي الإيراني، عندما جدد مطالبته السماح بتنشيط الاستثمار: «يجب علينا جذب رؤوس أموال الإيرانيين في الخارج ورأس المال الأجنبي من خلال الأمن».
ووضع روحاني مهام عدة على عاتق الوزير الجديد: «أن يحقق قفزة في الإنتاج، وتصدير السلع في ظل الأوضاع الحالية، والعمل على توفير العملة».
ورد روحاني بشكل مباشر على انتقادات تطال طريقته في الإدارة، وأصر مرة أخرى على التمييز بين العقوبات في زمن سلفه محمود أحمدي نجاد، والعقوبات الأميركية الحالية، واصفاً العقوبات التي سبقت الاتفاق النووي بأنها «عقوبات»، لكنه وصف ما تواجهه حكومته بأنها «حرب اقتصادية».
كما أشار روحاني إلى تمكن الحكومة السابقة من تصدير مليون برميل يومياً بسعر يفوق 120 دولاراً، لافتاً إلى تراجع أسعار النفط إلى 104 دولارات في 2013 بالتزامن مع بداية فترته الرئاسية الأولى خلفاً لأحمدي نجاد.
وقال روحاني إن بلاده لم تواجه مشكلة في السلع الأساسية رغم تفشي جائحة «كورونا» والعقوبات الدولية.
ولا تشمل العقوبات الأميركية السلع الغذائية والأودية.



طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
TT

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

انتقدت طهران تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن خطورة البرنامج النووي الإيراني، وما تشكله من تحدي أمني استراتيجي في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الكلام «لا أساس له، ومتناقض، ويستند إلى تكهنات»، كما وصف كلام ماكرون بشأن البرنامج النووي الإيراني بـ«المخادعة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ بقائي أن البرنامج الإيراني «سلمي ويندرج في إطار القانون الدولي».

وكان ماكرون قد قال، الثلاثاء، أمام السفراء الفرنسيين في الإليزيه: «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير».

إيمانويل ماكرون (رويترز)

«سناب باك»

وحذَّر من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى نقطة الانهيار»، مشدداً على أن موضوع إيران سيكون من الأولويات في الحوار الذي سيباشره مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب.

وحذَّر من أن الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران يجب أن يفكروا في معاودة فرض العقوبات، إذا لم يتحقق أي تقدم، وذلك في إشارة إلى آلية «سناب باك».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على «إكس»، اليوم (الأربعاء): «الادعاءات الكاذبة التي تسوقها حكومة رفضت الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ولعبت دوراً رئيسياً في حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، خادعة ومبالغ فيها». وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تملك أسلحة نووية وقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصناعة سلاح نووي.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية. بينما تنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وافقت فيه إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الدولية.

اجتماع أوروبي - إيراني

ومن المقرر أن يعقد دبلوماسيون فرنسيون وألمان وبريطانيون اجتماع متابعة مع نظرائهم الإيرانيين، في 13 يناير (كانون الثاني)، بعد اجتماع انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة إمكان إجراء مفاوضات جادة في الأشهر المقبلة.

وتسعى طهران إلى نزع فتيل التوتر مع الأوروبيين، قبيل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

ولم يذكر بقائي تعليق وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بشأن 3 مواطنين فرنسيين محتجزين في إيران.

وقال بارو، أمس (الثلاثاء)، إن العلاقات المستقبلية مع طهران وأي رفع للعقوبات على إيران سيعتمد على إطلاق سراحهم.

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل ما يُسمى بآلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ومن المقرر أن ينقضي مفعول آلية «سناب باك» في 18 أكتوبر (تشرين الأول) مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وتخشى طهران أن تقدم القوى الأوروبية الثلاثة على مثل هذه الخطوة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عودة ترمب

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً أن تشكيلة إدارته ستضم عدداً من المسؤولين الذين يتخذون موقفاً متشدداً إزاء طهران. وانسحب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما في عام 2015 ما أدى إلى انهياره.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات مع إيران؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

وقد بعثت كل من إدارة ترمب المقبلة وطهران رسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير.