بريطانيا تفقد خمس ناتجها في الربع الثاني

المواطنون ادخروا «إجبارياً» ثلث دخلهم... وإيرادات السياحة تراجعت 70 %

عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 (إ.ب.أ)
عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا تفقد خمس ناتجها في الربع الثاني

عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 (إ.ب.أ)
عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 (إ.ب.أ)

عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 حين كانت إجراءات العزل العام لمكافحة فيروس «كورونا» سارية، بيد أن الانخفاض كان أقل قليلاً من التقديرات الأولى.
وقال «مكتب الإحصاءات الوطني» إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 19.8 في المائة خلال 3 أشهر حتى يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما يقل على نحو طفيف عن تقديرات أولية بانخفاض فصلي نسبته 20.4 في المائة؛ لكنه لا يزال أكثر من التراجع في بقية الاقتصادات المتقدمة.
وهذا هو أكبر تراجع منذ أن بدأ «مكتب الإحصاءات» تسجيل البيانات في عام 1955. وتشير بيانات أخرى إلى أن بريطانيا تتجه صوب أكبر انخفاض سنوي منذ عشرينات القرن الماضي.
وانكمش الاقتصاد البريطاني بالفعل 2.5 في المائة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين مع بدء إجراءات العزل العام في نهاية مارس. وتعافى الناتج في الأشهر القليلة الماضية، لكن التعافي يتبدد على ما يبدو مع زيادة حالات الإصابة بفيروس «كورونا» وتوقعات بقفزة في البطالة في ظل تقليص الحكومة دعم الوظائف.
وتأتي هذه النتائج في وقت دخل فيه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الثلاثاء أسبوعاً حاسماً في المفاوضات حول علاقاتهما التجارية المستقبلية في اليوم الذي يتخذ فيه مجلس العموم قراراً حول مشروع القانون البريطاني المثير للجدل الذي يتراجع عن بعض بنود اتفاق «بريكست».
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فسيساهم «بريكست» - الذي بات رسمياً في 31 يناير الماضي، لكنه لن يدخل حيز التنفيذ إلا في 1 يناير 2021 - في زعزعة أكبر لاقتصادات تضررت أصلاً بسبب جائحة «كوفيد19».
في غضون ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية نشرت الأربعاء أن البريطانيين ادخروا نحو ثلث دخولهم خلال فترة الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس «كورونا» المستجد، التي شهدت إغلاق المتاجر وتسجيل أكبر انكماش للاقتصاد البريطاني.
وبحسب بيانات «مكتب الإحصاء» البريطاني، شهد الربع الثاني من العام الحالي ادخار البريطانيين 29.1 في المائة من دخلهم؛ وهي نسبة غير مسبوقة.
في الوقت نفسه، فإن الدعم الحكومي لأجور العمال الذين مُنحوا إجازة من دون أجر من أعمالهم، قلص التراجع في دخول الأسرة البريطانية أثناء فترة الإغلاق، في حين كانت فرص الإنفاق أقل في ظل إجراءات الإغلاق والقيود على الحركة والانتقال. فقد أُغلقت محال الأنشطة غير الضرورية خلال أغلب أيام الربع الثاني من العام الحالي، كما أن قطاعات الترفيه والفندقة لم تفتح أبوابها إلا في يوليو (تموز) الماضي.
وتراجع إنفاق المستهلكين في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 24.2 في المائة، ليسجل 80.5 مليار جنيه إسترليني (103 مليارات دولار). وجاء تراجع الإنفاق الاستهلاكي مدفوعاً بانخفاض الإنفاق على المطاعم والفنادق والسفر الجوي والسيارات والترفيه والخدمات الثقافية.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات «مكتب الإحصاء الوطني» البريطاني الصادرة الأربعاء تراجع عائدات قطاع السياحة في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 70 في المائة سنوياً، إلى 2.91 مليار جنيه إسترليني (3.73 مليار دولار)، وهي أقل إيرادات ربع سنوية للقطاع منذ الربع الأخير من 1994.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن إيرادات السياحة شكلت خلال الربع الثاني من العام 4.4 في المائة من صادرات الخدمات البريطانية، مقابل 12 في المائة منها خلال الفترة نفسها من العام السابق. كما شكلت السياحة 2.1 في المائة من إجمالي صادرات السلع والخدمات البريطانية خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وفي الوقت نفسه، وصل إنفاق البريطانيين على السفر إلى الخارج خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 1.52 مليار جنيه إسترليني (1.95 مليار دولار) بانخفاض نسبته 89 في المائة سنوياً.
من ناحية أخرى، ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني أمام الدولار خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 0.3 في المائة مقارنة بالربع الأول، وبنسبة 4.2 في المائة مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.