عودة الرقابة على الكتاب في كردستان العراق

مثقفون أكراد يدعون إلى إلغاء قرار لوزير ثقافة الإقليم

جانب من دورة سابقة لمعرض أربيل للكتاب
جانب من دورة سابقة لمعرض أربيل للكتاب
TT

عودة الرقابة على الكتاب في كردستان العراق

جانب من دورة سابقة لمعرض أربيل للكتاب
جانب من دورة سابقة لمعرض أربيل للكتاب

تفاجأ المثقفون في كردستان العراق، بقرار أصدرته وزارة ثقافة إقليم كردستان العراق في 24 سبتمبر (أيلول) بقرار يقضي بـ«مركزية نشر الكتب»، ومن ضمنها الكتب المترجمة، وذلك من خلال حصر الصلاحيات بيد مديرية المكتبات العامة في أربيل تحديداً، وعدم منح رقم الإيداع والموافقة على نشر أي كتاب إلا بعد مراجعة رقابية من قبل لجنة من «الخبراء» للكتاب وإبداء الرضا على مضمونه الفكري وأسلوبه اللغوي. ويحمل القرار توقيع الوزير محمد حمه سعيد المنتمي إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. ويستخدم القرار لغة عامة ومطاطية الجوهر وخاضعة لهوى التأويلات في معرض تبريره لضرورة مرور كل كتاب عبر اللجنة المقرر تشكيلها لاستحصال الموافقة تحت ذريعة «المصالح الوطنية والقومية وحماية القيم المقدسة»، وألا يستهدف الكتاب «الرباط الاجتماعي والقيم والرموز المقدسة» بحسب لغة القرار. وتحمل هذه اللغة في جوهرها، ادعاءات تستند إلى تراث الأنظمة الشمولية فيما خص مفاهيم الوطن والمواطن والقيم المقدسة العليا.
وعلى رغم تأكيد الوزير في توضيح أصدره، في محاولة لامتصاص موجة غضب بين الكتاب والمثقفين الكُرد جراء القرار، على حصر القضية في الحفاظ على اللغة ومنح رقم الإيداع وعدم المس بحرية الكلمة والنشر، لامس السجال الناتج عنه التهديد الذي يشكله هذا القرار للحريات الأساسية. وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها حرية القول والكلمة وتشن حربها الناعمة عليها أحياناً وشرسة في أحايين أخرى تحت يافطة المقدسات والثوابت. فقبل هذا القرار الذي يُخضع الكلمة والفكر لأهواء ومزاج أعضاء لجنة رقابية، غالباً ما يتم انتخابهم على أساس حزبي، تم تكتيم أفواه كثيرة بسبب قول ما لا يرغبون في سماعه.
هذا القرار، حسب مثقفين أكراد كثيرين، يمنح الشرعية لترويض واغتيال حرية التعبير، فرقابة الفكر السلطوية عادة ما تستهدف الرأي والفكر المغايرين بذرائع شتى مثل الحفاظ على المقدسات الدينية، وحماية المصالح القومية العليا ورموزها المقدسة، أو بذريعة الحفاظ على جمال وأصالة اللغة، أو تقاس الذريعة وفق مقاسات الاستفراد بالقرار السياسي والسلطة.
هذا ودعا المثقفون في كردستان العراق إلى ضرورة إلغاء هذا القرار لأنه في حالة تطبيقه تحت حجج من قبيل المس بالمصالح القومية والوطنية أو الإساءة إلى القيم المقدسة والرموز الوطنية والتاريخية أو الدعوة إلى الإلحاد وكل الحجج الأخرى، سيكون مجرد خطوة في عملية قمع طويلة تنتهي بقبر الكتب في مهدها.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.