الأحصنة الدوارة... جالت أوروبا واستقرت في طوكيو... واليوم إلى أين؟

أزيل المتنزه حيث لعبة الأحصنة الدوارة لصالح متنزه «هاري بوتر» الترفيهي
أزيل المتنزه حيث لعبة الأحصنة الدوارة لصالح متنزه «هاري بوتر» الترفيهي
TT

الأحصنة الدوارة... جالت أوروبا واستقرت في طوكيو... واليوم إلى أين؟

أزيل المتنزه حيث لعبة الأحصنة الدوارة لصالح متنزه «هاري بوتر» الترفيهي
أزيل المتنزه حيث لعبة الأحصنة الدوارة لصالح متنزه «هاري بوتر» الترفيهي

لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للعبة «الكاروسيل»، أو الأحصنة الدوارة، التي يبلغ عمرها 113 سنة، في العاصمة اليابانية. فرغم التاريخ المشهور الذي يتضمن جذوراً في ألمانيا، وزيارة تيودور روزفلت، والمدة التي قضتها في جزيرة كوني في بروكلين، وما يقرب من نصف قرن من الترفيه عن الزوار في متنزه «توشيماين» في طوكيو، فقد انتقلت ألعاب متنزه «إلدورادو» مؤخراً إلى المخزن وبات مصيرها مجهولاً. أفسحت لعبة الأحصنة الدوارة والكبسولة الزمنية والمتنزه الذي ضمهما، المجال لمتنزه «هاري بوتر» الترفيهي، في قصة باتت مألوفة في بلد بالغ القدم، لكنّه يميل إلى تجاهل القديم لصالح الجديد. شهدت اللفات الأخيرة للعبة الدوامة نوبات حنين إلى الماضي حيث اندفع المئات لركوب خيولها المنحوتة يدوياً وعرباتها الخشبية المزخرفة قبل الإعلان عن إغلاق المتنزه في أواخر أغسطس (آب) الماضي.
وقبل أربعة أيام من الإغلاق، وقفت كيكو أيزاوا (42 سنة)، في طابور في طقس شديد الحرارة مع ابنها البالغ من العمر عامين، وقالت، إنّ هذ المكان يحمل أعز ذكرياتها منذ كانت صغيرة، مضيفة: «كنا نأتي دائماً في الصيف».
لكن زيارتها لهذا المكان توقفت منذ حوالي 30 سنة إلى أن تواترت أنباء تفيد بأنّ عربة الفن الحديث ستُنقل بعيداً، ما جعلها تشعر بعاطفة جياشة دفعتها للقول «أريدهم حقاً أن يجدوا مكاناً لها». لكن الحنين إلى الماضي يبقى مجرد إحساس عابر، لذا فإنّ دعاة الحفاظ على التراث التاريخي يخشون ألا يحتشد الجمهور الياباني لإنقاذ لعبة الدوامة مثلما فعلت جماعات في الولايات المتحدة وأوروبا لإنقاذ هذه اللعبة وعربات الملاهي.
بعد الحرب العالمية الثانية، أصدرت الحكومة اليابانية قانوناً يمكن بموجبه تصنيف المباني التي بُنيت بعد القرن السابع عشر كممتلكات للتراث الثقافي. وتعليقاً على تلك الخطوة قال ميشيرو كانادي، مؤرخ معماري وناشط في مجال الحفاظ على البيئة، ومحاضر في جامعة طوكيو للفنون: «قبل ذلك، كان الناس يعتقدون أنّ تلك الممتلكات جديدة ولا يجب النظر لها كملكية ثقافية مهمة». قد تكون وجهة نظر اليابان في الاشتراطات الواجب توافرها لكي يمكن اعتبار مكان ما كنزا ثقافيا مرتبطا جزيئا بمقتضيات الضرورة. فبعد الغارات الجوية التي دمرت العديد من المدن خلال الحرب العالمية الثانية أصبح التجديد الحضري المستمر سمة من سمات البلاد. ومع التهديد المستمر للزلازل، غالباً ما تُهدم الهياكل ويُعاد بناؤها لتحسين معايير السلامة.
الأهم من ذلك أنّ الدولة المقامة على جزر جبلية لديها مساحة تكفي بالكاد لسكانها البالغ عددهم 126 مليون نسمة. وقد صرحت ناتسوكو أكاجاوا، كبيرة المحاضرين في مجال العلوم الإنسانية في جامعة كوينزلاند بأستراليا والمتخصصة في التراث الثقافي ودراسات المتاحف، بقولها: «يقول الناس إن الأرض ثمينة جداً لدرجة أنّنا لا نستطيع الاحتفاظ بالمباني القديمة كما هي»، وتضيف: «ولكن إذا كانت الدوامة ستتدهور في المخزن، فهذه هي النهاية الحزينة».
في السياق ذاته، قال باتريك وينتزل، رئيس «رابطة كاروسيل الوطنية» الأميركية المعنية بالحفاظ على البيئة، إنّ لعبة الأحصنة الدوارة ربما كانت واحدة من 12 قطعة ثابتة في العالم. وقال إنّ ترك جوهرة مثلها معطلة وغير صالحة للاستخدام يشكل خطراً في حد ذاته. وأضاف: «في حالات عدّة، كانت الأشياء مخزنة وبدا أنّها تختفي». وتابع وينتزل أنّه حتى إذا لم تُعتبر «إلدورادو» لعبة قديمة بما يكفي لتبرير التصنيف التاريخي في اليابان، فإنّ «عمرها سيكون 500 عام بعد 400 عام». في الوقت الحالي، لم تذكر شركة «سيبو» للسكك الحديدية، مالكة الأرض التي يوجد بها مدينة «كاروسيل» الترفيهية، مكان تخزينها أو ما إذا كانت ستفتح في مكان جديد. وفي حفل ختامي للحديقة، أعلن توتسو يودا، رئيس متنزه «توشيمان»، أنّ «لعبة إلدورادو ستسمر في التألق إلى الأبد»، لكنّه لم يوضح ما إذا كان يقصد كذكرى أم أنّها ستنقل إلى مكان آخر. لم تسلك طريقاً مباشراً إلى العاصمة طوكيو، ففي عام 1907 صممها هوغو هاس، مهندس ميكانيكي ألماني، ويمكن أن تتسع لـ154 راكباً وضمت 4200 مرآة ولوحات للإلهة وكيوبيد على الجانب السفلي من المظلة. وبعد أن دعا الإمبراطور فيلهلم الثاني الرئيس روزفلت لزيارة ألمانيا عام 1910، اقترح هاس نقلها إلى الولايات المتحدةـ وبعد مرور عام استورد مالكو متنزه «ستيبلتشيس» الترفيهي في «كوني آيلاند» ومتنزه الكاروسيل ونقله إلى بروكلين. وتشير التقاليد المحلية إلى أنّ الزوار، بما في ذلك آل كابوني ومارلين مونرو، ركبوا لعبة الأحصنة الدوارة قبل إغلاق متنزه «ستيبلتشيس» عام 1964، ونقلت بعدها إلى المخزن لأول مرة. ويعرض متحف «بروكلين» أسداً من الأسود الحجرية الثلاثة، التي كانت تسحب عربة في جناح كان يضم لعبة الأحصنة.
سمع مالكو متنزه «تويشمان»، الذي تضمن أول بركة نهرية بطيئة في اليابان والعديد من الألعاب الأخرى المصنوعة في ألمانيا، عن لعبة الأحصنة وتقدموا بعرض لشرائها وكانت الأولى من نوعها. وبعد تفكيكها، نقلت عن طريق البحر إلى طوكيو في عام 1969، لكنّ الأجزاء وصلت بحال سيئة للغاية وقد تقشرت طبقات الطلاء الذي يعلو الخيول والخنازير الخشبية فاستغرق تجديدها عامين. بعد أكثر من 20 سنة، عندما انفجرت فقاعة اليابان الاقتصادية القائمة على العقارات، لم يعد بإمكان الأشخاص الذين طردوا من العمل تحمل تكاليف زيارة مدينة الملاهي، وانخفضت نسبة زوار مدينة «توشيمان» الترفيهية. بعد ذلك، ومع تعافي الاقتصاد ببطء، افتتحت متنزهات ترفيهية أخرى مثل ديزني لاند طوكيو و«هالو كيتي ورلد» و«يونيفرسال ستوديوز اليابان»، مما أدى إلى الاستيلاء على عملاء توشيماين.
لم تفعل الحديقة الكثير لتحديث معالمها السياحية، فعندما أغلق المتنزه كانت لعبة السيارات الدوارة لا تزال في مكانها حول لعبة «الراقصة الخاصة» وأمير «المطر الأرجواني».
وفي الأيام التي سبقت موت متنزه «توشيمان»، قال البعض ممن وقفوا في الطابور للحصول على جولة أخيرة على الأحصنة الدوارة إنّهم يتطلعون إلى استبدال المتنزه بآخر جديد.
على سبيل المثال، قالت سوزو هومي (37 سنة)، وهي تنتظر دورها مع ابنيها التوأمين (4 سنوات): «من المحزن أنّها ستزول وستتلاشى معها الذكريات. ولكن عندما يصبح هناك متنزه هاري بوتر جديد، يمكن للأشخاص الذين لم يأتوا إلى هنا من قبل أن يأتوا لزيارته. فالذي يزور توشيماين سيأتي بسبب الحنين إلى الماضي».
ولكن بالنسبة للآخرين، كانت الأحصنة الدوارة أعز على قلوبهم. ففي أواخر الشهر الماضي، تحدث هيروشي أوشيدا (40 سنة) الزائر القديم للمتنزه وعاشق الأحصنة الدوارة، إلى مجموعة من حوالي 100 زائر في متحف صغير يؤرخ للعبة العتيقة قائلاً إنّه يقدر عدد مستخدميها طيلة كل تلك السنوات في طوكيو بنحو 56 مليون شخص وأنّه يتمنى أن يراها مرة أخرى في موقع رابع. واستطرد أوشيدا الذي كان يعمل مهندساً في الحديقة وكان شغوفاً جداً باللعبة قائلاً: «أعتقد أنّ هناك الكثير من النقاش حول مكان وضعها في الحديقة»، ووصل في عشق هذه اللعبة لدرجة أنّه تزوج من زميلة تعمل معه في المتنزه نفسه وجرت مراسم الحفل أمام اللعبة، مضيفاً: «يمكن أن تمر ثلاث أو أربع سنوات قبل أن تفتح مرة أخرى».
وبينما كان يتحدث كانت المرأة التي تصور حديثه على هاتفها المحمول تمسح دموعها. على جدار في المتحف، كان المئات من الزوار قد دونوا ملاحظات ملونة زاهية مع رسائل حزينة على ملصقات جدارية، تقول إحداها: «بكيت بينما كنت أتجول وألعب لعبة الحصان الدوار للمرة الأخيرة. شكراً». في مقابلة بعد حديثه، قال أوشيدا إنّه ربما يمكن لسيبو، مالك الحديقة، إعادة بناء لعبة الأحصنة خلف أحد فنادقها. أو ربما يمكن لمتنزه آخر، أو حتى قرية، أن تستوعبها كما حدث في المدن الكبرى في أوروبا. وفي النهاية قال إنّه يأمل أن يبقى الكاروسيل في طوكيو.
واختتم أوشيدا قائلاً: «إذا كان للعبة روح، أعتقد أنّها ستنزعج كثيراً جراء نقلها مرة أخرى. اعتقدت أنّه كان لديها مقر دائم في ألمانيا من ثمّ نُقلت إلى نيويورك، فاليابان حيث استقرت لخمسين 50 سنة، الأمر الذي لا يقدر بثمن».
- خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.