«استعادة الثقة»... غصن ينوي مساعدة التنفيذيين والشركات الناشئة في لبنان المتعثر

كارلوس غصن رئيس شركتي «نيسان» و«رينو» السابق (إ.ب.أ)
كارلوس غصن رئيس شركتي «نيسان» و«رينو» السابق (إ.ب.أ)
TT

«استعادة الثقة»... غصن ينوي مساعدة التنفيذيين والشركات الناشئة في لبنان المتعثر

كارلوس غصن رئيس شركتي «نيسان» و«رينو» السابق (إ.ب.أ)
كارلوس غصن رئيس شركتي «نيسان» و«رينو» السابق (إ.ب.أ)

محاطاً بأزماته الدولية التي تتعقب خطاه، وجد كارلوس غصن في قدراته الاستثمارية غصناً قد يتكئ عليه لبنان في معركة سماها «استعادة الثقة»، وفقاً لوكالة «رويترز».
ونحّى رئيس شركتي «نيسان» و«رينو» السابق، جانباً كل ملفاته الخارجية وأعلن عن مد يد المساعدة إلى بلده الأم لبنان الغارق في أزمة اقتصادية عميقة، فاصلاً مبادرته عن الشأن السياسي.
واختار غصن صرحاً أكاديمياً ليعلن منه عن خطة لتدريب المديرين التنفيذيين ومساعدة الشركات الناشئة على خلق فرص العمل. فبعد تسعة أشهر من هروبه المثير من طوكيو إلى بيروت، كشف التنفيذي الفرنسي اللبناني الأصل خطة لتطوير كلية الأعمال بجامعة الروح القدس - الكسليك الخاصة إلى الشمال من العاصمة اللبنانية.
وأطلق كارلوس غصن، الذي هرب من اليابان قبل أن يمْثل للمحاكمة فيها، برنامجاً جامعياً للتدريب على الإدارة والأعمال في لبنان الذي يشهد أزمة عميقة أفضت إليها سنوات من سوء الحكم وسوء الإدارة والفساد. ويخطط الرجل، الذي يُنسب إليه الفضل في النهوض بشركتي السيارات اليابانية والفرنسية قبل أن يواجه اتهامات بمخالفات مالية ينفي ارتكابها، لتوجيه كبار المديرين التنفيذيين وكذلك إتاحة التدريب على التكنولوجيا ومساعدة الشركات الناشئة بما يخلق فرص العمل.
وقد وجد غصن، الهارب من القضاء الياباني الذي يتهمه بالتحامل عليه، ملاذاً في مسقط رأسه حيث انهار الاقتصاد تحت وطأة ديون تراكمت منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.
وتسبب انفجار مدمر في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) في تفاقم مشكلات لبنان. وقال غصن لـ«رويترز» في مطلع الأسبوع، قبل الإطلاق الرسمي لبرنامجه الجامعي الجديد في مؤتمر صحافي: «من الواضح أنني لست معنياً بالسياسة، لكني سأكرّس الوقت والجهد لدعم لبنان خلال هذه الفترة الصعبة».
وقال غصن في المؤتمر الصحافي بجامعة الروح القدس – الكسليك، اليوم (الثلاثاء)، إن الهدف هو خلق فرص العمل والوظائف ورواد الأعمال بما يسمح للمجتمع بأن يؤدي دوره في إعادة بناء البلاد. وأوضح أن التحدي الذي يواجهه لبنان هو «استعادة الثقة» وليس نقص الأرصدة، وأن الدولة تملك بنية تحتية وأراضي وموارد هيدروكربونية. وأضاف أن لبنان بحاجة الآن لتنفيذ خطة إنعاش و«إذا استعدتم الثقة فسيأتي المال».
وبين غصن، الذي فاتحته الجامعة في الأمر خلال الأسابيع التي أعقبت وصوله إلى لبنان في أواخر ديسمبر (كانون الأول)، أن البرنامج يهدف إلى تقديم المساعدة العملية. وسيساعد هو في الإشراف على البرنامج.
ويركز البرنامج الموجه للتنفيذيين اعتماداً على خبراته، على إصلاح حال الشركات المتعثرة والمؤسسات التي تواجه مصاعب في بيئة مضطربة وكيف يجعل المرء لنفسه رصيداً ثميناً في أي شركة.
وقال غصن إن عدداً من التنفيذيين العالميين وافقوا على تقديم دورات تدريبية دون مقابل مثل تيري بولوري الرئيس التنفيذي لشركتي «جاغوار» و«لاند روفر»، وكين كيرتس نائب رئيس «غولدمان ساكس» السابق، وقطب رأس المال المغامر ريموند ديبان.
وستُفتح الدورات التدريبية القصيرة التي يُتوقع أن تبدأ في مارس (آذار) لعدد يتراوح بين 15 و20 من كبار المديرين التنفيذيين في لبنان والشرق الأوسط.

* «القدوة»
قال غصن: «القدوة هي خبرتي وما أعتقد أنها الاحتياجات الأساسية للمدير التنفيذي الكبير في بيئةٍ التنافس فيها شديد». وأضاف أن البرنامج التدريبي للمديرين التنفيذيين لشركة «نيسان» في اليابان عندما كان يتولى قيادتها كان مفتوحاً أمام الشركات الأخرى.
أما البرنامج التدريبي الثاني الذي سيدعم من دخل برنامج التنفيذيين فسيُخصَّص للتدريب على تكنولوجيات جديدة مثل التصميم بمساعدة الكومبيوتر والذكاء الصناعي.
وقال غصن إن مصدّري المجوهرات في لبنان من بين من سيستفيدون من استخدام برمجيات تساعدهم في التصميم.
وسيعمل البرنامج الثالث كحاضنة للشركات الناشئة، ويهدف غصن للاستثمار في مشروعين. وقال غصن: «أنا مهتم في الأساس بالمشروعات التي لها تأثير بيئي»، مستشهداً بمشروع لتحويل مخلفات الصرف الصحي إلى مخصبات زراعية.
وأوضح غصن أن رئيس الجامعة المسيحية المارونية الأب طلال هاشم، وفريقه من الشباب، هو الذي أقنعه بالعمل مع الجامعة.
وقال غصن إنه اختار الجامعة بدلاً من أي جامعة أكبر في لبنان لأنه يحب العمل مع مؤسسة تجتذب مجموعة عريضة من الطلبة لا من الأثرياء فقط. وصرح لـ«رويترز»: «هؤلاء الطلبة يحتاجون للمساعدة أكثر من غيرهم. هذه هي الطبقة التي حطمها الوضع اليوم. سوف أساعد في بناء الاقتصاد بالمساعدة في حل المشكلات التي يواجهها كل لبناني اليوم».


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.