السودان يصعد مع الأمم المتحدة وتوعد بمراجعة الأموال المخصصة للصندوق الإنمائي

وزير الخارجية السوداني: لن نتراجع عن طرد موظفي الأمم المتحدة

السودان يصعد مع الأمم المتحدة وتوعد بمراجعة الأموال المخصصة للصندوق الإنمائي
TT

السودان يصعد مع الأمم المتحدة وتوعد بمراجعة الأموال المخصصة للصندوق الإنمائي

السودان يصعد مع الأمم المتحدة وتوعد بمراجعة الأموال المخصصة للصندوق الإنمائي

رفضت الحكومة السودانية التراجع عن قرارها طرد مسؤولين أمميين، في الوقت الذي أبدت فيه حرصها على علاقة وثيقة مع الأمم المتحدة، فيما قالت إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها لن يستطيعا اتخاذ أي خطوات ضد السودان بناء على القرار. وتوعد السودان بمراجعة الأموال المخصصة لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي ومعرفة أوجه صرفها وحجمها.
وقال وزير الخارجية علي كرتي في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن قرار طرد مسؤولين دوليين حق سيادي يكفله ميثاق الأمم المتحدة للدولة الأعضاء، وإن حكومته ستواصل تطبيقه ضد أي موظف دولي يتجاوز التفويض الممنوح له. وجاءت تصريحات كرتي قبيل يومين من انعقاد جلسة مجلس الأمن لبحث طرد الموظفين الدوليين، وعقب مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي الحكومة السودانية بالعدول عن قرارها.
وطلبت الخرطوم، الأسبوع الماضي، من ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية في السودان علي الزعتري، والمدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي آيفون هيل مغادرة البلاد، ووُجِّه لهما اتهامات بتجاوز التفويض الممنوح لهما.
وقال كرتي للصحافيين إن التراجع عن طرد الموظفين الأميين غير وارد على الإطلاق، وإن مجلس الأمن لن يستطيع فعل شيء تجاه السودان، لأنه يتصرف وفق ميثاق الأمم المتحدة. وأوضح كرتي أن حكومته ستتعامل وفقا لمقتضيات دور المنظمة في السودان، وما تقتضيه السيادة الوطنية، وجدد القول إن هيل مارست أعمالا تضر بعلاقة السودان والأمم المتحدة، وتضر بحقوق السودان في المنظمة الدولية، قائلا: «هذه حقائق لن يستطيع الأمين العام أن ينكرها».
وتوعد كرتي بمراجعة الأموال المرصودة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: «ما هي، وكم تبلغ، وأين تذهب.. وسنتابع هذه الأموال، إما أن تُبنى بها مبانٍ وتُصرف في غير محلها، أو أن يُستقطب بها موظفون دوليون لإرضاء دول بعينها، هذا لن يحدث في المستقبل». ولم يكترث الدبلوماسي السوداني لما قد يتمخض عن جلسة مجلس الأمن المقرة غدا (الثلاثاء)، لبحث ملف طرد الموظفين الأمميين، وقال: «لن أقول إننا غير مكترثين، لكن هذا حقنا، ولن نتنازل عنه». وأشار إلى أن المجلس اتخذ سابقا عدة قرارات ضد السودان، ثم عاد ليقول: «نسعى إلى أن يتخذ المجلس قرارا لا يظلمنا، ولدينا حقائق أرسلناها للبعثة ستُعرض على مجلس الأمن، وعُرضت للأصدقاء والآخرين أيضا».
وبدا كرتي واثقا من عدم تأثير قرارات الطرد على المشاريع التنموية السودانية التي تمولها الأمم المتحدة، أو بإعاقتها، ووصف الأمر بأنه «مخاوف في غير محلها»، وأضاف: «لن يحدث، الأمم المتحدة لن تستطيع أن تفعل شيئا، ولن تعرقل، إذا كان هناك موظفون سودانيون خائفين من أن تطردهم الأمم المتحدة، فهذا أيضا لن يحدث».
ونفى كرتي بحدة أن تكون علاقة السودان بالمنظمة الدولية قد تأثرت بقرارات إبعاد موظفيها، وأن يؤدي إلى خلق حالة من العزلة الدولية ضد السودان داخل الأمم المتحدة، وقال: «لن تكون هناك عزلة. نحن نتصرف بثقة ورجولة، والسودان لن يثبت حقه إلا بهذه الخطوات القوية، لأننا كلما رضينا بالذل سنُذل أكثر».
وفيما يتعلق بتجديد تفويض البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور، التي طلبت منها الخرطوم «إعداد استراتيجية خروج»، قال كرتي إن التجديد أمر طبيعي نظرا لعدم وجود قرار بخروجها من البلاد.
بيد أن كرتي عاد ليقول: «لكن ما هو متفق عليه، بعد أعياد الكريسماس ستأتي بعثة التقييم مرة أخرى لمناقشة كيفية خروج البعثة، ووضع استراتيجية الخروج».
من جهة أخرى، التقى الوزير كرتي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى السودان السيد هايلي منكريوس، واستمع منه إلى تقرير حول الأوضاع في دولة جنوب السودان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.