دعوة لتأهيل تنافسية الإنتاج السعودي بعد جائحة «كورونا»

توقعات بتوفير سياسات مكافحة الفساد 20 % من المعتمد في الميزانية الحكومية

السعودية تستهدف التحول إلى إحدى أبرز مناطق خدمات الموانئ واللوجستيات في العالم (الشرق الأوسط)
السعودية تستهدف التحول إلى إحدى أبرز مناطق خدمات الموانئ واللوجستيات في العالم (الشرق الأوسط)
TT

دعوة لتأهيل تنافسية الإنتاج السعودي بعد جائحة «كورونا»

السعودية تستهدف التحول إلى إحدى أبرز مناطق خدمات الموانئ واللوجستيات في العالم (الشرق الأوسط)
السعودية تستهدف التحول إلى إحدى أبرز مناطق خدمات الموانئ واللوجستيات في العالم (الشرق الأوسط)

أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الاستراتيجية السعودية الداعمة للاقتصاد الوطني وللقطاع الخاص في مواجهة جائحة كورونا، أثمرت عن نجاحات كبيرة ستمكن الشركات والمؤسسات من التأهيل التنافسي، الأمر الذي سينعكس إيجابا على خفض تكاليف المشاريع التي تعتزم إطلاقها بعد العودة الكاملة للأنشطة الاقتصادية من تداعيات كورونا.
وأفاد المختصون بأن السياسات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة السعودية، فضلا عن الإصلاحات المتتالية في الفترة الماضية، أخذت تأتي أكلها، حيث إن جميع أجهزة ووزارات الدولة حاليا تعمل بتناغم وانسجام، الأمر يحتم ضرورة أن تتماشى معها المؤسسات والشركات العامة باعتماد عنصر الشفافية والإفصاح فيما يتعلق بطرح مشاريعها بتنافسية عالية.
وأوضح المختصون أن أزمة كورونا وجدت ردة فعل متوازنة من قبل السعودية لضبط الاقتصاد حيث كونت الفرق المتخصصة من الأجهزة والجهات الحكومية لتقديم العون لقطاع الأعمال والمستثمرين من ناحية، وللمواطنين من ناحية ثانية، عبر الإعانات المالية والعمالية لضمان البقاء على رأس العمل بالإضافة إلى مئات مبادرات الدعم والتحفيز والتأجيل المعززة الأخرى. إلى مزيد تفاصيل تلك الرؤى:

- الفرصة التنافسية
يؤكد الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية الأسبق لـ«الشرق الأوسط» أن تثمر السياسات المتبعة لمعالجة أزمة كورونا المستجد نجاحات على مستوى القطاعين العام والخاص، مشددا على ضرورة منح المؤسسات والمصانع السعودية الفرصة للمنافسة بما يؤدي لانخفاض تكاليف المشاريع، خاصة أن كل مدخلات المشاريع ستكون محلية، مستبعدا أن يكون هناك أي شكل من أشكال التلاعب.
وأوضح الزامل أن القرارات الحكومية التي صدرت بسرعة عززت المساهمة في تخطي الأزمة أهمها المتعلق بالمحتوى المحلي وأهمية متابعة تطبيقه، مشيرا إلى أن هذه القرارات وفرت مليارات الريالات للقطاع الخاص، مؤكدا أن نتائج ذلك زاد من تفاؤل رجال الأعمال والقطاع الخاص بتوقعات نتائج إيجابيه في ميزانيات قطاع الأعمال للربع الرابع من عام 2020.

- الفساد والاقتصاد
ويلفت الزامل إلى أن الدولة عززت آليات مكافحة الفساد، الأمر الذي سينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني والخدمات الاجتماعية ورفاهية المواطن ودعم الميزانية، متوقعا أن يوفر عنصر مكافحة الفساد ما يقدر بنسبة 20 في المائة من المعتمد بالميزانية.
وقال الزامل «لا بد من الإشارة إلى الإجراءات الحازمة والتدابير التي اتخذتها الدولة في سبيل مواجهة جائحة كورونا... هناك العديد من القرارات الحكومية التي تم توجيهها بشكل مباشر إلى المرضى من أجل تقديم الرعاية الصحية المتكاملة وتوفير العلاج مجانا، الأمر الذي انعكس طمأنينة وأثمر عن نتائج مهمة أدت في نهاية المطاف لاستعادة حيوية الأنشطة الاقتصادية».

- ترقب التدابير
من ناحيته، أكد الاقتصادي ورجل الأعمال الدكتور صالح الحميدان، أن السعودية استطاعت أن تحول أزمة كورونا إلى فرصة لمزيد من النجاحات وطرق جديدة في الأعمال من خلال ما أصدرته من قرارات وتدابير، فضلا عن مبادرات كان لها بالغ الأثر في تخفيف آثار جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، حيث رصدت أكثر من 53 مليار دولار لتخفيف آثار الجائحة على القطاع الخاص وتداعيتها الباهظة التكاليف عالميا.
وقال الحميدان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن هناك مؤسسات خاصة، كالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عانت بشكل أكبر إلا أن جوانب الدعم المتعددة التي قامت بها الحكومة خاصه عبر عدة وزارات ومؤسسات وعدة جهات حكومية أخرى خففت من آثار هذه الجائحة على هذه المؤسسات ومكنتها من اجتياز التحديات التي أفرزتها الجائحة بأقل التكاليف والضرر الاقتصادي».
وتوقع الحميدان أن تبذل الحكومة المزيد من التدابير الحيوية مع الاستمرار في مراقبة الآثار السلبية للجائحة على القطاع الخاص مع تقديم الدعم تعزيزا للاقتصاد الوطني، والذي من شأنه أن يسهم بقوة في تدعيم الاقتصادات المرتبطة به على المستوى الإقليمي وعلى مستوى اقتصادات دول مجموعة العشرين في رئاستها للمجموعة في دورتها الحالية.

- الإنجازات الوافرة
من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية أن سجل الإنجازات السعودية الاقتصادية السعودية على الصعيد المحلي وافرة منها إطلاق التسهيلات المالية في ظل جائحة كورونا لدعم القطاع الخاص، بدلالة المؤشرات العامة كإجمالي الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص لكافة الأنشطة الاقتصادية وبرامج حماية الأجور وتعزيز برنامج كفالة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بجانب برنامج القروض بمنتهى المرونة والتيسير، فضلا عن تنفيذ سياسات تنويع الاقتصاد وزيادة الصادر غير النفطية.
وذهب باعشن إلى أن السعودية استمرت في ضخ العديد من السياسات المحسنة للاقتصاد العالمي من خلال رئاستها لمجموعة العشرين مستفيدة مما حققته داخليا من سياسات استطاعت بموجبها أن تحقق المركز الأول عالمياً في إصلاحات بيئة الأعمال بين 190 دولة ضمن مؤشر سهولة ممارسة الأعمال 2020 الصادر من البنك الدولي محرزة تقدما ملحوظا في مؤشرات شملت بدء النشاط التجاري، حماية المستثمرين الأقلية، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، إنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار بجانب استخراج تراخيص البناء، الحصول على الكهرباء، تسجيل الملكية، الحصول على الائتمان.

- التدفق اللوجيستي
من جانبه، أوضح المهندس سعد الخلب رئيس الهيئة العامة للموانئ «موانئ» أن المملكة تشهد نقلات نوعية وتطورات تنموية وفق أهداف وخطط واعدة تعززت باستضافة المملكة أعمال اجتماعات قمة قادة مجموعة العشرين ما يؤكد المكانة الدولية للمملكة لدعم استقرار الاقتصاد العالمي.
ولفت الخلب، في تصريحات خلال اليوم الوطني، أن الموانئ السعودية تعيش عهداً جديداً على صعيد خدمات الموانئ من خلال تحقيق معدلات عالية في الأداء والإنتاجية، ورفع الكفاءة التشغيلية واللوجيستية وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك التوسع في إنشاء الأرصفة والمحطات الحديثة والمتخصصة التي تلبي متطلبات قطاع الموانئ، بالإضافة إلى تيسير وإعادة هندسة الإجراءات، بما يُسهم في استغلال مقوماتها الحيوية في تنفيذ مشروعات استثمارية وتنموية.
وشدد الخلب أن دور المملكة ذهبت لتوسيع ممارسة الأعمال في الموانئ السعودية وفق أسس تجارية واستثمارية، مشددا على أن على الجهود المبذولة تستهدف أن تحتل موانئ السعودية مكانة رائدة دوليا وأن تكون الأولى إقليميا.
واستطرد أن ذلك سيكون عبر توفير شبكة موانئ فعالة ومتكاملة ذات كفاءة وقدرة عالية تُسهم في دعم خطط النمو الاقتصادي للبلاد، وتحفيز صناعة الخدمات اللوجيستية وسلاسل الإمداد العالمي، تماشيا مع ركائز برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية ضمن رؤية السعودية 2030 بأن تكون المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً ومحور ربط القارات الثلاث.


مقالات ذات صلة

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد منشأة «لوسيد موتورز» في كوستا ميسا بكاليفورنيا (رويترز)

«لوسيد» تتفوق على تقديرات تسليم السيارات الكهربائية... وسهمها يرتفع

أعلنت مجموعة «لوسيد» المتخصصة في السيارات الكهربائية عن تسليمات قياسية في الربع الرابع يوم الاثنين، متجاوزة توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مبنى وزارة التجارة السعودية (واس)

نمو السجلات التجارية المصدرة في السعودية 67 % بالربع الرابع

ارتفع إجمالي السجلات التجارية في السعودية بنسبة 67 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2024 مقارنة بالفترة المماثلة من 2023 حيث تم إصدار أكثر من 160 ألف سجل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرياض (رويترز)

غداة إعلان خطتها الاقتراضية لـ2025... السعودية تبدأ تسويق سندات دولية

تطرُق السعودية أسواق الدين العالمية ببيع مزمع لسندات على ثلاث شرائح، ومن المتوقع أن تُسهم حصيلتها في تغطية عجز الموازنة وسداد مستحقات أصل الدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تسارع التضخم بمنطقة اليورو إلى 2.4 % بسبب تكاليف الطاقة

أنابيب بمنشآت وصول خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» في لوبيمن بألمانيا (رويترز)
أنابيب بمنشآت وصول خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» في لوبيمن بألمانيا (رويترز)
TT

تسارع التضخم بمنطقة اليورو إلى 2.4 % بسبب تكاليف الطاقة

أنابيب بمنشآت وصول خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» في لوبيمن بألمانيا (رويترز)
أنابيب بمنشآت وصول خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» في لوبيمن بألمانيا (رويترز)

تسارعت وتيرة التضخم بمنطقة اليورو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي زيادة غير مرحب بها، لكنها كانت متوقعة، ومن غير المرجح أن تمنع «البنك المركزي الأوروبي» من مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة.

وقال «مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات)»، يوم الثلاثاء، إن التضخم في الدول العشرين التي تتقاسم اليورو ارتفع إلى 2.4 في المائة خلال ديسمبر الماضي مقارنة بـ2.2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الذي سبقه، وهو ما يتماشى مع التوقعات في استطلاع لآراء خبراء اقتصاديين أجرته «رويترز». وقد ساهمت أسعار الطاقة وارتفاع تكاليف الخدمات في هذا التسارع.

ومع أن التضخم قد ظل فوق هدف «البنك المركزي الأوروبي» البالغ اثنين في المائة خلال الآونة الأخيرة، فإن البيانات على مدار الأشهر المقبلة قد تكون متقلبة، مع توقعات تشير إلى انخفاض التضخم في النصف الثاني من العام؛ مما يتيح إمكانية تحقيق الهدف. وكان «البنك المركزي الأوروبي» قد خفض أسعار الفائدة 4 مرات في العام الماضي، وأعلن أن هدفه بات في متناول اليد، مما يفتح المجال لمزيد من تخفيف السياسات، رغم أن السرعة والتوقيت لا يزالان موضع نقاش.

وظل التضخم الأساسي، الذي يعدّ مؤشراً مهماً على استقرار نمو الأسعار، ثابتاً عند 2.7 في المائة، بينما تسارع مكون الخدمات؛ أكبر عنصر في سلة أسعار المستهلك، إلى 4 من 3.9 في المائة. إضافة إلى ذلك، أظهر مسح للمستهلكين من «المركزي الأوروبي» ارتفاعاً في توقعات التضخم للأمدين القريب والمتوسط، حيث رجحت الأرقام أن تبلغ 2.4 في المائة بعد 3 سنوات، وهو ما يتجاوز 2.1 في المائة بالمسح السابق وهدف «البنك المركزي الأوروبي».

ورغم ارتفاع التضخم في ديسمبر الماضي، الذي توقعته الأسواق بعد أن أظهرت بيانات من إسبانيا وألمانيا هذا الاتجاه، فإن رهانات خفض أسعار الفائدة لا تزال قائمة، مع توقعات بأن تخفَّض الفائدة في اجتماع 30 يناير (كانون الثاني) الحالي. ومع ذلك، لم يعد المستثمرون يتوقعون تخفيضات متواصلة في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل؛ إذ يرون فرصة بنسبة 50 في المائة لأن يتجنب «المركزي الأوروبي» الاجتماع في النصف الأول من العام. ومن المتوقع أن ينخفض سعر الفائدة على الودائع من 3 إلى 2 في المائة بحلول نهاية العام.

ويعود التحفظ في السوق إلى قوة الدولار الأخيرة، مما يزيد من تكلفة واردات السلع الأساسية، ويؤثر على الأسعار من خلال زيادة تكاليف الطاقة، بما في ذلك وقود السيارات. وقد يرتفع الدولار أكثر إذا نفذت الإدارة الأميركية الجديدة المقترحات بشأن التعريفات التجارية، وهو ما يُحتمل أن يُعدّ تأثيراً لمرة واحدة ولا يستدعي تغييرات في السياسة الاقتصادية.

وبشأن الاتجاهات الأساسية، فإنه حتى أكبر أعضاء «مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي» تشدداً يتفقون على أن التضخم تحت السيطرة إلى حد كبير، وأن الهدف في متناول اليد.

من ناحية أخرى، يظل النمو الاقتصادي في المنطقة ضعيفاً، وسوق العمل تتباطأ، وتشير البيانات إلى أن وتيرة التوظيف تتراجع بشكل كبير منذ أشهر عدة.