المفوضية الأوروبية تحضّ على إقفال «المناطق الحمراء»

مسؤول يحذر من أن المشهد الوبائي الحالي أسوأ من السيناريوهات المتوقعة

أحد الأحياء المعزولة في مدريد  (أ.ب)
أحد الأحياء المعزولة في مدريد (أ.ب)
TT

المفوضية الأوروبية تحضّ على إقفال «المناطق الحمراء»

أحد الأحياء المعزولة في مدريد  (أ.ب)
أحد الأحياء المعزولة في مدريد (أ.ب)

تعيش الأجهزة الصحّية في الاتحاد الأوروبي، ومعها الدوائر المعنيّة مباشرة بإدارة أزمة «كوفيد - 19»، حالاً من القلق الشديد مع تدهور الوضع الوبائي في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي، وبلوغ الإصابات أرقاماً تجاوزت في عدد من الدول تلك التي كانت سائدة في ذروة المرحلة الأولى، عندما أُصيبت الحركة الاقتصادية في أوروبا بحالة من الغيبوبة، ودخلت في أزمة لم تعرف بقسوتها منذ أكثر من مائة عام.
ويقول مسؤول مقرّب من المفوّضة الأوروبية لشؤون الصحة ستيلّا كيرياكيديس، إن الأرقام والتقارير الصحية الأخيرة «ترسم مشهداً حالياً للوباء يتجاوز أسوأ السيناريوهات التي كنا نتوقعها أواخر الخريف، وليس في بداياته». وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعربت عن قلقها إزاء الارتفاع المتواصل في عدد الإصابات الأوروبية التي تستدعي علاجاً في المستشفى، وازدياد الحالات الخطرة في وحدات العناية الفائقة، ودعت الحكومات إلى «الاستعداد لمرحلة دقيقة لا تخلو من المخاطر التي قد تنشأ عن تغيير محتمل في مواصفات الفيروس أو عن مواصفات ليست معروفة بعد بشكل كامل عن تداعياته».
وجاء في مذكّرة داخلية بعث بها المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة إلى المفوضيّة، يوم الأربعاء الماضي، أن «26 منطقة وإقليماً أوروبيّاً تجاوزت أرقام الإصابات فيها الخط الأحمر، الذي يشكّل الحد الفاصل بين مرحلة التدابير الصارمة للوقاية والاحتواء، ومرحلة العزل التام لمنع خروج الوباء عن السيطرة». ورغم عدم ذكر هذه المناطق والأقاليم بالأسماء، قالت مصادر مطّلعة إن تسعاً منها في إسبانيا، والبقيّة موزّعة بين فرنسا وبلجيكا وهولندا والنمسا واليونان ومالطا وبلغاريا.
تجدر الإشارة إلى أن هذا «الخط الأحمر» الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية في توجيهاتها لإدارة الجائحة، ويستند إليه المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة في إعداد توصياته إلى الدول الأعضاء، يقوم على نتائج الدراسة التي وضعها خبراء معهد الصحة العامة في جامعة «هارفارد» الأميركية، ويحدّد الخط الفاصل بين المرحلتين عند بلوغ الإصابات اليومية 25لكل مائة ألف مواطن على مدى أسبوع، و350 إصابة على مدى 14 يوماً. ويرى خبراء المركز الأوروبي أن الإقفال التام في المناطق والأقاليم التي تجاوزت فيها الإصابات الخط الأحمر بات السبيل الوحيد لمنع خروج الوباء عن السيطرة، ويحذّرون من أن تأخير تدابير الإقفال التام سيؤدي إلى فرضه لاحقاً بشروط أقسى ولفترات أطول.
ويشدّد المسؤولون في المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة على ضرورة الإسراع في اتخاذ التدابير الوقائية والاحتوائية الصارمة، وعدم تضييع الوقت في المفاضلة بين الاعتبارات الصحية والاقتصادية، كما يحذّرون من أن الفترة الفاصلة من الآن حتى ظهور اللقاحات ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل الوضع الوبائي وتداعياته على شتّى الأصعدة، خصوصاً الاقتصادي منها.
وفيما بدأت الأوساط العلمية تخفّف من توقعاتها حول ظهور اللقاحات والمباشرة بتوزيعها قبل نهاية السنة الحالية، وتضرب مواعيد لهذا الاستحقاق أواخر الفصل الأول من العام المقبل، كشف مسؤول في وزارة الصحة الصينية أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت عن تأييدها للحملة التي بدأتها الصين في يوليو (تموز) الفائت لتلقيح آلاف العمّال الذين يقدّمون خدمات أساسية، وبعض الفئات الأكثر تعرّضاً، وذلك قبل نهاية التجارب السريرية في المرحلة الثالثة، والتأكد من فعالية اللقاح وسلامته.
وعادت منظمة الصحة لتحذّر أمس على لسان مديرها العام تيدروس أدناهوم، من عواقب إخضاع إدارة الأزمة والجهود العلمية الجارية لتطوير اللقاحات للحسابات السياسية، فيما أعلن الباحث البريطاني جيريمي فارّار، الذي يدير مجموعة «ويلكوم ترست»، أن السبيل الوحيد للخروج نهائياً من أزمة «كوفيد - 19» هو «تلقيح عدد محدود من الأشخاص في كل البلدان، وليس تلقيح الجميع في بعض البلدان». وقال فارّار إن تلقيح 20 في المائة أو 30 في المائة من السكّان الأكثر تعرّضاً في كل بلد هو السبيل الوحيد الكفيل بإعادة الحياة الطبيعية، وإنقاذ الاقتصاد العالمي، معرباً عن خشيته من أن الدول الغنيّة التي تموّل المشاريع المتقدمة لتطوير اللقاح ستنحو في الاتجاه المعاكس عند ظهور اللقاح. وتنشط المجموعة التي يديرها فارّار منذ سنوات في تمويل البحوث العلمية المتطورة من أرباح صندوق استثماري خيري بقيمة 30 مليار دولار، وتشارك حالياً في تمويل 9 مشاريع لتطوير لقاح ضد «كوفيد - 19»، من بينها اللقاح الذي يجري تطويره في جامعة «أكسفورد». وكان فارّار من بين الأوائل الذين حذّروا في ديسمبر (كانون الأول) الفائت من خطورة الالتهابات التنفسية التي ظهرت على الإصابات الأولى في مدينة ووهان الصينية، وتنكّب مجموعته منذ عامين على الاستعداد العالمي لمواجهة الجائحات بعد أن لعبت دوراً أساسياً في تطوير لقاح ضد وباء «إيبولا».
ودعا فارّار، الدول الغنيّة، إلى توثيق التعاون مع منظمة الصحة العالمية والتحالف الدولي لتطوير اللقاحات، مذكّراً بأن «حكومات الدول الكبرى والبنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى تنفق 500 مليار دولار شهريّاً لحماية الاقتصاد العالمي، فيما تكفي 35مليار دولار لتمويل الخطة التي تشرف عليها منظمة الصحة من أجل توزيع اللقاحات بشكل عادل على كل الدول العالم»، ومؤكداً بأن مثل هذا الاستثمار هو الأفضل في تاريخ البشرية. يذكر أن الحكومة البريطانية كانت قد أعلنت بلسان المدير العام لفريق الاستجابة لـ«كوفيد - 19» سايمون مانلي، بأنها ستزيد مساهمتها في موازنة منظمة الصحة العالمية بنسبة 30 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة لمواجهة جائحة «كورونا»، وأنها ستخصص 340 مليون جنيه إسترليني لهذا الغرض.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.