«الاقتصاد الأخضر»... الخيار الطبيعي للتعافي من تداعيات «كورونا»

متطوعون يفرزون زجاجاً مكسوراً لإعادة تدويره بعد جمعه من ركام انفجار ميناء بيروت الشهر الماضي (رويترز)
متطوعون يفرزون زجاجاً مكسوراً لإعادة تدويره بعد جمعه من ركام انفجار ميناء بيروت الشهر الماضي (رويترز)
TT

«الاقتصاد الأخضر»... الخيار الطبيعي للتعافي من تداعيات «كورونا»

متطوعون يفرزون زجاجاً مكسوراً لإعادة تدويره بعد جمعه من ركام انفجار ميناء بيروت الشهر الماضي (رويترز)
متطوعون يفرزون زجاجاً مكسوراً لإعادة تدويره بعد جمعه من ركام انفجار ميناء بيروت الشهر الماضي (رويترز)

تعتمد أرزاقنا واقتصاداتنا على الموارد والخدمات التي تتيحها الطبيعة. لذلك فمن شأن تدهور هذه الموارد والخدمات نتيجة الأنشطة البشرية أن يُضعف القدرة الإنتاجية للطبيعة التي يعتمد عليها الاقتصاد لتلبية الاحتياجات الأساسية، ومنها المياه والطاقة والغذاء. وهذا يستدعي أن نتبع نمط عيش أكثر اتزاناً ونساهم في اقتصاد أخضر يضمن حماية البيئة وكرامة الإنسان.
وأفاد تقرير جديد أصدره «المنتدى الاقتصادي العالمي» بأن التركيز على التعافي اقتصاديا من جائحة «كورونا» بشكل يراعي البيئة، أو ما يُعرف بالاتجاه إلى «الاقتصاد الأخضر»، من شأنه أن يعزّز الاقتصاد العالمي بـ10 تريليونات دولار سنوياً، ويولّد 395 مليون وظيفة مع حلول 2030.
يُشكّل الاقتصاد الأخضر مثالاً مختلفاً للنظر إلى التفاعل بين الأنشطة البشرية والظروف الاجتماعية والبيئة. وعلى عكس الاتجاه التقليدي في التخطيط الاقتصادي الذي ينظر إلى البيئة بمعزل عن أي شيء آخر، فإن الاقتصاد الأخضر يوفّق بين سياسات الاقتصاد الكلي للدولة والأهداف البيئية والاجتماعية لهذه السياسات. إنه نهج مبني على دمج النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والمساواة الاجتماعية بشكل متكامل. ويُعطي الاقتصاد الأخضر قيمة لرأس المال الطبيعي، مما يسمح بتنفيذ الأنشطة البشرية وتحقيق التنمية الاقتصادية من دون تخطي الحدود الإيكولوجية للأنظمة البيئية أو التأثير سلباً على الأوضاع الاجتماعية.
- «الاقتصاد الأخضر» عربياً
عرض تقرير بعنوان «الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغيّر» الذي أعده «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» (أفد)، للتحديات البيئية التي يمكن التصدي لها باعتماد نهج الاقتصاد الأخضر، وخلُص إلى مجموعة من الاستنتاجات هنا أهمها:
- الاقتصاد الأخضر نهج مبني على دمج متكامل لثلاثة أهداف: النمو الاقتصادي، والاستدامة البيئية، والمساواة الاجتماعية.
- في البلدان العربية اليوم أكثر من 50 مليون نسمة يفتقرون إلى مياه نظيفة وخدمات صرف صحي مأمونة.
- يجب العمل على زيادة نسبة مياه الصرف المعالجة من 60 في المائة حالياً إلى ما بين 90 و100 في المائة، وزيادة نسبة المياه المعالجة التي يُعاد استخدامها من 20 في المائة حالياً إلى 100 في المائة. ولا بد من تطوير تكنولوجيات جديدة لتحلية المياه، خاصة باستخدام الطاقة الشمسية.
- تستهلك الزراعة أكثر من 85 في المائة من موارد المياه العذبة في البلدان العربية، مع كفاءة في الري لا تتجاوز 30 - 50 في المائة.
- يستورد العرب نحو نصف حاجتهم من المواد الغذائية. وقد بلغت الفاتورة الصافية لمستوردات البلدان العربية من السلع الغذائية الرئيسية 56 مليار دولار عام 2011، بما فيها 34 مليار دولار للحبوب.
- من المتوقع أن يحقق التحول إلى الممارسات الزراعية المستدامة التي تحمي التربة والمياه وُفورات في البلدان العربية تتراوح بين 5 و6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما مقداره نحو 125 مليار دولار سنوياً.
- يفتقر نحو 50 مليون نسمة في البلدان العربية إلى خدمات طاقة يمكن تحمل نفقاتها.
- الدعم الحكومي لأسعار الطاقة يشجّع على الهدر والإسراف في الاستهلاك. ويُعتبر استهلاك الفرد للطاقة في بعض الدول العربية المنتجة للنفط من أعلى المعدلات عالمياً. وإذا انخفض معدل الاستهلاك الفردي السنوي للكهرباء في البلدان العربية إلى المعدل العالمي، من خلال إجراءات كفاءة الطاقة، فسوف يولّد ذلك وفورات تصل إلى 73 مليار دولار سنوياً. وإذا خفض دعم أسعار الطاقة بنسبة 25 في المائة، فسيحرر ذلك أكثر من 100 مليار دولار خلال مدة ثلاث سنوات، وهذا مبلغ يمكن تحويله لتمويل الانتقال إلى مصادر الطاقة الخضراء، خصوصاً طاقة الشمس والرياح، وتوليد ملايين فرص العمل.
- بتحقيق هدف «تخضير» 50 في المائة من قطاع النقل في البلدان العربية، من خلال زيادة كفاءة الوقود وازدياد استعمال النقل العام والسيارات الهجينة (هايبريد) التي تعمل على الوقود التقليدي والكهرباء، تتولد وفورات تقدر بنحو 23 مليار دولار سنوياً.
- إنفاق 100 مليار دولار في تخضير 20 في المائة من الأبنية القائمة في البلدان العربية خلال السنوات العشر المقبلة، باستثمار ما معدله 10 آلاف دولار لكل مبنى لتركيب تجهيزات حديثة، يُتوقَّع أن يخلق أربعة ملايين فرصة عمل.
- يتجاوز معدل إنتاج النفايات الصلبة في بعض البلدان العربية 1.5 كيلوغرام للفرد يومياً، وهذا من أعلى المعدلات في العالم. وتبلغ كمياتها المنتجة في البلدان العربية أكثر من 200 مليون طن سنوياً. لكن معدّل إعادة التدوير لا يتجاوز 5 في المائة حالياً. ويمكن أن يؤمن «تخضير» قطاع إدارة النفايات للبلدان العربية 5.7 مليار دولار سنوياً.
- قُدّرت احتياجات الاستثمار في قطاع النفايات في المنطقة العربية بنحو 22 مليار دولار سنوياً، موزّعة على الشكل الآتي: الجمع والتحويل (38 في المائة)، الطمر وإنتاج الكومبوست أو السماد (27 في المائة)، المعالجة الميكانيكية والبيولوجية (17 في المائة)، تحسين المكبّات أو إغلاقها (12 في المائة)، تحويل النفايات إلى طاقة (6 في المائة).
للتوصل إلى اقتصاد أخضر فعّال، على البلدان العربية أن تضع استراتيجيات للتنمية الصناعية تقلل التلوث وتكون منخفضة الكربون، أي كفؤة في استهلاك الطاقة. كذلك فإن اعتماد تدابير كفاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة في قطاع السياحة العربية يؤديان إلى خفض استهلاك الطاقة، وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في هذا القطاع، بالإضافة إلى تدابير كفاءة المياه.


مقالات ذات صلة

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

بيئة أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الاقتصاد وزيرة التنمية المحلية القائمة بأعمال وزير البيئة المصرية خلال اجتماعها مع أحد المستثمرين (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر تبحث فرص تعزيز الاستثمار البيئي داخل المحميات الطبيعية

عقدت وزيرة التنمية المحلية القائمة بأعمال وزير البيئة المصرية اجتماعاً مع أحد المستثمرين لبحث فرص تعزيز الاستثمار البيئي داخل المحميات الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك الأشخاص الذين مارسوا ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين الرياضية أسبوعياً انخفض لديهم خطر الوفاة (رويترز)

المشكلة الشائعة التي تُقلّل من فوائد التمارين الرياضية

معروف أن ممارسة الرياضة بانتظام تُحسّن الصحة النفسية، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن محيط الخصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحياء غارقة بكاملها في مدينة نها ترانغ الساحلية بفيتنام جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة الوفيات من الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43

أعلنت السلطات الفيتنامية، الجمعة، أن الأمطار الموسمية والانهيارات الأرضية الناجمة عنها أسفرت عن وفاة 43 شخصاً في فيتنام منذ مطلع الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هانوي)

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
TT

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)

رصد باحثون في كندا مؤخراً حالة نادرة جداً لدبة قطبية تبنَّت شبلاً لم تلده في شمال البلاد.

وقال الباحث في هيئة البيئة الكندية إيفان ريتشاردسون الذي يجري دراسات بشأن هذا المفترس الأكبر في القطب الشمالي منذ 25 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تُسجَّل سوى 13 حالة (من هذا النوع) خلال 45 عاماً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن ريتشاردسون وفريقه من الإمساك بدبة مع شبلين لها، يبلغ سن أحدهما 10 أشهر، والآخر 11 شهراً، بالقرب من تشرشل التي تُلقَّب بـ«عاصمة الدببة القطبية في العالم»، والواقعة في شمال مانيتوبا بوسط كندا.

وأضاف: «عندما اقتربنا، لاحظنا أن أحد الشبلين يحمل علامة تعريف، بينما الآخر لا يحملها»؛ مشيراً إلى أن الأم نفسها شوهدت قبل بضعة أشهر مع شبل واحد فقط.

دب قطبي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي هذه المنطقة الشمالية، يضع الباحثون علامات تعريف على الدببة القطبية ليتسنى لهم تتبعها ودراستها طوال حياتها.

وأكدت عمليات التتبع عبر أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع العالمية (جي بي إس) والملاحظات التي أجرتها منظمة «بولار بيرز إنترناشيونال»، وهي مجموعة بحثية معنية بالدببة القطبية، أن الأنثى المعنية احتفظت بالشبلين معها لأسابيع.

وقال إيفان ريتشاردسون: «إنها قصة رائعة. هذه الدببة القطبية تتمتع بحسِّ أمومة مذهل؛ إذ إنها مهيَّئة بطبيعتها لرعاية صغارها».

وقد انخفض عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30 في المائة خلال بضعة عقود فقط، من نحو 1200 دب في ثمانينات القرن الماضي إلى 800 دب اليوم. ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع ذوبان الجليد الذي يشكل عنصراً ضرورياً لبقائها.

مع ذلك، لا يوجد دليل يربط بين هذا التبني وتغير المناخ، وفق ريتشاردسون.

ويجري حالياً فحص جيني لتحديد الأم البيولوجية للشبل المتبنَّى. وقال العالِم إنَّ ثمة «احتمالاً كبيراً أن نكتشف هويتها».

على مدى 45 عاماً، رُصد أكثر من 4600 دب قطبي في هذه المنطقة من كندا، ما يجعلها، حسب ريتشاردسون: «أفضل مجموعة دببة قطبية دُرست في العالم».


العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
TT

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني، وهو اكتشاف يقولون إنه بين أغنى مواقع العصر الترياسي في العالم، وفقاً لـ«رويترز».

وتمتد المسارات، التي يصل عرض بعضها إلى 40 سنتيمتراً وتظهر عليها علامات مخالب، لمسافة خمسة كيلومترات تقريباً في منطقة فالي دي فرايلي الجليدية المرتفعة قرب بورميو، وهو أحد أماكن استضافة الأولمبياد الشتوي لعام 2026 في إقليم لومبارديا الشمالي.

وقال كريستيانو دال ساسو عالم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بميلانو في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، في مقر رئاسة إقليم لومبارديا: «هذا أحد أكبر مواقع آثار الأقدام في إيطاليا وأقدمها، ومن أروع المواقع التي رأيتها منذ 35 عاماً».

ويعتقد الخبراء أن هذه الآثار خلّفتها قطعان من الديناصورات آكلات الأعشاب طويلة العنق، على الأرجح من فصيلة بلاتيوسورس، منذ أكثر من 200 مليون سنة عندما كانت المنطقة بحيرة دافئة، وهي مثالية لتجول الديناصورات على الشواطئ تاركة آثاراً في الطين قرب المياه.

ومع تحرك الصفيحة الأفريقية تدريجياً نحو الشمال مؤدية إلى إغلاق المحيط تيثيس وتجفيفه، طويت الصخور الرسوبية التي شكلت قاع البحر، مما أدى إلى تكون جبال الألب.

وقال خبراء إن آثار أقدام الديناصورات المتحجرة تحولت من الوضع الأفقي إلى الوضع الرأسي على منحدر جبلي رصده مصور للحياة البرية في سبتمبر (أيلول) في أثناء مطاردته غزلاناً ونسوراً.


القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
TT

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية يرسم صورة قاتمة لمستقبل القطب الشمالي المعرَّض بشكل خاص لتبِعات تغيّر المناخ.

ووفق هذا التقرير السنوي، الذي نشرته الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، الثلاثاء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وسبتمبر (أيلول) 2025، المعدل المسجل بين عاميْ 1991 و2020 بمقدار 1.60 درجة مئوية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».