أحداث العام 2014: «داعش».. التنظيم الذي أظهر «القاعدة» حملا وديعا

عام 2014 كان ذروة قوته.. وشهد فيه بداية انحداره

أحداث العام 2014: «داعش».. التنظيم الذي أظهر «القاعدة» حملا وديعا
TT

أحداث العام 2014: «داعش».. التنظيم الذي أظهر «القاعدة» حملا وديعا

أحداث العام 2014: «داعش».. التنظيم الذي أظهر «القاعدة» حملا وديعا

شغل تنظيم داعش العالم في عام 2014.. من المرجح أن يستمر في ذلك في عام 2015. قساوة هذا التنظيم المتطرف جعلت النظر إلى «القاعدة» الذي دوخ العالم لسنوات كثيرة كأنه يبدو تنظيما «وديعا» مقارنة بأداء تنظيم داعش؛ فالتنظيم الأم تراجع أمام المد الداعشي الكبير، وبدأ يفقد أتباعه ومريديه حول العالم لصالح التنظيم الابن الذي بدأ يجذب بخطابه المتطرف آلاف المتشددين من مختلف أصقاع العالم ويأتي بهم إلى سوريا متسلحا بجاذبية القضية السورية.
غير أن الأهم هو ما حققه هذا التنظيم لهؤلاء من «حلم» دولة الخلافة التي أقامها على أجزاء من البلدين المتجاورين اللذين حكمهما حزب واحد لعقود من الزمن، ويتحكم بجزء كبير منهما اليوم حزب آخر، تجمعهما «العقيدة»: البعث و«داعش». وتسيطر «دولة» أبو بكر البغدادي اليوم على نحو 90 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر بنحو 90 مرة من مساحة بلد صغير كلبنان، وتوازي مساحة الأردن، حيث استطاع إنشاء مؤسساته عليها رغم الحملة الضارية التي يشنها عليه خصومه، في العراق وسوريا، ومن خلفهما تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة.
لم تكن بداية العام مبشرة لتنظيم داعش في سوريا، خلافا للعراق.. ففي سوريا كان يتعرض لحملة غير مسبوقة من قبل الجيش الحر، الذي أخرج التنظيم من مدينة حلب ومحيطها، لكن الأخطر بالنسبة للتنظيم المتطرف هو مشاركة جماعات متشددة أخرى تعمل وفق المنهج الفكري نفسه؛ ففي 4 يناير (كانون الثاني) 2014، شنّت «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» حملة عسكرية واسعة ضد «داعش». حتى جبهة «النصرة» التي حاولت الظهور بمظهر المحايد، انخرطت لاحقا في هذه الحرب بشكل علني وشرس.
تعاطى التنظيم بمرونة لافتة مع الحملة، فسحب قواته من كثير من المناطق السورية، وركز وجوده في مناطق أخرى مهمة استراتيجيا بالنسبة إليه لقربها من الحدود العراقية. أدت المعارك في البداية إلى تقهقر التنظيم سريعا في ريف حلب، لكن على حساب محافظة الرقة التي سيطر عليها التنظيم بشكل كامل؛ ففي 12 يناير، عقدت «حركة أحرار الشام الإسلامية» هدنة مع التنظيم في الرقة، سلمته بموجبها أسلحتها ومقارّها، وسيطر «داعش» على المدينة بشكل كامل.
وفي المقابل، كان «داعش» يزداد قوة في العراق.. فللمفارقة أن تاريخ الحملة عليه في سوريا (4 يناير) 2014، كانت الفلوجة تقع تحت سيطرته بشكل كامل.
غير أن موسم «داعش» الحقيقي بدأ في يونيو (حزيران) 2014، فحينها فقط بدأ التنظيم المتطرف يقطف ثمار أخطاء وممارسات النظامين، السوري والعراقي؛ ففي العاشر منه سيطر مسلحوه على محافظة نينوى، ودخلت عناصره مدينة الموصل بمساعدة من عناصر بعثية سابقة وبعض الحلفاء الآخرين (انقض عليهم بعد أن دانت له السيطرة الكاملة) وأطلق ألف سجين من السجن المركزي، وسيطر على ترسانة ضخمة من الأسلحة والذخائر تركها الجنود العراقيون الفارون، وتباهى بها التنظيم فيما بعد في شوارع مدينة الرقة السورية. كما سيطر على فروع البنك المركزي العراقي في الموصل حيث يقال إنه غنم نحو نصف مليار دولار نقدا.
وفي 11 يونيو اختطف مسلحون 48 شخصا بينهم القنصل التركي، لم ينفع اجتماع طارئ لحلف شمال الأطلسي (تركيا عضو فيه) في إطلاقهم، غير أنهم أعيدوا إلى بلادهم في أعقاب صفقة بين الحكومة التركية والتنظيم بعد أشهر عدة.
وسيطر التنظيم المتطرف على مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين، وهي مركز محافظة صلاح الدين، ثم ما لبث أن أعلن حملة هجمات على بغداد، وقد تمكنت مجموعات منها من السيطرة على ناحيتي السعدية وجلولاء وتبعدان تقريبا 65 كيلومترا عن المدينة.
وفي نهاية الشهر (29 يونيو) كان إعلان «دولة الخلافة» عندما خرج المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني في شريط يُعلن قيام «دولة الخلافة»، و«مبايعة الخليفة إبراهيم» ذي النسب القرشي «إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان»، ولتعلن أيضا تغيير اسمها من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام التي كانت تعرف بين الناس اختصارا بـ«داعش»، إلى «الدولة الإسلامية».
وفي الأول من يوليو (تموز) 2014، كانت أول كلمة صوتية للبغدادي بعد «مبايعته خليفة للمسلمين». وفي الخامس منه سجل أول ظهور للخليفة المزعوم في مدينة الموصل، حيث بث التنظيم تسجيلا له وهو يؤم المصلين في أحد مساجد المدينة، ملقيا خطبة اقتبس فيها من خطبة الخليفة الأول أبي بكر الصديق عند توليه الخلافة، قائلا: ««لقد ابتليت بهذا الأمر العظيم، لقد ابتليت بهذه الأمانة، أمانة ثقيلة، فوليت عليكم ولست بخيركم ولا أفضل منكم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وأن رأيتموني على باطل فانصحوني وسددوني، وأطيعوني ما أطعت الله فيكم»، متجاهلا عبارة «فإذا عصيتُه فلا طاعة لي عليكم»، ثم أكمل خطبته معززا استراتيجية تنظيمه الدموية بقوله: «إن الله أمرنا أن نقاتل أعداءه ونجاهد في سبيله لتحقيق ذلك وإقامة الدين»، مضيفا: «أيها الناس إن دين الله تبارك وتعالى لا يقام ولا تتحقق هذه الغاية التي من أجلها خلقنا الله إلا بتحكيم شرع الله والتحاكم إليه وإقامة الحدود، ولا يكون ذلك إلا ببأس وسلطان».
وبالفعل، رسم التنظيم «حدوده» الخاصة، فروع الناس بصور مجازره وصولا إلى لعب عناصره كرة القدم برؤوس أعدائهم، مقدما صورة قاسية جدا، كانت عاملا أساسيا في انتصاراته. وبإعلانه الخلافة، كان التنظيم يوجه ضربته الكبرى للتنظيم الأم، القاعدة؛ فهو أعلن نفسه بهذا الإجراء أكبر منها، وأسقط مبايعتها وشرعيتها. ويبدو ذلك واضحا من خلال بيان الإعلان عن «الخلافة» من قبل أبو محمد العدناني المتحدث باسم الجماعة الذي قال: «ننبه المسلمين أنه بإعلان الخلافة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة إبراهيم (أبو بكر البغدادي) حفظه الله، وتبطل شرعية جميع الإمارات والجماعات والولايات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصلها جنده.. فاتقوا الله يا عباد الله واسمعوا وأطيعوا خليفتكم وانصروا دولتكم».
وفي سوريا، كان التنظيم يزداد قوة، فسيطر في 3 يوليو 2014 على الشحيل، وعدد من القرى والبلدات في دير الزور، لتصبح المحافظة في معظمها تحت سيطرته المطلقة، ثم يتقدم بثقة نحو الحدود التركية، بعدما أزال عناصره الحدود بين العراق وسوريا بمشهد احتفالي بثت صوره من قبل التنظيم تحت عنوان «كسر الحدود»، حيث مقاتلون من مختلف الجنسيات يمزقون جوازات سفرهم، معلنين تحطيم «حدود سايكس بيكو في الطريق لإقامة الخلافة الراشدة». وقال أبو محمد العدناني إن مجاهدي الدولة قاموا بإزالة الحدود التي وصفها بـ«الصنم»، معتبرا أنها فرقت بين الدول الإسلامية و«مزقت الخلافة».
بدء التراجع مع بدء غارات التحالف
بعد اقتراب «داعش» من أسوار بغداد صدرت الفتوى الشهيرة للمرجع الشيعي العراقي آية الله علي السيستاني بالتطوع لمواجهة «داعش»، ما أعطى السلطات العراقية القدرة على الصمود في وجه المد الداعشي، بالتزامن مع دخول البيشمركة الكردية على الخط بدخولها مدينة كركوك، وبدء الدعم العسكري الدولي الذي استهل ببضعة غارات على طليعة القوات المتقدمة باتجاه أربيل من جهة، وبغداد من جهة أخرى، وجسر جوي لإنقاذ الإيزيديين المحاصرين في جبال سنجار بعد بيع الكثير من فتياتهم سبايا لعناصر التنظيم.
كانت الغارة الأميركية الأولى في 4 يوليو 2014، بعد أن أرسلت الولايات المتحدة نحو 800 جندي إلى مقر سفارتها في بغداد، وكذلك إلى القنصلية العامة في أربيل. وفي ذلك اليوم، قصفت قاذفة قنابل أميركية القاعدة العسكرية «أسامة بن لادن» في قرية أقيريشا سوريا. وأرسلت قوة من وحدة دلتا في محاولة لإنقاذ الصحافي جيمس فولي الذي بث التنظيم في وقت لاحق مشهد إعدامه ذبحا من قبل عناصر التنظيم، وهو مشهد تكرر مع عدة رهائن أميركيين وبريطانيين وفرنسي انتقاما من الحملة الغربية.
وفي 7 أغسطس (آب) 2014، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب متلفز بدء الحرب ضد التنظيم، وفي 8 أغسطس، بدأت القوات الأميركية أول ضرباتها في العراق لحماية مسؤوليها في أربيل، ثم باشرت طائرات هذا التحالف العربي - الغربي بقصف مواقع التنظيم في العراق أولا، ثم في سوريا لاحقا. وكانت محاولة التنظيم دخول مدينة كوباني الكردية عنوانا أساسيا في عملية تراجع التنظيم، فبعد أشهر من الحصار ومحاولات التقدم، فشل التنظيم في اجتياح المدينة التي تقع تماما على الحدود مع تركيا. وكان ذلك ثمرة جهد دولي مكثف، سواء بالغارات التي شنت على قواته، أو بالضغوط على تركيا لفتح حدودها وتقديم المساعدات للمقاتلين والسكان.
ويعتقد على نطاق واسع أن معركة الحسم النهائية مع «داعش» سوف تبدأ في الربيع المقبل؛ وذلك لاعتبارات عدة، أولها عامل الطقس الذي سيكون مساعدا للقوات المهاجمة، وثانيها اكتمال عدة التحالف الميدانية التي تحتاج إلى تبلور قوة المقاتلين، من الجيش العراقي الذي يخضع لعملية تأهيل شاملة.

ولايات التنظيم

* أعاد «داعش» رسم حدود المنطقة، وأعاد تقسيم مناطق نفوذه وفق تصنيف يعتمد نظام «الولايات» بلغ عددها 16 ولاية، نصفها في العراق، وهي: ولاية ديالى، ولاية الجنوب، ولاية صلاح الدين، ولاية الأنبار، ولاية كركوك، ولاية نينوى، ولاية شمال بغداد، ولاية بغداد. ونصفها الثاني في سوريا، وهي: ولاية حمص، ولاية حلب، ولاية الخير (دير الزور)، ولاية البركة (الحسكة)، ولاية البادية، ولاية الرقة، ولاية حماه وولاية دمشق. وأعطى التنظيم والي كل منطقة صلاحيات مطلقة في رسم الحدود وجمع الضرائب يعاونه 3 أمراء، أحدهم متخصص بالأمن، وثانيهما بالعسكر، وثالثهما أمير شرعي. وقسم الولايات إلى «قواطع» على كل منها «أمير» يشرف بدوره على المدن التي ينصب على كل منها أيضا أمير.

هيكلية التنظيم: الخليفة والأمن

* يقع «الخليفة» في رأس التنظيم، فهو يجمع شروط الولاية، كالعلم الشرعي والنسب القرشي، ولهذا يعود إليه أمر الحل والربط في «الدولة» المفترضة، يعاونه في ذلك عدة مؤسسات أبرزها مجلس الشورى الذي يعد من أهم المؤسسات التابعة للتنظيم، بالإضافة إلى «الهيئة الشرعية» التي تعد إحدى أهم مؤسسات التنظيم، يرأسها أبو محمد العاني، ومن مهماتها الإشراف على القضاء، والفصل بين الخصومات والنزاعات المشتركة، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إضافة إلى الإرشاد، والتجنيد، والدعوة، ومتابعة الإعلام.
ومن أبرز المؤسسات أيضا بيت المال الذي يعتقد أنه الأغنى في تاريخ الحركات الجهادية.
أما المجلس العسكري فهو يتكوّن من نحو 13 عضوا، ويترأسه عمر الشيشاني، وهو يلعب دورا أساسيا في تركيبة التنظيم، لأنه مسؤول عن التخطيط للغزوات وتقويم عمل «الأمراء»، إضافة إلى إشرافه على التسليح والغنائم.
ويفصل التنظيم بين العسكر والأمن، فهناك أيضا المجلس الأمني الذي يعتقد أنه برئاسة ضابط استخبارات عراقي سابق يدعى أبو علي الأنباري، ويتولى هذا المجلس أساسا كل ما يتعلق بأمن البغدادي، كما يتابع «الأمراء الأمنيين في الولايات والقواطع والمدن»، بما معناه الرقابة على الولاة أنفسهم لضمان مركزية القرار.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم