تجاذب حول مآل «الأرشيف الرئاسي» عشية انتقال السلطة في تونس

الباجي قائد السبسي يستعد لأداء اليمين الدستورية الأربعاء

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي
TT

تجاذب حول مآل «الأرشيف الرئاسي» عشية انتقال السلطة في تونس

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي

قبل أداء الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي اليمين الدستورية يوم الأربعاء المقبل، طفا على سطح الأحداث السياسية في البلاد ملف تسليم الأرشيف الرئاسي إلى «هيئة الحقيقة والكرامة» المعنية بتطبيق قانون العدالة الانتقالية المفضي إلى المحاسبة والمصالحة بين الفرقاء السياسيين من رموز النظام السابق والمجتمع التونسي.
ولقي توجه رئيسة الهيئة سهام بن سدرين إلى القصر الرئاسي، مساء أول من أمس، صدى لدى ممثلي الأمن الرئاسي، إذ منعت من الدخول بهدف حمل آلاف الوثائق السرية المهمة من قصر قرطاج إلى مقر الهيئة.
وتحولت المسألة إلى موضوع جدل سياسي وقضائي وأمني، إذ اتهمت أطراف عدة «هيئة الحقيقة والكرامة» بالسعي إلى «التغول» وتجاوز الهياكل القانونية والقضائية، فيما دافعت بن سدرين عن موقفها وصرحت في مؤتمر صحافي باحترامها لكل الإجراءات القانونية الضرورية للحصول على الأرشيف الرئاسي. وأكدت أن القانون يقف إلى جانبها، ويسمح للهيئة بالحصول على الوثائق والأرشيف باعتباره وسيلة أساسية من بين وسائل الإثبات القانونية. وأوضحت أن الفصل 40 من القانون المنظم لعمل الهيئة يؤكد تمتعها بعدة صلاحيات أبرزها حق النفاذ إلى الأرشيف العمومي والخاص. وتبادلت «هيئة الحقيقة والكرامة» الاتهامات مع الأمن الرئاسي، إذ اتهم كل منهما الطرف الآخر بممارسة «البلطجة» ضده.
ووصفت بعض الصحف المحلية الصادرة أمس توجه بن سدرين إلى قصر قرطاج وتأجيرها ست شاحنات من الحجم الكبير لنقل الأرشيف الرئاسي بـ«غزوة القصر».
وفي رد فعل منه على تصريحات بن سدرين، قال هشام الغربي، رئيس نقابة الأمن الرئاسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي هو المؤهل من الشعب التونسي لحماية أرشيف الرئاسة، وإن عملية تسليم الأرشيف لن تحصل قبل تنصيب الرئيس التونسي الجديد. وأشار الغربي إلى أن مهمة الأمن الرئاسي تحتم عليه تأمين شخص رئيس الجمهورية وحماية الأرشيف الموجود بالقصر. كما اتهم عبد الستار المسعودي، عضو الهيئة التنفيذية لحركة «نداء تونس»، هيئة الحقيقة والكرامة بـ«إحراج الباجي قائد السبسي وحزب نداء تونس» بعد وصوله إلى السلطة.
وكان السبسي قد سخر من «هيئة الحقيقة والكرامة» ومن عملها المستقبلي، وذلك إثر إعلان فوز حركة «نداء تونس» في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أثار مخاوف أولية بشأن محاسبة رموز النظام السابق. واعتبر عدد من السياسيين أن الخطوة التي اتخذتها الهيئة «استباقية»، وأنها جاءت تحسبا لإتلاف الأرشيف أو العبث به بعد خروج الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي من القصر الرئاسي، فيما قال آخرون إن الخطوة جاءت بناء على تعليمات من الرئيس المنتهية ولايته. لكن البعض الآخر أكد أن تحرك بن سدرين «جاء للتغطية على فساد مالي وأمور أخرى حدثت في السنوات الأخيرة».
ونفت المؤسسة العسكرية التي غالبا ما ترافق مثل تلك العمليات الأمنية الحساسة علمها بموضوع نقل الأرشيف من مؤسسة رئاسة الجمهورية إلى مقر هيئة الحقيقة والكرامة. وتدخل غازي الجريبي، وزير الدفاع التونسي، مباشرة في أحد البرامج التلفزيونية لتفنيد ما تردد بشأن علم المؤسسة العسكرية بموضوع نقل الأرشيف الرئاسي.
من ناحية أخرى، أفاد محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، بأن قوات الأمن ألقت القبض يوم أمس على إجمالي 27 شخصا متشددا ممن شاركوا في محاولة اقتحام مركز للحرس الوطني بدوار هيشر (غرب العاصمة التونسية). وكانت مجموعة من المحسوبين على التيار المتشدد قد هاجمت الليلة قبل الماضية مركز أمن بإلقاء الحجارة وتهشيم بلور سيارة أمام المركز ومحاولة حرقها، مما أسفر عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن. وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن الموجودة على عين المكان ألقت القبض على 16 من المهاجمين. ويواجه المتهمون تهم التورط في جرائم لها صلة بالإرهاب وتمويل أشخاص بغية ارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم إرهابي وفق أحكام قانون مكافحة الإرهاب (قانون 2003).



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».