ميلانو تستجمع شجاعتها وتواجه {تحديات كورونا} بجمهور محدود

23 دار أزياء تقدم عروضاً حية بعد أشهر من الحجر وتعطل السفر

TT

ميلانو تستجمع شجاعتها وتواجه {تحديات كورونا} بجمهور محدود

إيطاليا تشد أنفاسها هذه الأيام خوفا من أن تداهم أسبوعها موجة جديدة من كوفيد 19 كما حدث في شهر فبراير الماضي. حينها اضطر العديد من المصممين وبيوت الأزياء إلغاء عروضهم لا سيما أن حالة من الذعر عمت البلد وسرعت بعودة ضيوف الأسبوع إلى بلدانهم خوفا من إغلاق المطارات. لكن مع انطلاق الأسبوع يوم الأربعاء الماضي لربيع وصيف 2021 أكدت ميلانو أنها أكثر شجاعة من غيرها.
فبينما كانت كل العروض في نيويورك ولندن افتراضية، قررت هي أن تعيد للموضة إيقاعها القديم، مع أخذ كل الاحتياطات اللازمة، من فحص حرارة الجسم عند المدخل وغسل اليدين ووضع الكمامة إلى التباعد الاجتماعي. وكمكافأة لها، حصلت على اهتمام إعلامي أكثر من غيرها رغم غياب مصممين وبيوت أزياء مهمة فضلت عدم المشاركة في هذا الموسم أو الاقتصار على عروض افتراضية، مثل «غوتشي» وجيورجيو أرماني ودوناتيلا فيرساتشي. هذه الأخيرة ألغت عرضها الحي بأسبوع واحد.
قدمت «فندي» تشكيلتها في اليوم الأول من الأسبوع. كانت الدار من بين 23 دار أزياء آثرت تقديم عروض حية عوض افتراضية، ولو بعدد محدود من الحضور. «فندي» مثلا لم تستقبل أكثر من 130 ضيفا في قاعة كانت في السابق تستوعب أكثر من 1500 شخص، جلسوا متباعدين ولا تكاد تتعرف على وجوه نجوم الصفوف الأمامية إلا عندما يزيلون الكمامات لالتقاط صور فوتوغرافية. لم يكن هذا هو التغيير الوحيد، فقد كانت المعروضات أيضا مختلفة هذا الموسم، تشير إلى أن الأولويات تغيرت وبأن بيوت الأزياء الكبيرة فهمت الإشارة. فرغم تمايل العارضات على أحذية بكعوب عالية وتهاديهن بتصاميم أنثوية مفعمة بأناقة وفخامة تتحدى الأزمة، فإن أكثر ما كان لافتا فيها هو اقتحام الأزياء المنزلية والأحذية الرياضية قاموس الدار الجديد. وبما أن الدار تعتمد على الجلود وتعتبر حقائب اليد ورقتها الرابحة دائما، فإنها هذه المرة أثارت الانتباه بتصاميم جديدة مخصصة للنزهات في الهواء الطلق. فأغلبنا أصبح يقضي جل أوقاته في البيوت التي تحولت بسبب جائحة كورونا إلى مكاتب عمل. عندما نقتنص وقتا للراحة أو المتعة، فإننا نهرب إلى الحدائق والأماكن المفتوحة. كل هذا جعل الحاجة لأزياء مفصلة أو إكسسوارات رسمية مطلبا ثانويا.
دار «دولتشي أند غابانا» هي الأخرى فضلت عرضا تقليديا حيا؛ حيث قدمت في اليوم الأول تشكيلة حملت عنوان «سيسيليان باتشوورك» مستوحاة من أجواء جزيرة صقلية، مسقط رأس دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا. كانت التصاميم كالعادة صاخبة بالألوان والطبعات المتضاربة. شرح المصممان أنهما تعمدا فيها دمج أقمشة مختلفة في القطعة الواحدة. مثلا كانت هناك قطعا تجمع البوبلين بالموسلين وحرير الجورجيت وأخرى تجمع الدانتيل بالدنيم والجلد وهكذا. أما سبب اعتماد تقنية الباتشوورك حسب شرحهما، فيعود إل رغبتهما استعمال كل الأقمشة التي فاضت عن الحاجة في المواسم الماضية لتعزيز مفهوم الاستدامة وحماية البيئة. بيد أن الأمر بالنسبة لهما لم يقتصر على العودة إلى مخازنهما بحثا عن أقمشة غير مستعملة، بل شمل أيضا البحث في الأرشيف عن تصاميم أبدعاها في أيام الشباب، وتحديدا من حقبة السبعينات، وإعادة لإعادة صياغتها لزبونات شابات بعد أن أضافا إليها تغييرات عصرية طفيفة.
كان عرض «برادا» هذا الموسم من أكثر العروض المنتظرة، كونه يسجل لمرحلة جديدة من تاريخ الدار بعد إعلان انضمام البلجيكي راف سيمونز إليها في العام الماضي. كانت هذه أول تشكيلة يقدمها بالتعاون مع ميوتشا برادا، ولم تخيب الآمال رغم أنها عرضت افتراضيا عبر فيلم مسجل على فيديو. كانت التصاميم بمثابة حوار بين مصممين من مدرستين مختلفتين يجمعهما الشغف بالفن والجدل الفلسفي. والنتيجة كانت تشكيلة تعكس المرحلة التي يمر بها العالم، من حيث استكشافها للعلاقة التي أصبحت تربط بين الإنسان والتكنولوجيا، من خلال تصاميم هادئة تستحضر أسلوب «برادا» في الثمانينات والتسعينات مع زخات من ألوان زاهية ولمسة راف سيمونز الوظيفية، أو بالأحرى الصناعية. المأخذ الوحيد عليها أنها تمشي مع التيار السائد حاليا فيما يتعلق بتركيزها على «ما يطلبه المستهلك والسوق» من تصاميم «سبور مستوحاة من ثقافة الشارع من دون تقديم توجه جديد بالمعنى الثوري. ولا شك أن الأمر يعود إلى تراجع مبيعات دار «برادا» وتكبدها خسارات كثيرة منذ العام الماضي، وهو ما تريد أن تعوض عنها بمجاراة السائد.
تجدر الإشارة إلى أنه، على غرار «فندي» و«دولتشي أند غابانا»، اختارت 20 من دور أزياء أخرى المشاركة بعروض بجمهور فيما يمكن اعتباره تحدياً حقيقياً في ظل الصعوبات الناجمة عن تدابير التباعد الاجتماعي، وكذلك عن تغييرات اللحظة الأخيرة، كإلزامية إجراء فحوص كورونا لجميع المسافرين الوافدين إلى إيطاليا من باريس وغيرها.
وأقرت العديد من بيوت الأزياء بأن «إقامة عرض أزياء مفتوح للجمهور في هذه المرحلة أمر في غاية الصعوبة. فتخفيض عدد المقاعد وحده مشكلة، لأنه عدد غير كافٍ لاستيعاب كل وسائل الإعلام والشارين وباقي العاملين في صناعة الموضة وبالتالي لا يبرر تكاليفه الباهظة. صحيح أن غياب الصينيين والكوريين الجنوبيين والأميركيين الممنوعين من السفر إلى أوروبا راهناً، قد يكفل توفير مقاعد استراتيجية لضيوف من أسواق أخرى، إلا أنه لا يعوض عن تغطيات إعلامية مجانية أو عن تسويق مباشر للشارين من هذه البلدان. كل هذا يعكس أن أزمة الموضة من الناحية الاقتصادية مستمرة يؤكدها تراع قطاع الموضة الإيطالي بنسبة 30 في المائة في النصف الأول من سنة 2020، مع انكماش ملحوظ في الفصل الثاني، علما بأن هذه الأزمة تمس كل عواصم الموضة العالمية.
غدا الأحد ستختتم ميلانو أسبوعها لتتوجه الأنظار نحو باريس، التي قررت هي الأخرى أن تجمع الافتراضي بالفعلي من خلال 20 عرضا حيا أملا أن تعود الموضة إلى سابق إيقاعها.


مقالات ذات صلة

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

لمسات الموضة إطلالة لايدي غاغا وفريقها صُممت ونُفذت في ورشات «ديور» لتعكس أجواء ملاهي باريس الراقصة (صوفي كار)

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

كانت تصاميم ماريا غراتزيا تشيوري، المديرة الإبداعية لـ«ديور»، أنيقة، لكنها افتقرت للقوة الكافية لكي تسرق الأضواء من النجمات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.