إجراءات خليجية استباقية تساهم في احتواء «كوفيد ـ 19»

السعودية لعبت دوراً قيادياً في دعم الجهود الدولية لمكافحة الجائحة

المطارات السعودية شددت إجراءات الوقاية عند إعادة فتحها جزئيا (تصوير بشير صالح)
المطارات السعودية شددت إجراءات الوقاية عند إعادة فتحها جزئيا (تصوير بشير صالح)
TT

إجراءات خليجية استباقية تساهم في احتواء «كوفيد ـ 19»

المطارات السعودية شددت إجراءات الوقاية عند إعادة فتحها جزئيا (تصوير بشير صالح)
المطارات السعودية شددت إجراءات الوقاية عند إعادة فتحها جزئيا (تصوير بشير صالح)

أسهمت الإجراءات الاحترازية والوقائية التي اتخذتها السعودية ودول الخليج لمواجهة جائحة كورونا المستجد (كوفيد - 19) منذ رصد أولى الإصابات في مقاطعة ووهان الصينية، في انخفاض ملحوظ في أعداد المصابين بالفيروس مكنت الجهات الصحية في البلدان الخليجية من التعامل مع الحالات المصابة، مما أسهم في ارتفاع معدلات الشفاء وتقليل نسبة الوفيات، وسط رصد ميزانيات مالية كبيرة للتعامل مع تداعيات الجائحة.
وأظهرت الإحصاءات والأرقام التي تظهرها دول الخليج حول تطورات الفيروس النجاح الكبير الذي حققته تلك الإجراءات الاستباقية الصارمة في مواجهة الجائحة، مقارنة بما شهدته دول العالم بما فيها عدة دول متقدمة. ومع الاستشعار المبكر من قبل الدول لخطر الفيروس والتحديات التي يفرضها، شكلت لجان مختصة تعنى بمتابعة مستجدات فيروس كورونا المستجد، تضم الجهات المعنية في الدول بالتعاون مع القطاعات الصحية تحت إشراف وزارت الصحة، وفوضت هذه اللجان باتخاذ الخطوات المطلوبة والاحتياطات اللازمة لمواجهة الوباء والحد من تفشيه.
- تدابير سعودية استباقية وقيادة دولية
كان للإجراءات الاحترازية المبكرة التي اتخذتها السعودية أثر واضح على أرض الواقع؛ حيث استفادت الرياض من خبرتها السابقة في التعامل مع فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، بالإضافة إلى أن كافة التدابير الوقائية التي نفذتها الأجهزة المعنية في الدولة، كانت تقوم بدور استباقي لمكافحة الفيروس قبل وصوله، لردة فعل.
وبدأت تلك الإجراءات الاستباقية بقرار تعليق الدخول إلى المملكة للعمرة والزيارة والتأشيرات السياحية. تبعتها إجراءات أخرى، منها إيقاف صلاة الجمعة والجماعة في المساجد والاكتفاء برفع الأذان، باستثناء الحرمين. بينما صدرت أوامر بمنع التجول على عدة مراحل منها المنع الجزئي، وفي أوقات أخرى منع كامل لتقييم الوضع الصحي في البلاد.
من جانبه، أكد الدكتور نزار باهبري استشاري الأمراض المعدية، أن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها السعودية ودول الخليج جاءت استشعاراً بواجبهم الإنساني والأخلاقي، ليس فقط في المسؤولية تجاه شعوبهم وإنما تجاه شعوب كافة دول العالم. وقال باهبري لـ«الشرق الأوسط»: «كمختص في مجال الأمراض المعدية، ندرك مدى خطورة التساهل في الإجراءات الاحترازية التي قد تصدر من بعض الدول على بقية المجتمع الدولي. وبالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السعودية، لم تحمِ داخلها فحسب، وإنما بقية دول العالم». وأضاف: «فيما يتعلق بتطبيق البرتوكولات الصحية والإجراءات الاحترازية الاستباقية، فإن النتائج هي الحكم على العمل التراكمي بدءا من الإجراءات فور الإعلان عن نشوء الفيروس في ووهان الصينية وأثناء أزمة الجائحة، ونحن نشاهد الآن إحصائيات عن انتشار الفيروس في السعودية الذي بدأ في الانخفاض التدريجي له».
وطبقت الحكومة السعودية عددا من الإجراءات الاستباقية واللاحقة في التعامل مع الفيروس؛ حيث بدأت القرارات الحكومية بصورة متدرجة بحسب كل مرحلة، وفي قطاعات ومناحٍ عدة، سياسية واقتصادية واجتماعية وكذلك الجوانب الأمنية، منها تعليق رحلات الطيران الداخلي والحافلات وسيارات الأجرة والقطارات.
وحرصت الجهات المعنية في السعودية على سلامة السكان بمن فيهم مخالفو الإقامة النظامية كجانب إنساني، لتصدر قرارات بتقديم العلاج المجاني إلى مخالفي الإقامة النظامية في البلاد، ليكونوا جنبا إلى جنب مع المصابين بفيروس كورونا الجديد من المواطنين والمقيمين.
إلى ذلك، تم تعليق الحضور الجماهيري للمنافسات الرياضية، تلاه تعليق النشاط الرياضي وإغلاق الصالات والمراكز الرياضية الخاصة. أما في مجال التعليم، وحرصا على سلامة الطلاب، فتقرر تعليق الدراسة في التعليم العام والتعليم الجامعي، واعتماد التعليم عن بُعد. وفيما يتصل بالمناسبات الاجتماعية، صدر قرار بتعليق المناسبات في صالات الأفراح والاستراحات والفنادق، كما تم إغلاق الأسواق والمجمعات التجارية، وأماكن الألعاب والترفيه في الأسواق. أما في مجال النقل، فقد علقت الرحلات الجوية الدولية كما تم إيقاف الرحلات البحرية، ما عدا البضائع بين المملكة وعدة دول.
وفي المجال السياسي، تقرر تأجيل القمتين السعودية - الأفريقية، والعربية – الأفريقية كما استضافت السعودية عددا من الاجتماعات واللقاءات الدولية افتراضيا لمناقشة آخر تطورات الجائحة. وإيمانا بدورها تجاه بقية دول العالم للتعاون في مكافحة الفيروس، دعت القيادة السعودية لعقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين وواصلت اتصالها مع دول العالم والمنظمات الدولية المعنية لبحث آليات التصدي للجائحة. كما أعلنت عن مساهمتها بمبلغ 500 مليون دولار أميركي لمساندة الجهود الدولية لمواجهة جائحة كورونا المستجد.
وكان الأمين العالم للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد وجه الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأكد على الدور القيادي والريادي الذي تمارسه المملكة في مجموعة العشرين والعالم بشكل عام في جهود مكافحة الوباء.
- إجراءات خليجية حاسمة
من جهتها، كانت دول الخليج تبذل جهودا واضحة لمنع انتشار الواء واحتوائه، بدءاً من إجراءات وقائية احترازية واستباقية صارمة. فقد تم إصدار عدد من القرارات الاحترازية عند رصد أولى الإصابات في ووهان، منها تعليق جميع الرحلات المتجهة والقادمة من الصين، باستثناء الرحلات القادمة من العاصمة بكين كما حصل في الإمارات والبحرين. فيما تلت القرارات إغلاق الرحلات الدولية بصورة عامة، وإيقاف الدراسة في المدارس الحكومية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي، مع استمرار عمل الكوادر الإدارية والتعليمية، والحث على تطبيق العمل عن بُعد.
في الجانب الاجتماعي، حظرت الكويت إقامة الحفلات، بما فيها حفلات الأعراس سواء في مكان عام أو خاص، بما يشمل السكن الخاص والديوانيات الخاصة. كما حظرت إقامة الولائم وحفلات الاستقبال وغيرها لغير أفراد العائلة، والاستقبالات أو التجمعات في الديوانيات العامة.
كذلك، أقرت سلطنة عُمان إيقاف التأشيرات السياحية لجميع الدول ونصحت بعدم السفر خارج السلطنة إلا للضرورة القصوى، مع وقف دخول غير العمانيين من جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، باستثناء الخليجيين. كما أقرت قطر تطبيق الحجر الصحي على جميع المواطنين القادمين من أي وجهة فور وصولهم لمدة 14 يوما، مع إغلاق قاعات السينما والمسارح والأفراح، والمناسبات التي تقام في المنزل والتجمعات الاجتماعية والمجالس والعزاء.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
TT

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني، وذلك خلال جلسة لمجلس الوزراء عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض الثلاثاء.

وأوضح وزير الإعلام سلمان الدوسري، أن المجلس تابع تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمساعي الدولية المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما اطّلع المجلس على مجمل أعمال الدولة خلال الأيام الماضية، لا سيما المتصلة بمجالات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، والتنسيق في شأن الجهود المشتركة الرامية إلى مواجهة التحديات ومعالجتها، والإسهام في تحقيق التطلعات نحو مستقبل أفضل للمنطقة والعالم أجمع.

تابع المجلس تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمساعي لوقف إطلاق النار بقطاع غزة (واس)

وأشاد المجلس في هذا السياق، بنتائج المحادثات التي جرت بين كبار المسؤولين في المملكة والوفد رفيع المستوى من الإدارة الجديدة في سوريا، مجدداً الموقف السعودي الداعم لأمن هذا البلد واستقراره، والتأكيد على مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوري الشقيق.

وفي الشأن المحلي استعرض مجلس الوزراء التقدم المحرز في تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات والمشاريع التنموية الهادفة إلى الاستمرار في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين، وتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، بالإضافة إلى استثمار الإمكانات والطاقات والثروات المتوافرة.

واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها.

وقرّر المجلس خلال الجلسة تفويض وزير الرياضة - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب الأوروغواياني في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة الرياضة السعودية والأمانة الوطنية للرياضة في جمهورية الأوروغواي الشرقية للتعاون في مجال الرياضة، والتوقيع على ذلك.

أشاد المجلس بنتائج المحادثات التي جرت بين كبار المسؤولين في السعودية والوفد رفيع المستوى من الإدارة الجديدة بسوريا (واس)

كما وافق المجلس على مذكرة تفاهم في مجال الشؤون الإسلامية بين وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية والرئاسة الإسلامية العليا في جمهورية مقدونيا الشمالية، وعلى مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة العدل بالمملكة ووزارة القانون بجمهورية سنغافورة، وعلى اتفاقية بين السعودية ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري) في شأن توفير الدعم المالي للمركز بالمساهمة في صندوق الوديعة (الوقفي) الاستثماري للمركز، وعلى مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة السعودية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المملكة المغربية للتعاون في المجالات الصحية.

ووافق المجلس أيضاً على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الحكومة الرقمية بين هيئة الحكومة الرقمية في السعودية ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دولة قطر، وعلى اتفاقية الخدمات الجوية بين السعودية ومملكة إسواتيني، على مذكرة تفاهم بين هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية وجامعة «نايف العربية للعلوم الأمنية» للتعاون في التدريب بمجال مكافحة الفساد، وعلى مذكرة تفاهم بين الديوان العام للمحاسبة في المملكة ومكتب المراقب والمراجع العام في جمهورية الهند للتعاون في مجال العمل المحاسبي والرقابي والمهني، وعلى مذكرة تفاهم بين الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة في السعودية ووحدة الاستخبارات المالية في هيئة الإشراف على مديري البنوك والتأمين وصناديق التقاعد الخاصة في جمهورية البيرو بشأن التعاون في تبادل التحريات المتعلقة بغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والجرائم ذات الصلة.

وقرّر المجلس تعديل نظام المرور بإلغاء المادة (الحادية والسبعين)، وإضافة فقرة في جدول المخالفات بالنص الآتي: «قيادة المركبة في الطرق برخصة سير منتهية»، والموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية، وعلى أن تتولى جامعة «الملك عبد الله للعلوم والتقنية» مهمات استكمال بناء وتأسيس المركز السعودي للقاحات والعلاجات البروتينية، وإدارته وتشغيله والإشراف عليه.

كما اطّلع مجلس الوزراء، على عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارتي (الرياضة، والحج والعمرة)، والهيئة العامة لعقارات الدولة، والهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، والهيئة السعودية للسياحة، والمركز الوطني لإدارة الدَّيْن، ومجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية، وجامعة «طيبة»، والمكتب الاستراتيجي لتطوير منطقة جازان، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.