يمنيون يصفون ذكرى الانقلاب الحوثي بـ«اليوم الأسود»

دعوا إلى استمرار مقارعة الميليشيات واستعادة الدولة المخطوفة

TT

يمنيون يصفون ذكرى الانقلاب الحوثي بـ«اليوم الأسود»

وصف الشارع اليمني على المستويين السياسي والشعبي الذكرى السادسة للانقلاب الحوثي على الشرعية بـ«اليوم الأسود» وذلك خلال حملات إعلامية وبيانات تزامنت مع المناسبة التي سخرت لها الجماعة ميزانية ضخمة للاحتفال وحشد أتباعها وسط تجاهلها لأوجاع ومعاناة الملايين من اليمنيين بفعل انقلابها.
وفي هذا السياق أطلق اليمنيون حملة إلكترونية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، شاركوا خلالها بآلاف التغريدات والمنشورات الغاضبة المنددة بسياسات وممارسات الجماعة الحوثية التي مزقت - بحسب قول بعض الناشطين - اليمن وعملت على تفكيك نسيجه الاجتماعي، وأدخلته في أتون حروب وصراعات وأزمات متعددة.
وعبرت البيانات والتغريدات الرسمية والشعبية عن حالة واسعة من السخط والغضب بعد ستة أعوام من الانقلاب واجتياح الميليشيات لصنعاء بخدعة «إسقاط الجرعة»، التي اتخذتها الجماعة شماعة للانقضاض على مقدرات الشعب اليمني ورهنه للأجندة الإيرانية.
وقال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية لتصريف الأعمال معمر الإرياني في بيانات رسمية «سيظل 21 سبتمبر (أيلول) ذكرى سيئة ويوما أسود على كل يمني عندما سيطرت عصابة مسلحة قادمة من كهوف صعدة وغبار التاريخ على العاصمة صنعاء واحتلت مؤسسات الدولة ومقار الجيش والأمن وقوضت السكينة والاستقرار وجرت البلاد لحروب عبثية راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى والنازحين».
ولفت الإرياني إلى أن اليمنيين بقيادة الشرعية ماضون في معركة استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب رغم كل العراقيل والتحديات التي تفرض عليهم لصرفهم عن معركتهم الأساس، وقال «مهما طال الزمان أو قصر سنستعيد اليمن من مخالب إيران وأداتهم الحوثية وستعود اليمن عربية أصيلة».
إلى ذلك عبر الناشطون اليمنيون عن غضبهم في هذه المناسبة وقال بعضهم في تغريدات على «تويتر» كل ما حققته عناصر الجماعة أنهم «أغلقوا المدارس وبنوا المتارس، دمروا الجامعات وفتحوا القبور، ونهبوا المؤسسات وصنعوا مشاريعهم الخاصة، وألغوا دور أقسام الشرطة والنيابة، ومكنوا المشرفين واللصوص».
وأجمع الناشطون اليمنيون وهم من مختلف التخصصات والتوجهات على أن الانقلاب الحوثي مزق اليمن وصادر قراره السياسي والسيادي وأدخله في دوامة من العنف والصراع الطويل، مشيرين إلى أن حكم الجماعة الحوثية «قائم في الأساس على نظرية الولاية، وهي نظرية طائفية من مُخلفات نِزاعات السابقين، ولم تعد صالحة لعصر الرُشد السياسي».
وفيما يتعلق بتأثير نكبة الانقلابيين على الجانب الاقتصادي، أشار ناشطون اقتصاديون إلى أن يوم 21 من سبتمبر 2014 شكل نقطة تحول سوداء في الواقع الاقتصادي اليمني. وقالوا «إن الانقلاب أوجد وضعاً جديداً اتسم بالتردي غير المسبوق في الحالة الاقتصادية اليمنية وأثر بشكل سلبي ومباشر على الاقتصاد وعمل على انهيار العملة الوطنية، وتسبب في ارتفاع معدلات التضخم وتدهور الخدمات الاجتماعية، وشبكات الأمان الاجتماعي ومخصصات الفقراء». وأشاروا إلى أن الجماعة عمدت عقب انقلابها إلى توسيع دائرة الحرب، الأمر الذي عطل، بحسبهم، جميع الخدمات الاجتماعية، وتسبب بتشريد ونزوح عشرات الآلاف من الأسر اليمنية، وأجهض خطط تحقيق التنمية الألفية، وعمل على انهيار شبه كلي للقطاع الصحي حيث عادت نتيجته عدد من الأوبئة والأمراض المعدية في الظهور والتفشي.
وفي الوقت الذي واصلت فيه الجماعة بالتزامن مع احتفالاتها بذكرى النكبة، ارتكاب الانتهاكات بحق المواطنين عبر استمرار إذلالهم وإجبارهم على تمويل وحضور فعالياتها بقوة السلاح والترهيب والترغيب، أكد الناشطون اليمنيون «أن ذكرى 21 سبتمبر تعد بالنسبة لهم تاريخا أسودا لن يمحى من ذاكرتهم وغيرهم من اليمنيين على الإطلاق».
وقالوا «إن الميليشيات لا تزال تنتقم عبر احتفائها المتكرر بنكبة 21 سبتمبر من كل اليمنيين بمختلف أعمارهم وتوجهاتهم، وتجعل من هذه الذكرى المشؤومة منطلقاً أساسيا لأحقادها الدفينة ورغبتها المريضة في اختطاف الجمهورية، وتقضي على كل مقومات الحياة».
وأبدى سكان في صنعاء خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» سخطهم من استمرار الجماعة في الاحتفاء بذكرى الانقلاب، وقال «عامر.ن» أحد الموظفين المقطوعة رواتبهم «الجماعة الحوثية تمعن في إذلالنا باحتفالها بذكرى الانقلاب لأنها تعرف أن هذا التاريخ هو يوم سقوط اليمن بيد طهران، ويوم بداية دخول البلد في مستنقع الصراعات الدموية والأزمات والفقر والجوع والبطالة».
وأضاف أحمد متسائلا «لا ندري بماذا يحتفل هؤلاء، هل بعشرات الآلاف من القتلى ومثلهم من الجرحى والجوعى والمرضى والمقهورين، أم يحتفلون بسبب انعدام الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار وتدهور العملة وتعدد الأزمات وتفشي الجرائم بمختلف أشكالها وانقطاع الرواتب والمياه والكهرباء».
من جهته قال «ناصر.ج» وهو أحد المقصيين من وظائفهم الحكومية في صنعاء «عاصمة اليمنيين أضحت اليوم تحت حكم الحوثيين وذكرى نكبتهم أكبر صالة عزاء في العالم حيث يرى أي قادم إليها كيف حولت الميليشيات شوارعها وكل أماكن الدعاية والإعلان فيها إلى لوحات عشوائية لصور قتلاها من جهة وقادتها السلاليين».
وتابع بقوله «حتى الأماكن العامة ومنازل المواطنين وجدران الأحياء القديمة والتاريخية والمؤسسات الحكومية والخاصة وغيرها في العاصمة صنعاء لم تسلم هي الأخرى من دعاية الموت لقتلى سقطوا في جبهات الانقلابيين».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».