تكليف الأمن العام اللبناني التواصل مع قبرص لاسترداد المهاجرين

TT

تكليف الأمن العام اللبناني التواصل مع قبرص لاسترداد المهاجرين

وضعت السلطات اللبنانية تصوراً لمعالجة قضية المهاجرين الذين يلجأون إلى «قوارب الموت» لمغادرة الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية «من زاويتين أمنية وإنسانية»، بحسب ما أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، وذلك في ظل الاستعدادات في شمال لبنان لاستئناف هذا النشاط «هرباً من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية» التي تعاني منها المنطقة.
وخصص الاجتماع الأمني الذي عُقِد برئاسة عون وحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب للبحث في «حوادث نقل أشخاص عبر المراكب بصورة غير شرعية من الشاطئ اللبناني في اتجاه قبرص، بعدما تزايدت هذه الحوادث ووقع فيها ضحايا من مختلف الأعمار».
وتقرر تكليف المديرية العامة للأمن العام التواصل مع السلطات القبرصية لوضع الإجراءات اللازمة لاسترداد المهاجرين وتكثيف العمل المخابراتي والاستقصائي لكشف الشبكات التي تعمل على تهريب الأشخاص بطريقة غير شرعية. كذلك تقرر تكثيف الدوريات البحرية ضمن الإمكانات المتوافرة والتنسيق مع قيادة «اليونيفيل» لكشف ورصد الزوارق ووضع إطار للتعاون في هذا الصدد. وكلفت قيادة الجيش العمل على إنشاء مركز خاص للبحث والإنقاذ، على أن يتم ذلك بالتعاون مع الوزارات المعنية.
وبعد العثور على ثلاث جثث عائمة على سطح مياه البحر، في الأسبوع الماضي، عثر أمس على جثة عارية طافية عند شاطئ البحر في محلة الشيخ زناد - العريضة.
ويعتمد المهربون آلية جديدة و«صعبة» للتواري عن أعين بحرية الجيش اللبناني التي تقوم بدوريات مستمرة في البحر لمنع هذا النشاط غير الشرعي، فالعملية تتم عبر قوارب الصيد أو النزهات، وتنتقل من منطقة الميناء قرب طرابلس، وليس من المرفأ الشرعي في طرابلس.
وتشير المعلومات الأمنية إلى أن المهربين ينتقلون إلى جزيرة الأرانب قبالة طرابلس، وينتظرون مرور البواخر الكبيرة ليلاً من تلك المنطقة للتستّر بها عبر السير بمحاذاتها، بما يتيح لهم التواري عن أعين دوريات الجيش، إلى حين الوصول إلى المياه الدولية، منعاً لأن يتم توقيفهم من قِبَل بحرية الجيش، بحسب ما قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط».
ورغم تكثيف الإجراءات وإحباط محاولات للهجرة غير الشرعية، وغرق أحد القوارب، فإن القائمين بمحاولات الهرب لم يكفوا عن محاولاتهم. وقال أحد الذين غادروا وأعادتهم السلطات القبرصية إلى لبنان لـ«الشرق الأوسط» إنه لن يكفَّ عن المحاولة، هرباً من الأزمات المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها أبناء المنطقة الشمالية.
ويقول رئيس بلدية طرابلس رياض يمق إن سوء الوضع المعيشي والأزمة الاقتصادية تدفع السكان لاختيار الهجرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إذا فُتح باب الهجرة، فهناك أكثر من 15 ألف شخص جاهزون لتقديم أوراقهم عبر السفارات لمغادرة البلاد».
وأضاف يمق أن نحو نصف السكان في طرابلس باتوا دون خط الفقر، نتيجة توقف العمل في قطاعات مثل المهن الصغيرة والقطاع السياحي والرياضي، بسبب الأزمة الاقتصادية، مضيفاً أن حجم الأزمة «يحتاج إلى حلول من الدولة، ويفوق قدرة بلدية طرابلس على حلها بالنظر إلى أننا مقيدون في غياب لا مركزية إدارية»، مشدداً على أنه «لا حلول إلا بحل الأزمة المعيشية المتفاقمة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.