ثورة تقنية في عالم الأجهزة المنزلية

روبوتات مبتكرة «ترى» المنزل وتنظفه يمكن التحكم فيها من الأجهزة الجوالة

جيمس دايسون وروبوت التنظيف الذكي «360 آي» Eye 360
جيمس دايسون وروبوت التنظيف الذكي «360 آي» Eye 360
TT

ثورة تقنية في عالم الأجهزة المنزلية

جيمس دايسون وروبوت التنظيف الذكي «360 آي» Eye 360
جيمس دايسون وروبوت التنظيف الذكي «360 آي» Eye 360

وصل التطور التقني إلى الأجهزة المنزلية وأحدث تغييرات مبتكرة فيها، إذ لم تعد الأجهزة التقليدية كما كانت عليه قبل أعوام قليلة، حيث أصبحت المراوح تعمل من دون شفرات وتبرد وتسخن الغرف بأمان كامل على الأطفال مع إزالة صوتها المزعج، وأصبحت المكانس الكهربائية عبارة عن روبوتات ذكية تنظف المنزل بشكل آلي وتعتمد على نظام الملاحة الجغرافية «جي بي إس» لتحديد موقعها في الغرفة مع القدرة على التحكم بها من خلال الأجهزة المحمولة، وغيرها من التقنيات الأخرى.

* روبوت «يرى» الغرفة
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع نيك شنايدر، مهندس التصاميم في شركة «دايسون» Dyson للتقنية المسؤولة عن تطوير مجموعة من التقنيات المرتبطة بالأجهزة المنزلية، والذي قال بأن أكثر من ألف مهندس يعملون على تطوير مفهوم التقنيات المنزلية، واستطاعوا تطوير روبوت تنظيف ذكي («360 آي» Eye 360) يستطيع تنظيف الغرف بسرعة وكفاءة عالية، وذبك بالتقاط صور للغرفة بسرعة 30 صورة في الثانية لتكوين خريطة لها واستخدامها خلال عملية التنظيف. ويستطيع الروبوت تجاوز العقبات وأرجل الطاولات والحيوانات الأليفة والسير فوق الخشب والبلاط والسجاد. ويدور محرك الروبوت بسرعة 104 آلاف دورة في الدقيقة، الأمر الذي يعني أنه أسرع بنحو 20 مرة وأقوى بنحو 10 أضعاف مقارنة بالروبوتات الشبيهة الأخرى، الأمر الذي يعني قدرة أعلى على التنظيف وتجاوز العقبات. وسيعود الروبوت إلى منصة الشحن الخاصة به بعد الانتهاء من التنظيف.
ويمكن استخدام تطبيق ذكي على الهواتف الجوالة لجدولة أعمال الروبوت وتكرار العملية أثناء وجود المستخدم خارج المنزل ومراقبة مكان وجوده في أي لحظة على خريطة الغرفة في التطبيق، لحظة بلحظة. ويستخدم الروبوت نظام ملاحة جغرافية مدمج (على خلاف روبوت «آي روبوت رومبا» الذي ينظف بشكل شبه عشوائي)، الأمر الذي يعني تغطية جميع مناطق الغرفة بطريقة منهجية، مع استخدام محرك متقدم من دون التضحية بفعالية التنظيف لقاء عمر بطارية أعلى. ويستطيع الروبوت المحافظة على سرعة ثابتة على أي سطح بغض النظر عن نوعه، وذلك باستخدام تقنيات متقدمة لنظام العجلات. وبالمقارنة مع الروبوتات الأخرى، فتعمل تلك الأجهزة بتصوير سقف الغرفة لمعرفة مكانها والاعتماد على الاصطدام بالعقبات واستخدام الموجات فوق الصوتية للابتعاد عنها، الأمر الذي يعني بطء تنظيف الغرفة والاصطدام المتكرر، على خلاف التقنية الحديثة التي تصور جميع أرجاء الغرفة لرسم خريطة ذكية.

* تقنيات مبتكرة
وطورت الشركة أول مروحة في العالم من دون شفرات آمنة على الأطفال وسهلة للتنظيف، وحيث تستخدم تقنية «إير مالتيبلاير» Air Multiplier التي تنفخ الهواء بقوة بكفاءة عالية للتبريد، وتعتبر أكثر هدوءا من الطرز الأخرى بنسبة 75 في المائة، وأكثر كفاءة باستهلاك الطاقة بنحو 30 في المائة. وتستخدم هذه التقنية فتحات «هيلمهولتز» Helmholtz Cavities لمكافحة ترددات مزعجة غالبا ما تكون مصاحبة للمراوح ذات الشفرات (تردد يتراوح بين 700 و1000 هرتز)، وبالتالي يمكن استخدامها لفترات مطولة من دون انزعاج. وبالنسبة لآلية العمل، فيوجد محرك صغيرة يعمل من دون شفرات يصنع منطقة ضغط عالية داخلية تجعل الهواء يدور بسرعة داخله، الأمر الذي يجذب الهواء من خلال فتحات صغيرة موجودة في الآلة، ليخرج الهواء من الآلة بسرعة عالية. وتستطيع هذه المراوح تبريد وتسخين الهواء في جميع أرجاء الغرفة بشكل متجانس، وهي آمنة للمس، إذ تستخدم مادة سيراميكية تسخن الهواء إلى درجة حرارة أقل من درجة احتراق الغبار، الأمر الذي يعني عدم صدور رائحة التسخين الموجودة في آلات التدفئة الأخرى.
وبالنسبة للمكانس الكهربائية، فتستخدم تقنية «كانيكتك» Cinetic التي تسمح للآلة العمل من دون استخدام فلاتر، إذ إن الهواء داخل المحرك يدور بسرعات عالية جدا، الأمر الذي يطرد الغبار والأوساخ إلى قمرة محيطة يمكن إفراغها بسهولة، وبالتالي عدم الحاجة لاستخدام فلاتر لترشيح الغبار من الهواء. ومن شأن هذه العملية تسهيل الاستخدام وخفض تكاليف العمل الشهرية. ومن النتائج الإيجابية لهذه العملية أن الهواء الخارج من الآلة أكثر نقاء من الهواء الداخل، وبالتالي فإن معدلات الحساسية الهوائية ستنخفض بشكل ملحوظ. وتستطيع هذه الآلية التقاط الجزيئات لأحجام تصل إلى 0.5 مايكرون (0.0005 مليمتر، أو 5 على 10 آلاف مليمتر). ودرست الشركة وزن آلات التنظيف لدى حملها باليد، وقامت تغيير مركز ثقلها لتصبح أكثر سلاسة في الاستخدام، وذلك من خلال استخدام كرة مدروسة الوزن موضوعة في أماكن مدروسة لجعل الآلة تبدو خفيفة الوزن لدى الاستخدام.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».