7 ضربات خلال 4 أشهر على متطرفين في شمال غربي سوريا

سيارة «سياف التونسي» الذي قتلته غارة للتحالف الدولي في إدلب قبل أيام (أخبار إدلب)
سيارة «سياف التونسي» الذي قتلته غارة للتحالف الدولي في إدلب قبل أيام (أخبار إدلب)
TT

7 ضربات خلال 4 أشهر على متطرفين في شمال غربي سوريا

سيارة «سياف التونسي» الذي قتلته غارة للتحالف الدولي في إدلب قبل أيام (أخبار إدلب)
سيارة «سياف التونسي» الذي قتلته غارة للتحالف الدولي في إدلب قبل أيام (أخبار إدلب)

أفيد أمس بأن التحالف الدولي بقيادة أميركا شن خلال الأشهر الأربعة الماضية، سبع ضربات ضد مواقع وعناصر في تنظيمات متطرفة في ريفي حلب وإدلب شمال غربي سوريا، وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إنه «شهدت كل من محافظتي حلب وإدلب في الآونة الأخيرة تصاعداً في عمليات التحالف الدولي ضد التنظيمات المتطرفة الموجودة بكثرة في مناطق بإدلب وحلب وعلى رأسها تنظيم «حراس الدين»، حيث توالت الضربات التي استهدفت شخصيات ضمن تلك المجموعات في الفترة من أواخر شهر مايو (أيار) إلى منتصف الشهر الحالي».
وبلغ إجمالي هذه الضربات في إدلب وحلب خلال هذه الفترة 7 ضربات، حيث تم تكثيف الهجمات خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) 2020.
وفي بداية التصعيد، كان في 21 مايو من العام الحالي، حيث قامت طائرة مسيرة تابعة لـلتحالف الدولي بقصف سيارة على طريق الشيخ إسكان في ريف جنديرس شمال غربي حلب، مما أسفر عن مقتل قيادي سابق في تنظيم «داعش»، والذي كان يوجد باستمرار بين مناطق إدلب وناحية جنديرس بريف عفرين، كما احتجزت القوات التركية شخصاً أصيب في الحادث ذاته.
ذروة الاستهداف
شهد شهرا يونيو ويوليو ذروة الاستهداف، حيث قامت قوات التحالف بتنفيذ أربع عمليات خلال الشهرين استهدفت من خلالها الفصائل المتطرفة، فقد رصد «المرصد السوري» في الـ14 من يونيو، استهداف طائرة من دون طيار تابعة لقوات التحالف لسيارة يستقلها قياديان عسكريان يتبعان لتنظيم «حراس الدين»، وهما المسؤول العسكري العام لتنظيم «حراس الدين» أردني الجنسية، ومسؤول يمني الجنسية يعمل في «جيش البادية» التابع للتنظيم، مما أسفر بدوره عن قتلهما قرب شعيب في مدينة إدلب. وفي 20 يونيو، قتل قيادي بارز في صفوف «داعش» جراء استهداف دراجته النارية بطائرة من دون طيار بالقرب من مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي.
وفي 18 يوليو، رصد «المرصد» استهداف طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي سوق لـ«بيع المحروقات» الخاص بشركة «وتد» للمحروقات التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» في بلدة سرمدا الواقعة بريف إدلب الشمالي، حيث جرى استهداف السوق بعدة ضربات من قبل الطيران المذخر، مما أدى لأضرار مادية، كذلك تم رصد استهداف في الـ31 من الشهر ذاته من قبل طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي للشركة ذاتها بثلاثة صواريخ، مما أدى لنشوب حرائق ضخمة في مكان الاستهداف ببلدة سرمدا.
استمرار عمليات الاستهداف
تواصلت عمليات استهداف الفصائل المتطرفة وقياداتها من قبل قوات التحالف الدولي، وتابع «المرصد» سلسلة الهجمات المتتالية التي تعرضت لها الفصائل المتطرفة في إدلب وحلب، حيث قتلت طائرات التحالف الدولي المذخرة بتاريخ الـ13 من أغسطس (آب)، قيادي من الجنسية الأوزبكية في محيط مدينة سرمدا الواقعة عند الحدود مع لواء اسكندرون شمالي إدلب يدعى «أبو يحيى» يعمل كـ«مدرب عسكري» مستقل لصالح الفصائل المتطرفة، وعمل مؤخراً لصالح تنظيم «حراس الدين» المتهم بولائه لتنظيم «القاعدة» المصنف عالمياً كتنظيم إرهابي.
أما آخر الاستهدافات فكان في 14 سبتمبر (أيلول) الجاري، حيث استهدفت طائرة مذخرة تابعة لـلتحالف الدولي سيارة قيادي تونسي الجنسية من تنظيم «حراس الدين» في حي القصور بمدينة إدلب، وذلك باستخدام صواريخ «نينجا» التي تطلقها قوات «التحالف الدولي» في عمليات الاغتيال الجوية باستخدام الطائرات المسيرة.
والمستهدف هو أحد قيادات «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) سابقاً، قبل فصله من «النصرة» على خلفية مجزرة «قلب لوزة» في عام 2015، حيث يعتبر التونسي مسؤولاً عن المجزرة التي راح ضحيتها 20 مواطناً في جبل السماق الذي يقطنه مواطنون من الموحدين الدروز بريف إدلب، وبعد فصله عمل ضمن عدة فصائل متطرفة، كان آخرها تنظيم «حراس الدين»، ويلاحق «الجهادي» التونسي سمعة سيئة وسط التنظيمات «الجهادية» وعلى رأسها هيئة تحرير الشام.
يذكر أنه من «تنظيم القاعدة»، حارب سنوات في أفغانستان قبل قدومه إلى سوريا، تزامناً مع تشكيل «جبهة النصرة».
وقال «المرصد» إنه «يمكن تفسير الضربات التي توجهها قوات التحالف الدولي للفصائل المتطرفة في إدلب وحلب بشكل عام، وتنظيم «حراس الدين» بشكل خاص، إلى وجود خلافات وانشقاقات بين هذه الفصائل والتنظيمات بدأت تطفو على السطح مؤخراً، لا سيما بعد إنشاء غرفة عمليات «فاثبتوا» التابعة لتنظيم «حراس الدين»، الذي يتبع تنظيم «القاعدة» مباشرة، وهو يعد أقوى منافس وبديل لـ«هيئة تحرير الشام» التي أعلنت إنهاء ارتباطها بتنظيم «القاعدة» في وقت سابق، وتعمل الآن على القضاء على المتطرفة تحت الوصاية التركية، وهو ما أوجد بدوره فرصة لدى قوات التحالف للعب على التناقضات بين هذه الفصائل واستثمارها لضرب بعض قياداتها والتخلص منهم، حيث اتهم بعض أعضاء تنظيم «حراس الدين» أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم «هيئة تحرير الشام» باستخدام تدابير مختلفة لجذب انتباه طائرات التحالف من دون طيار إلى مواقعهم لاغتيال قادتهم؛ مما يكشف عن اختراق كبير لشبكة تنظيم «القاعدة» داخل سوريا، كذلك فإن التحالف الدولي بات يركز على الفصائل التي ترفض الاتفاقيات الدولية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم