القاهرة لتقريب وجهات النظر بين حفتر وصالح قبل محادثات جنيف

«الجيش الوطني» يتهم ميليشيات طرابلس بـ«التنكيل بأنصاره»

السيسي خلال استقباله حفتر وصالح في القاهرة أمس بحضور مسؤولين مصريين (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله حفتر وصالح في القاهرة أمس بحضور مسؤولين مصريين (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة لتقريب وجهات النظر بين حفتر وصالح قبل محادثات جنيف

السيسي خلال استقباله حفتر وصالح في القاهرة أمس بحضور مسؤولين مصريين (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله حفتر وصالح في القاهرة أمس بحضور مسؤولين مصريين (الرئاسة المصرية)

اعتبرت مصادر مصرية وليبية، أمس، أن «القاهرة سعت إلى تقريب وجهات النظر بين عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وإزالة ما وصفته بـ(الفتور) الذي اعترى علاقاتهما في الآونة الأخيرة».
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس في القاهرة، كلاً من صالح وحفتر، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية. وأوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، أن السيسي اطّلع خلال اللقاء على «التطورات في ليبيا وجهود الأطراف كافة لتنفيذ وقف إطلاق النار الميداني من جهة، وعلى الجهود الليبية لدفع عملية السلام برعاية الأمم المتحدة، من جهة أخرى». كما أكد موقف بلاده الثابت من دعم الحل السياسي للأزمة الليبية، بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وربط مراقبون اجتماع الرئيس المصري مع صالح وحفتر بقرب انطلاق المرحلة الجديدة من مفاوضات جنيف بمستوياتها السياسية والعسكرية، التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة بين الفرقاء الليبيين. وكان صالح قد التزم الصمت حيال «تفاهم مفاجئ»، أبرمه حفتر مع أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، لاستئناف إنتاج وتصدير النفط بعد إغلاق دام نحو 9 أشهر. كما أن حفتر لم يعلن تأييده في المقابل لمبادرة مفاجئة طرحها صالح لحل الأزمة الليبية مؤخراً. لكنه استمر في إعلان التزامه بشرعية «مجلس النواب»، وكون رئيسه هو القائد الأعلى للجيش الوطني الليبي.
واكتفى حفتر في بيان وزعه مكتبه أمس بالإشارة إلى أن ما وصفه بـ«الاجتماع المهم»، الذي جمعه وصالح بالسيسي أمس في العاصمة المصرية، بحث «آخر الأوضاع والتطورات السياسية في الشأن الليبي».
ونقلت الرئاسة المصرية عن السيسي أنه «أثنى على الجهود والتحركات، التي قام بها المستشار عقيلة صالح لدعم المسار السياسي، وتوحيد المؤسسات التنفيذية والتشريعية في ليبيا، وثمن موقف المؤسسة العسكرية، بقيادة المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، والتزامه بوقف إطلاق النار»، داعياً الأطراف كافة إلى «الانخراط الإيجابي في مسارات حل الأزمة الليبية، المنبثقة عن قمة برلين، برعاية الأمم المتحدة (السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية)، و(إعلان القاهرة)، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستتيح للشعب الليبي الاستقرار والازدهار والتنمية».
وقال متحدث الرئاسة المصرية إن اللقاء عقد في سياق «الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الأمن والاستقرار للدولة الليبية الشقيقة، ودعم شعبها في الحفاظ على سلامة ومقدرات بلاده في مواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وتقويض التدخلات الخارجية». وبعدما رحّب السيسي بنتائج الاجتماعات الدولية والإقليمية، التي عُقدت خلال الفترة الماضية، والتي أكدت على إرساء السلام وتفعيل مسارات الحل السياسي الشامل، أعرب عن «ترحيبه بالتعاطي الإيجابي الملموس للأطراف كافة»، سواء في شرق أو غرب ليبيا، مع آليات حل الأزمة، داعياً الأطراف الليبية كافة إلى «توحيد مواقفهم للخروج من الأزمة الراهنة، وإعلاء مصلحة الوطن فوق الاعتبارات كافة».
وأوضح راضي أن «المسؤولين الليبيين أعربا عن تشرفهما بلقاء الرئيس السيسي، من منطلق تقديرهما الكبير للدور المصري المحوري، والبالغ الأهمية في تثبيت دعائم السلم وتحقيق الاستقرار في ليبيا، وصون مقدرات الشعب الليبي والعمل على تفعيل إرادته، فضلاً عن دعم مصر لجهود المؤسسات الليبية في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، وإعادة إطلاق العملية السياسية، بمشاركة القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الليبي».
من جانبه، قال فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، إنه التقى أمس رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، مشيراً إلى تأكيد الجانبين على «ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، وجميع العمليات القتالية في كل الأراضي الليبية، وأن تكون منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح، مع استئناف إنتاج النفط وتصديره، تحت إشراف المؤسسة الوطنية للنفط، واستكمال الخطوة الإيجابية لبناء الثقة، بمراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي في كل من طرابلس والبيضاء».
ميدانياً، أعلنت عملية بركان الغضب، التي تشنها قوات حكومة الوفاق، أنها نفذت أمس مناورات تدريبية عسكرية لقوات المدفعية، والدبابات بالذخيرة الحية، شرق مدينة مصراتة (غرب)، تزامناً مع زيارة قام بها أمس صلاح النمروش وزير الدفاع بحكومة الوفاق، رفقة الفريق محمد الحداد رئيس الأركان العامة لقواتها ورؤساء الأركان النوعية، إلى غرفة عمليات سرت الجفرة ومحاور القتال التابعة لنطاقها.
في المقابل، دعا «الجيش الوطني» بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إلى تحمل مسؤوليتها تجاه ما وصفه بـ«مقرات احتجاز ومعتقلات سرية، لا تخضع لسيطرة أي جهة رسمية، لأنصاره ومؤيديه، من قبل الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة (الوفاق) في العاصمة طرابلس»، لافتاً إلى أن مقر البعثة الأممية يقع بالقرب من هذه المعتقلات السرية، التي يتم فيها التنكيل بالمعتقلين.
وقال اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، إن «شباب طرابلس يتعرضون لأسوأ معاملة، وأشد أصناف العذاب على أيادي الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة المسيطرة على أجزاء واسعة منها». متهماً الميليشيات بشن حملات اعتقال تعسفية بحق أهالي العاصمة، بحجج ضعيفة، ومنها شكواهم من الأوضاع المعيشية المزرية، أو بسبب مناصرتهم للجيش الوطني.
في غضون ذلك، أعلنت أمس مؤسسة النفط، الموالية لحكومة الوفاق، أن إيرادات صادرات النفط والغاز والمكثفات لشهر يوليو (تموز) الماضي بلغت 38.2 مليون دولار أميركي، مسجلة بذلك تراجعا كبيراً مقارنة بإيرادات نفس الشهر من العام الماضي، والتي بلغت 2.1 مليار دولار أميركي. ونقل البيان عن رئيس المؤسسة، مصطفى صنع الله، قوله إن الدولة الليبية ما زالت «تتكبد خسائر فادحة فقط لخدمة المصالح الخارجية والسياسية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.