منظمة حقوقية: فرض تصريف مائة دولار يعرقل عودة السوريين إلى بلدهم

ساندويتش فلافل وجبة يومية لموظفين حكوميين بدمشق

TT

منظمة حقوقية: فرض تصريف مائة دولار يعرقل عودة السوريين إلى بلدهم

أفادت منظمة حقوقية دولية بأن قرار الحكومة السورية إجبار كل مواطن يريد العودة بتصريف مائة دولار أميركي بسعر الصرف الرسمي، حال دون عودة سوريين من مناطق بينها لبنان، في وقت حددت الحكومة مخصصات يومية للوجبة الغذائية لا تتجاوز قيمتها سعر ساندويتش فلافل.
وأفادت سارة الكيّالي، باحثة ملف سوريا في «هيومين رايتس ووتش»، أمس، بأن الحكومة السورية «تجبر كل مواطن سوري يريد دخول البلاد على تصريف 100 دولار أميركي إلى الليرة السورية حسب سعر الصرف الرسمي» بناءً على قرار صدر في يوليو (تموز)، بـ«حجة مساعدة الدولة على ملء احتياطيها من العملات الأجنبية في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة. لكن، في الواقع، لم يفعل القرار سوى إضافة عقبة جديدة تمنع السوريين الراغبين في العودة إلى ديارهم من ذلك».
وحسب تقرير للمنظمة، حاول رجل يعيش في لبنان مع عائلته العودة إلى سوريا بعد فقدان عمله، لكنَّ دفع 100 دولار عن كلٍّ من أفراد أسرته يفوق قدرته. كعامل مياوم، بالكاد كان يجني 150 دولاراً قبل انخفاض قيمة الليرة اللبنانية. وقال إنه حتى لو باع أثاث منزله لم يكن ليتمكن من جمع ما يكفي من مال لعودتهم جميعاً. وقال آخَر إنه كان يملك ما يكفي من المال لإرسال عائلته إلى سوريا، بينما بقي هو في لبنان وانتقل إلى العيش مع أشخاص آخرين لتخفيف كلفة الإيجار وجمع المبلغ المطلوب للعودة. وأضاف التقرير: «قال رجل ثالث تكلمنا معه إنه اقترض المال من أقاربه لتأمين المبلغ. السوريون المقيمون في لبنان، والذين كانوا يعبرون الحدود بانتظام، يواجهون اليوم عقبة يستحيل تخطيها».
وفي الفترة التي تلت بدء تنفيذ القرار، عَلَق العديد من السوريين بين الحدود اللبنانية والحدود السورية لعدم تمكنهم من دفع الرسم المتوجب للعودة.
وقال التقرير إن هذا «ليس سوى الحلقة الأخيرة من قرارات الحكومة السورية التي تصعّب عودة السوريين إلى وطنهم، فقد سبقته قيود تعسفية على الوصول إلى الممتلكات، وتدمير المنازل، وقرارات تسمح للدولة بمصادرة الأراضي والمنازل من دون اتّباع الإجراءات اللازمة أو التعويض المناسب»، قائلةً إنه «على الحكومة السورية معالجة أساس الأزمة الاقتصادية والسماح للسوريين الذين غادروا بالعودة بدل معاقبتهم».
على صعيد آخر، رفعت الحكومة السورية قيمة الوجبة الغذائية للعمال على خطوط الإنتاج من 30 إلى 300 ليرة، وهو ما يعادل ثمن «ساندويتش فلافل»، حسبما ذكرت صحيفة «تشرين» الحكومية.
وأجرت الصحيفة دراسة للقرار الذي اعتمدته الحكومة بعد مطالبات بقيت مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات.
وأفاد موقع «روسيا اليوم» أمس، بأن رئاسة الحكومة «لم تذكر مقدار الوجبة اليومية، لكنها قالت إنها وافقت على رفع قيمة الوجبة الغذائية الوقائية اليومية المخصصة للعاملين المستحقين لها في الجهات العامة، وأوضحت أنها تشمل 131 ألف عامل، وبمبلغ إجمالي إضافي قدره 9 مليارات ليرة سنوياً (يعادل نحو 4 ملايين ونصف المليون دولار حسب السعر الموازي)».
وقالت الصحيفة إن إقرار رفع قيمة الوجبة «تطلب الكثير من الخطابات والمراسلات والنضال المطلبي»، مشيرةً إلى أنه قفز 10 أضعاف في جلسة الحكومة أمس. وتابعت أن وزارة المالية كانت قد «أحبطت محاولة سابقة في العام الماضي لرفعه، حيث تمكن الطلب من تجاوز موافقات كلٍّ من رئاسة مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية، قبل أن يصطدم بإحجام وزارة المالية لعدم توافر الاعتماد».
ونقلت الصحيفة عن عدد من العاملين وصفهم لقيمة الوجبة السابقة بأنه «مخجل» مع الإشارة إلى أنه «رغم أن الزيادة قليلة فإنها أفضل من السابق، رغم أن فارق انخفاض قيمة الليرة جعل قيمتها متدنية كسابقتها».
وأشارت الصحيفة إلى أن مكونات الوجبة يجب أن تحتوي على: رغيف خبز مع بيضتين ونصف لتر من الحليب، وقالت إن ثمن تلك المكونات لا يقل عن 700 ليرة، فيما قال أمين الخدمات الاجتماعية في الاتحاد العام للعمال، حيدر حسن، للصحيفة إنه «إذا لم يكن بالإمكان زيادة الرواتب، فإنه من المهم التركيز على هذه التعويضات كالوجبة الغذائية، والإضافي، وتعويض اللباس».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.