بعد شد وجذب، توصل خبراء وصناع الموضة إلى نتيجة واحدة، وهي البحث عن طريقة تتعايش فيها عروض الأزياء الفعلية والافتراضية بعض مع بعض. طريقة لا تُفقد عروض الأزياء الفعلية إثارتها وجاذبيتها وفي الوقت ذاته تستفيد من عالم التكنولوجيا. لحد الآن لم تتحقق هذه الموازنة ولا يزال عالم الموضة يعيش تخبطاً يأمل الخروج منه بأقل الخسائر. فأسابيع الموضة التي انطلقت منذ نحو عشرة أيام في نيويورك ومرت بلندن لتصل حالياً إلى ميلانو ومنها إلى باريس في الأسبوع المقبل، مرت مرور الكرام تقريباً، ولم تشد الأنفاس كما في السابق. عشاقها هم فقط من تابعوها بحماس. كأن هذا ليس كافياً، وانخفضت نسبة تمويلاتها الإعلانية وتغطياتها الإعلامية.
وفيما لا يزال بعض المصممين يستميتون في المكابرة أو التحدي، فإن البعض الآخر رفع الراية البيضاء معلناً استسلامه لواقع جديد فرض نفسه على الساحة وآن أوانه، مصرّحين بأن دور الجائحة اقتصر على تسريعه. من هؤلاء نذكر دار «غوتشي» ودار «سان لوران» اللتين قررتا تقديم عروضهما عندما يكون الوقت مناسباً وعندما تتوفر لديهما تصاميم تستحق العرض وإن خارج برامج أسابيع الموضة الموسمية. كذلك المصممة البريطانية فيكتوريا بيكهام، التي انسحبت من البرنامج الرسمي للموضة بلندن قبل عرض كانت تنويه أن يكون على شكل صالون حميم بأيام معدودات. شرحت أن فكرتها الأولية كانت إقامة 3 عروض متتالية يحضر كل واحد منها نحو 15 ضيفاً تُوزّع عليهم كمامات بتوقيعها ويجلسون كل منهم على بُعد مترين عن الآخر، لكنها شعرت بأن العرض لن يكون عملياً أو منطقياً، رغم تخفيف قيود الحجر التي شهدتها بريطانيا في الأسابيع الأخيرة. في المقابل قدمت تشكيلتها في نفس القاعة التي كانت قد حجزتها للعرض، أمام ضيوف مقسمين إلى مجموعات لا تزيد عن ثلاثة أشخاص في كل مرة، يستمعون إلى شرحها ويلمسون تصاميمها لكن يفتقدون حماسة أيام زمان بسبب غياب الموسيقى والإضاءة، وربما أيضاً الازدحام. وبما أن التشكيلة وُلدت في زمن الحجر الصحي، كان لا بد أن تتأثر بما أمْلته علينا الجائحة من سلوكيات جديدة. فلأول مرة تتضمن مجموعة من بنطلونات الجينز، فيما يمكن اعتباره سابقة بالنسبة لفيكتوريا بيكهام التي تميل إلى الفساتين والتنورات والبنطلونات الواسعة عادةً. لكن حسب تصريحها فقد وجدت نفسها، في فترة الحجر، لا تتخلى عن بنطلون الجينز إلى حد أنه أصبح رفيقها الدائم، لهذا كان من الطبيعي أن يقتحم أفكارها ويظهر في تشكيلتها، حسب قولها.
ورغم مباركة البعض للخطوة التي اتخذتها المصممة على أساس أنها مسؤولة، من الصعب تجاهل حقيقة أن المصممة تعاني من تراجع في المبيعات منذ سنوات، وأن هناك محاولات كثيرة من مستثمرين لإنعاشها حتى قبل الجائحة، وإن كان تأثيرها أكثر وضوحاً هذه المرة من خلال استغنائها عن عرض فعلي وغياب زوجها ديفيد بيكهام وأبنائها الذين كانوا دائماً يتصدرون المقاعد الأمامية ليشكلوا صورة مثيرة تتداولها وسائل الإعلام وتعتمد هي عليها للحصول على تغطيات مجانية. تأثير الأزمة ظهر أيضاً في عدد التصاميم التي تقلصت من 46 تصميماً إلى 20 فقط حتى تقدر على مصاريف إنتاجها. ومما يُذكر في بداية الجائحة أيضاً، أنها كانت من بين المصممين الذين أثاروا ضجة كبيرة بسبب استغنائها عن 120 من موظفيها وتحويلهم على إعانات الحكومة. ما زاد الأمر سوءاً أنها كانت وفي نفس التوقيت، تنشر صوراً عن حياتها الناعمة وعيشها الرغيد في بيتها الضخم في الريف الإنجليزي.
تجدر الإشارة إلى أن فيكتوريا بيكهام ليست الوحيدة التي اعتمدت على استقبال ضيوفها ليوم كامل خلال أسبوع لندن للموضة، خوفاً من التجمعات الكثيرة. فأغلب المصممين وبيوت الأزياء اختاروا الوقاية والسلامة مثل دار «بيربري» التي كانت تقدم أهم عرض في الأسبوع. هي الأخرى اقتصرت على عرض افتراضي عن بُعد، بينما فضّل آخرون تسجيل عروضهم على شكل أفلام، رغم علمهم مسبقاً بأنها لن تثير اهتمام سوى قلة من المتابعين والعارفين بعد أن كانت آمالهم معقودة على مصلٍ يجنّبهم الخسارة ويجعل الحياة تدب من جديد في أسابيع الموضة هذا الشهر. في المقابل، حصل العكس، فهناك مخاوف من موجة جديدة من الإصابات، وهو ما يعني صعوبة التنقل والسفر وإغلاق المحلات، إلى جانب عزوف المستهلك عن الخروج والشراء مكتفياً بالتسوق الإلكتروني عندما تستدعي الحاجة.
أسابيع الموضة العالمية لربيع وصيف 2021 لا تجد من يحتفل بها
من أجل السلامة... فيكتوريا بيكهام تلغي عرضها
أسابيع الموضة العالمية لربيع وصيف 2021 لا تجد من يحتفل بها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة