معارك الوسط الفني المصري تبدأ بالتلاسن وتنتهي بالصلح

«نمبر 2» تفجر أزمة بين محمد رمضان وأحمد الفيشاوي

معارك الوسط الفني المصري تبدأ بالتلاسن وتنتهي بالصلح
TT

معارك الوسط الفني المصري تبدأ بالتلاسن وتنتهي بالصلح

معارك الوسط الفني المصري تبدأ بالتلاسن وتنتهي بالصلح

على فترات متقاربة تشتعل معارك افتراضية بين فنانين مصريين، وتتصدر «الترند» على مدار أسابيع طويلة بسبب تفاعل الكثير من المتابعين مع تفاصيلها وأحداثها، ورغم انتهاء معظم هذه المعارك بجلسات صلح ودية بنصائح من الأصدقاء والمنتجين الفنيين، فإنها تترك أثراً لافتاً في سجلات معارك الفنانين المصريين.
وتعد معركة الفنانين الشابين محمد رمضان وأحمد الفيشاوي، التي تدور حالياً على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أحدث تلك المعارك، وبدأت الأزمة بإعلان أحمد الفيشاوي عن تجهيزه لأغنية جديدة تحمل اسم «نمبر 2»، على طريقة الفيديو كليب، وهو ما اعتبره محمد رمضان، بمثابة تهكم عليه لأنّه صاحب أغنية «نمبر وان»، ورد على الفيشاوي في برنامج «إنسايدر بالعربي» قائلاً: «لا يستطيع أي أحد أن يتهكم على (نمبر وان) لأنّ الرقم واحد حلم كل إنسان في الحياة»، وأضاف: «أتمنى أن يوفقك الله وتنجح وتصبح نمبر 2 وشيء عظيم، وكيف تنافسني وأنت تصف نفسك بأنك نمبر 2، وهذا اعتراف منك بذلك أمام العالم كله».
وتطورت الأزمة بين الفيشاوي ورمضان بعد إعلان الأخير مساء أول من أمس، على صفحته الرسمية على «إنستغرام» عن قرب طرح أغنيته الجديدة التي تحمل اسم «الدبابة»، التي تحتوي بشكل صريح على انتقادات للفيشاوي، حسب كلمات البرومو الدعائي للأغنية. بينما رد الفيشاوي في تسجيل صوتي لبرنامج «ET بالعربي» على شاشة «MBC»، أول من أمس قائلاً: «أنا الآن في الاستوديو أسجل أغنية (نمبر 2)، وتعليقي على ما قاله أستاذ محمد رمضان: أنا لن أقبل اعتذارك».
ورغم انتشار مثل هذه الوقائع خلال السنوات الماضية على نطاق واسع، فإنّ الناقد الفني المصري محمد رفعت، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ «السجالات والمناوشات الفنية ليست جديدة على الوسط الفني المصري أو العربي، بل هي قديمة، وممتدة منذ انطلاق السينما في مصر بالقرن الماضي، إذ كان يشهد زمن (الفن الجميل)، الكثير من مثل هذه الأزمات والوقائع التي يذكرها الجمهور على غرار أزمات تحية كاريوكا وهند رستم أو سامية جمال، بالإضافة إلى أزمات رشدي أباظة مع آخرين».
ويرجع رفعت سبب تحول سجالات الفنانين إلى «ترند» دائم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جاذبية أخبار الفنانين، وهي التجربة التي نُقلت من السينما الأميركية إلى السينما المصرية المتعلقة بفكرة الصراعات في الوسط الفني وصناعة النجوم، مشيراً إلى مساهمة (السوشيال ميديا) في إذكاء المعارك الجارية بين الفنانين إذ يستطيع كل منهم قول ما يريده على الهواء عبر حساباته التي يتابعه الملايين.
ويشتهر محمد رمضان بكثرة سجالاته ومعاركه مع زملائه من الفنانين، على غرار الفنان باسم سمرة الذي اندلعت بينهما أزمة كبيرة في شهر مارس (آذار) الماضي، على خلفية تصريحات رمضان التلفزيونية التي اعتبرها سمرة «مسيئة»، وقال سمرة: «رمضان يقول إنّه نمبر وان وأنا أدعوه لمناظرة سينمائية وفيلم 10 دقائق نمثل فيها بطولة مشتركة لنرى من الأكثر موهبة، ويحكم الناس بيننا».
كما اندلعت أزمة أخرى بين رمضان والملحن عمرو مصطفى، في بداية العام الجاري، بعدما قال مصطفى في تصريحات تلفزيونية إنّه «لن يلحن لمحمد رمضان ولو كان المقابل مليارات»، في إطار حديثه عن أغاني المهرجانات.
ورد رمضان على مصطفى عبر حسابه بموقع «إنستغرام»، بنشر مداخلة عمرو مصطفى الهاتفية، مصحوبة بصور من حفلاته تُظهر الأعداد الكبيرة التي تحرص على الحضور، وعلق: «ثقة في الله نجاح». كما سبق لرمضان الدخول في سجالات وملاسنات مع الفنان أحمد فهمي، بسبب قضية «الطيار الموقوف»، فضلاً عن أزمته الشهيرة مع الفنانة بشرى التي هاجمته بأغنية «كوبرا»، وأُسدل الستار على هذه الأزمة بعد جلسة صلح عقدت بينهما في شهر مايو (أيار) من العام الماضي برعاية رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس.
وفي عام 2018، نشبت معركة بين الشاعر الغنائي أمير طعيمة، ومحمد رمضان، على خلفية نشر رمضان منشوراً على «السوشيال ميديا» بشأن مسلسله «نسر الصعيد» الذي قال إنّ مسلسه «الأعلى مشاهدة»، قبل أن ينتقده طعيمة بشكل حاد، لكن بعد فترة أعلن الاثنان عدم وجود خلافات بينهما بعد تصالحهما.
ويرى رفعت أنّ بعض الفنانين في مصر يفتعلون الأزمات بشكل مستمر ليتصدروا المشهد والترند، في الوقت الذي يبتعد فيه بعض كبار الفنانين عن «السوشيال ميديا» تماماً على غرار الفنان حسين فهمي، مع عدد قليل من النجوم الشباب.
وعن انتهاء أغلبية المعارك بين الفنانين بجلسات صلح ودية، يعلق رفعت قائلاً: «في النهاية قد تحكم المصالح بين المتخاصمين فيقبلون بالصلح تحت ضغوط من المنتجين الذين يريدون تنقية الأجواء قبل تصوير الأعمال التي قد تجمع أصحاب المعارك والملاسنات». على حد تعبيره.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».