علامات تجارية تغازل بـ«الموضة المحافظة» لتعويض الخسائر

بعضها استأنف استراتيجية «التسعير الإقليمي» بعد أزمة «كوفيد - 19»

العلامات التجارية رفعت أسعار منتجاتها لتعويض خسائرها بسبب «كورونا» (أ.ب)
العلامات التجارية رفعت أسعار منتجاتها لتعويض خسائرها بسبب «كورونا» (أ.ب)
TT

علامات تجارية تغازل بـ«الموضة المحافظة» لتعويض الخسائر

العلامات التجارية رفعت أسعار منتجاتها لتعويض خسائرها بسبب «كورونا» (أ.ب)
العلامات التجارية رفعت أسعار منتجاتها لتعويض خسائرها بسبب «كورونا» (أ.ب)

رغم أن وباء «كورونا» عصف بجميع المجالات الاقتصادية، فإن ضربته للموضة كانت قاسية، فمهما كان مجال تأثيرها وأهميتها الاقتصادية، فإنها تصنف ضمن قطاعات الرفاهية التي لا مجال لها عند الحديث عن الصحة أو الفقر أو البطالة.
ودفع الانخفاض الهائل في مبيعات هذا العام العلامات التجارية الفاخرة إلى رفع الأسعار في أسواق بعينها، لتعويض الخسائر الناجمة عن إغلاق المتاجر وانخفاض السفر الدولي إلى أقل معدلاته جراء انتشار «كوفيد 19»، معتمدة على مكانتها في السوق وعلاقة الثقة بينها وبين الزبون والتي تعود لعشرات السنين، فيما اتجهت علامات أخرى إلى استراتيجية توسعية باستهداف أسواق جديدة.

ويؤكد خبراء الموضة، أن سوق الموضة العالمي كان يعاني بالفعل قبل انتشار الوباء، ويقول عمر مدكور، مؤسس «مهرجان كايرو فاشون فيستيفال»، لـ«الشرق الأوسط»: «واجهت كبريات العلامات التجارية مشكلات مالية ضخمة قبل (كورونا) وجاءت شهور الإغلاق لتزيد الأمر تعقيداً، فكان عليهم سرعة التحرك وإلا انهارت كيانات راسخة تعود لأكثر من مائة عام».
الحقائب الأيقونية لدور الأزياء الراقية، والتي تعد الورقة الرابحة في هذه الصناعة، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها، على غرار منتجات الدار الفرنسية الشهيرة «لويس فيتون» التي قامت برفع الأسعار مرتين خلال العام الجاري، الأولى في مارس (آذار) ثم في مايو (أيار)، فقفزت حقيبة «ألما بي بي» في سوق الصين من ألف و365 دولارا أميركيا في أبريل (نيسان) من العام 2019، إلى ألف و518 دولارا أميركيا في أبريل 2020. ثم شهدت قفزة أخرى ليصل سعرها حالياً إلى ألف و591 دولارا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «تيليغراف» أقدمت دار «ديور» و«شانيل» على رفع أسعار بعض حقائب اليد والسلع الجلدية الصغيرة على مستوى العالم في مايو الماضي. كذلك دار «برادا» التي رفعت بعض الأسعار في يوليو (تموز) الماضي أيضاً، مبررة هذه الخطوة بأن هذه الزيادة بسبب بعض المشكلات اللوجيستية والتصنيعية التي تواجهها الدار بفعل «كورونا».
دار غوتشي، الأولى في المبيعات عالمياً خلال 2019. لم تحد كذلك عن استراتيجية رفع الأسعار، بينما كانت الملاذ لها أيضاً، فقامت برفع الأسعار بين مايو ويونيو (حزيران) في كل من إيطاليا والمملكة المتحدة والصين بنسبة وصلت إلى 9 في المائة، وفقاً لتقرير شركة الخدمات المالية الأميركية «جينيفرز غروب»، الذي نشرته وكالة «رويترز»، في شهر «يونيو» الماضي.

في السياق، استأنفت علامات الأزياء تطبيق استراتيجية هياكل التسعير الإقليمية التي كانت قد علقتها خلال السنوات الماضية، والتي كانت تصل في بعض الأحيان إلى فارق 50 في المائة من سوق إلى آخر، مستغلة أزمة حظر السفر في بعض الدول، لا سيما الصين التي تعد سوقاً فاعلاً فيما يخص استهلاك السلع الفاخرة، وتكشف بيانات نشرتها مجلة «فوغ» نقلاً عن شركة تحليل السوق «يو بي إس ايفيدنس لاب» أن الفجوة في الأسعار بين السوق الأوروبي والصيني وصلت إلى 30 في المائة خلال يونيو الماضي.
ويرى عمر مدكور أن سياسة رفع الأسعار لن تكون الحل المستدام، قائلاً: «العالم أجمع يعاني اقتصاديا بعد كورونا، وينتظره مصير مجهول، كثيرون تم تسريحهم من العمل، وحتى أصحاب الأعمال أصبحوا مُهددين، من ثم رفع أسعار العلامات الراقية يعد صفعة جديدة ربما تجعل زبون سلع الرفاهية يعزف عنها».
من جانبه يرى محمد عمارة، مصمم أزياء وأستاذ التصميم بالمركز المصري «كايرو ديزاين ديستريكت»، أن القدرة على رفع الأسعار هي مظهر من مظاهر قوة العلامة التجارية، ويقول «يعد امتلاك العلامة التجارية الزخم والحيوية شرطاً أساسيا لرفع الأسعار، حيث يكون المستهلكون أقل حساسية لتعديل الأسعار للعلامات التجارية التي يربطونها بالحصرية والجودة». ويضيف «حتى العلامات التجارية ذات الزخم القوي تحتاج إلى السير بحذر، لأن مخاطر الأفراط في استغلال مكانتها ربما لا يحميها كثيراً».
وبينما ذهبت دور راقية إلى رفع الأسعار، استهدفت علامات أخرى فتح أسواق جديدة، مثل العلامة الأميركية «تومي هيلفيغر» التي أطلقت في نهاية أغسطس (آب) الماضي خط للأوشحة مناسبة كحجاب، وقبلها أطلقت ملابس السباحة المحافظة والمعروفة باسم «البوركيني»، وصرحت الدار أن الهدف من هذه الخطوة الاحتفاء بالتنوع، فيما فسر الخبراء ذلك بأنها طريقة لتعويض الخسارة من خلال دخول سوق الأزياء الإسلامية الواعد، لكن يختلف «مدكور» مع هذا الرأي ويقول «أعتقد أن اتجاه علامة مثل (تومي) إلى سوق الأزياء المحافظة لمغازلة السوق العربي الذي يحظى بقوة شرائية لا يستهان بها، ليس رد فعل لأزمة كورونا، وأتصور أنه كان ضمن خطة تطوير الدار بالفعل، ثم سارت في تنفيذها حتى بعد أزمة كورونا».
ويضيف أن دخول أسواق جديدة بالطبع هو السياسة الأبقى، خصوصا أنه لا توجد علامة أياً كانت مكانتها في السوق، في مأمن عن الخسارة، من ثم على الجميع التحرك نحو إرضاء المستهلك، وليس استغلاله». ويؤيده أستاذ التصميم محمد عمارة في هذا الرأي، قائلاً «التعامل مع الأزمات بمرونة هو المخرج طويل الأجل، لذلك تعد خطوة تومي هيلفيغر ذكية وفي وقتها المناسب، فلا مانع من تغيير بعض الخطط أو استباق خطوة للتعامل مع الأزمة الحالية».
وقدرت شركة أبحاث السوق «جراند فيو ريسيرش» في فبراير (شباط) من العام 2019، قيمة صناعة الأزياء الإسلامية بـ88 مليار دولار بحلول عام 2025.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
TT

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من الصين وكندا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة قد يؤدّي إلى تفاقم المشكلات السلوكية، مثل ضعف الانتباه، وفرط النشاط، وتقلُّب المزاج.

وأوضحوا أنّ هذه النتائج تبرز أهمية فهم تأثير الشاشات في الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية الحساسة، خصوصاً فيما يتعلق بمشكلات الانتباه والمزاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Early Child Development and Care».

وأصبحت زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال، خصوصاً في مرحلة ما قبل المدرسة، من القضايا المثيرة للقلق في العصر الحديث. ومع ازياد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والتلفزيونات وأجهزة الكمبيوتر، يعاني الأطفال زيادة كبيرة في الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات؛ مما قد يؤثر سلباً في صحتهم النفسية والبدنية، ويؤدّي إلى تعكُّر مزاجهم.

وشملت الدراسة 571 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات من 7 مدارس رياض أطفال في شنغهاي بالصين. وأبلغت الأمهات عن الوقت الذي قضاه أطفالهن يومياً أمام الشاشات (بما في ذلك التلفزيون، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، أو الأجهزة الأخرى) خلال الأسبوع السابق.

كما أجبن على أسئلة لتقويم المشكلات السلوكية التي قد يعانيها أطفالهن، مثل صعوبة الانتباه، وفرط النشاط، والأعراض العاطفية (مثل الشكاوى المتكرّرة من التعب)، والمشكلات مع الأقران (مثل الشعور بالوحدة أو تفضيل اللعب بمفردهم). كذلك شمل التقويم جودة نوم الأطفال ومدّته.

ووجد الباحثون أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات مرتبط بشكل ملحوظ بزيادة مشكلات الانتباه، والأعراض العاطفية، والمشكلات مع الأقران. كما تبيَّن أنّ وقت الشاشة يؤثر سلباً في جودة النوم؛ مما يؤدّي إلى تقليل مدّته ونوعيته.

وأشاروا إلى أنّ جودة النوم تلعب دوراً وسطاً في العلاقة بين وقت الشاشة والمشكلات السلوكية، فالنوم السيئ الناتج عن الاستخدام المفرط للشاشات قد يعزّز هذه المشكلات، مثل فرط النشاط، والقلق، والاكتئاب.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة «شانغهاي العادية» في الصين، البروفيسورة يان لي: «تشير نتائجنا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات قد يترك أدمغة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في حالة من الإثارة؛ مما يؤدّي إلى انخفاض جودة النوم ومدّته».

وأضافت عبر موقع «يوريك أليرت»: «قد يكون هذا النوم السيئ نتيجة لتأخير مواعيده بسبب مشاهدة الشاشات، واضطراب نمطه بسبب التحفيز الزائد والتعرُّض للضوء الأزرق المنبعث منها».

كما أشارت إلى أنّ وقت الشاشة قد يحلّ محل الوقت الذي يمكن أن يقضيه الأطفال في النوم، ويرفع مستويات الإثارة الفسيولوجية والنفسية؛ مما يؤدّي إلى جعله أكثر صعوبة.