عندما يصبح الموز فناً... ثم يتطور إلى مشكلة لـ«غوغنهايم»

كيف تهتم المتاحف بنموذج مصغر لمدينة جزائرية مصنوع من الكسكسي أو فاكهة عالقة على معطف؟

عمل «الكوميديان» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان يعرض في متحف غوغنهايم (غيتي)
عمل «الكوميديان» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان يعرض في متحف غوغنهايم (غيتي)
TT

عندما يصبح الموز فناً... ثم يتطور إلى مشكلة لـ«غوغنهايم»

عمل «الكوميديان» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان يعرض في متحف غوغنهايم (غيتي)
عمل «الكوميديان» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان يعرض في متحف غوغنهايم (غيتي)

قليل من الأعمال الفنية التي بيعت في السنوات القليلة الماضية جذبت اهتماماً مثل ذلك العمل الذي حمل اسم «الكوميديان» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان. ويرجع ذلك إلى أنه رغم سعره وروح الدعابة الساخرة التي انطوي عليها، ليس سوى موزة لُصقت على الجدار.
أغرت بساطة العمل الغريب هواة جمع الأعمال لدفع ما يصل إلى 150 ألف دولار مقابل ذلك العمل في «معرض ميامي للفنون» في الخريف الماضي، وهو عمل يعتمد على التذوق الفني الذي أسعد بعضهم، لكنه أذهل كثيرين ممن لم يتخيلوا أن «حبة» فاكهة مثبتة على الجدار يمكن أن يطلب فيها مثل هذا السعر.
غير أن هذه الفكرة الغريبة تعززت مؤخراً بعرض «متحف غوغنهايم» بولاية مانهاتن للعمل الفني، ليضمها إلى مجموعة كبيرة من المعروضات قبلها على سبيل التبرع.
وتعليقاً على ضم المتحف للعمل الجديد، قال ريتشارد أرمسترونج، مدير متحف غوغنهايم: «نحن ممتنون لهدية الكوميديان، وهي دليل آخر على علاقة الفنان الوثيقة بتاريخ الفن الحديث».
وفي الواقع، لا يتضمن عمل «الكوميديان» الفني -كما يباع- موزة ولا شريطاً لاصقاً، إذ إن ما يشتريه المرء هو «شهادة أصالة»، وهي عبارة عن قائمة مفصلة من 14 صفحة تحتوي على تعليمات ورسوم بيانية حول كيفية تثبيت موزه لعرضها على الجدار.
وفي السياق ذاته، قالت لينا سترينغاري، كبيرة مسؤولي الصيانة بمتحف «غوغنهايم»، إن التعليمات ستكون سهلة للغاية مكتملة تماماً في معالجة أسئلة مثل: عدد مرات تغيير الموز (من 7 إلى 10 أيام)، ومكان لصقها (ارتفاع 175 سم فوق الأرض).
إن الحفاظ على الفن المفاهيمي ليس دائماً بالأمر السهل بالنسبة للمتاحف التي يُطلب منها الحفاظ على الأعمال المصنوعة من المواد سريعة العطب، مثل الطعام.
كيف يهتم المرء بنموذج مصغر لمدينة جزائرية مصنوع من الكسكسي، أو نحت مصنوع من الرقاق المتشابك، أو فاكهة عالقة على معطف؟ (جميعها ضمن الأعمال المعروضة في متحف «غوغنهايم»).
ونظراً إلى توقع أن المتاحف ستحافظ على الأعمال لأجيال أو لقرون، وربما حتى إلى الأبد، فإن مجموعة من الأسئلة الصعبة تظهر على السطح حول هذا النوع من الأعمال، تتجاوز المخاوف الأكثر شيوعاً حول كيفية لمس لوحة زيتية أو إصلاح صدع في تمثال.
وفي هذا السياق، قالت ميليسا تشيو، مديرة متحف «هيرشورن» وحديقة النحت في «سميثسونيان» بواشنطن: «بمجرد أن تعتقد أن الفن فكرة، وأن المادة ثانوية، لا يهم إذا استمرت هذه المادة لفترة طويلة. فمتحف (هيرشورن) يعمل به اختصاصيو صيانة يعملون على حماية الفن المعتمد على مواد قابلة للعطب أو التحلل بمرور الوقت»، مضيفة أن «كثيراً من هذه الأعمال تمثل تحدياً حقيقياً، ودور المتحف هنا هو الحفاظ على العمل إلى الأبد».
وينصب التركيز بشكل كبير على فكرة أن المواد، في بعض الحالات، لا تدوم حتى نهاية المعرض. وشأن الأعمال التي تتضمن الموز أو الكسكسي، يجري التخلص من القطعة الفنية، ولكن الفكرة الفنية تبقى ليعاد تكوينها في المستقبل، وفقاً لتعليمات الفنان.
وفي وقت سابق من العام الحالي، ذهب متحف «ويتني للفن الأميركي» إلى أبعد من ذلك، حيث عرض عملاً فنياً لدارين بدر باستخدام 40 قطعة من الفاكهة والخضراوات، تضمنت أنواعاً بدءاً من الرامبوتان وفاكهة النجمة إلى فجل «دايكون»؛ مصدرها ومصدر إلهام الفنان كان رحلاته الأسبوعية المنتظمة إلى سوق فواكه قريب في حي تشيلسي.
لكن ما الهدف من العرض؟ قالت كريستي ميتشل، أمينة المعرض، إن الهدف هو رؤية «الفاكهة والخضراوات تعرض بصفتها منحوتات. هنا، تجد نفسك معجباً ببصلة الشمر، كما تعجب بتمثال نصفي من الرخام المنحوت». وقبل أن تفقد نضارتها، يقوم القائمون على المعرض بغسل القطع الفنية وتقطيعها وتقديمها للزوار في صورة طبق سلطة.
عمل آخر للفنان بدر عُرض في لندن كان مصنوعاً من شريحة «لازانيا» محقونة بالهيروين، لكن العمل عرض مشكلات أخرى هي مصادر ذلك العمل العجيب: «اشترينا اللازانيا من متجر ماركس وسبنسر والهيروين من تاجر»، بحسب المصممة سادي كولز التي قدمت العرض، والتي أضافت أن العمل «سخيف، لا طائل منه، وهو مضحك من حيث المفهوم، لكنه أيضاً مثير للذكريات وحزين في آن. وشأن كل أعمال بدر، تجعلنا نتساءل عن الأفكار المقبولة والقيمة ومدى المعقولية».
وفي متحف «غوغنهايم» عام 2016، طهت السيدة سترينغاري وموظفو المتحف طبق الكسكسي، وفقاً لوصفة الفنان قادر عطية، جنباً إلى جنب مع عجينة ورق الحائط والملح، للمساعدة في تماسك العمل لأطول فترة ومنعها من التعفن. واستخدم طاقم عملها، بمساعدة الفنانة، قوالب من الفولاذ المقاوم للصدأ لإعادة إنشاء نموذج لمدينة «غرداية» الصحراوية الذي صممه عطية تعبيراً عن نظرته للاستعمار. وقد كانت المدينة مصدر إلهام للمهندسين المعماريين الغربيين، لكنهم نادراً ما اعترفوا بتأثيرها.
وعلى مدى 3 أشهر من بداية عرض «الكسكسي»، راقب فريق المتحف العمل الفني بحثاً عن مشكلات، مثل الحشرات وغيرها. لكن حدث أن ظهرت بعض التشققات في العمل، وهو ما نُظر له بصفته انعكاساً لعمر المدينة القديمة، وكان العاملون بالمتحف يراعون إزالة أي قطع من الكسكسي تسقط على الأرض.
وفي حالة «الكوميديان»، الموضوع لا يتمحور حول العمل الفني ذاته بقدر ما يثير التساؤلات عن من يقرر أحقية العمل في أن يكون فناً، وعن تقدير المبالغ الضخمة التي يجري إنفاقها عليه. يقوم القيمون الذين تراودهم أسئلة باستشارة الفنانين عندما يعرضون مثل هذه الأعمال. قد يحاول القيمون في بعض الأحيان مقابلة الفنان لسؤاله عن بروتوكولات العرض عندما يقبلون عملاً في مجموعتهم. في بعض الأحيان، كما هو الحال في قطعة «كاتيلان»، يضع الفنانون تعليمات دقيقة مكتوبة لجعل العمل يدوم طويلاً.
وغالباً ما تتضمن الأفكار التي يقوم عليها الفن العابر مفاهيم مثل الخسارة والبقاء والحياة والموت.
وصرح القيم على معرض «بيريشن» الذي باع ثلاث نسخ من العمل في معرض «آرت بازل» في ميامي، بأن «الكوميديان، بتكوينه البسيط، قدم في النهاية انعكاساً معقداً لأنفسنا».
* خدمة «نيويورك تايمز»
وكتبت سارة أنديلمان، إحدى المشتريات، وهي مستشارة خبيرة أزياء فرنسية، في رسالة بالبريد الإلكتروني، تقول: «لقد راق لي ذلك العمل لسخافته وتأثيره على الجمهور، فقد لاحظت أن جميع زوار بازل يلتقطون صورهم الذاتية (سيلفي) إلى جواره، وأرى أنه انعكاس لعصرنا».
واستطردت أنديلمان قائلة إنها لم تعلق عمل «الكوميديان» بعد، ولا تزال تنتظر التعليمات، لكنها أضافت أنها ليست في عجلة من أمرها، مضيفة: «ما أعتقد أنني اشتريته هو فكرة ومفهوم أكثر من كونها مجرد موزة مثبتة بشريط». ومع ذلك، قال مشترٍ آخر، هو بيلي كوكس، إنه عرضه على جداره. وبالنسبة له أيضاً، تكمن قيمة العمل ومعناه في وعي المجتمع بأن حبة موز يمكن أن تكون فناً، مشيراً خلال مقابلة أجراها في يوليو (تموز) إلى إنه يفكر في التبرع بها لمؤسسة كبرى.
واستطرد قائلاً: «من مكاننا هذا، حيث نجلس، تبدو الفكرة رائعة. وبالنسبة لنا، كان تغيير اللعبة مؤشر جيد على مجتمعنا، وإلى أي مدى أصبح مجنوناً». غير أن «غوغنهايم» لم يعلن حتى الآن موعد عرض العمل الفني. لكن عندما يقوم المتحف بذلك، بحسب السيدة سترينغاري، سيكون العمل الفني أسهل فهماً، وتحت السيطرة تماماً، بعدما يرفق بكتالوج التعليمات، مضيفة: «لا أعتقد أن هناك أي شيء يشير إلى مصدر الموز أو حجمه. الفكرة هي أنها موزة، فقط اذهب واشتري موزة».
وعندما سئل عما إذا كان قد فكر في المكان الذي يمكن أن يحصل فيه على الموز، قال: «أعتقد أنك قد تجدها في سوق البوديجا المحلي».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.