دافع «المرشد» الإيراني علي خامنئي، أمس، عن نهج بلاده في خوض الحرب ضد العراق، قائلاً إنه من «الأحداث الأكثر عقلانية»، محذراً من أن «يد التحريف» تترصد ما تسميه إيران «الدفاع المقدس»، في إشارة ضمنية إلى تباينات داخلية حول ما شهدته إيران في ثمانينات القرن الماضي.
وقال خامنئي في خطاب تلفزيوني استمر أكثر من ساعة، أمس، إن قرار دخول الحرب مع العراق، واستمرارها «من الأحداث الأكثر عقلانية للأمة الإيرانية».
ونقل موقع خامنئي أيضاً أن «قبول القرار في نهاية الأمر، والذي وصفه الإمام بـ(كأس السم) كان حكيماً ومن الأعمال الأكثر عقلانية».
وكان خامنئي يشير إلى قبول الخميني القرار «598» في عام 1988، بعد عام من التصويت عليه. وأوقف القرار الحرب الإيرانية ـ العراقية بعد 8 سنوات، ووصفه «المرشد» الإيراني الأول (الخميني) بـ«تجرع كأس السم».
وتزامن دفاع خامنئي عن قبول القرار الأممي لوقف الحرب، مع ضغوط أميركية تمارسها الولايات المتحدة لإجبار إيران على مفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق أشمل فيما يخص الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1».
وتوصلت إيران والقوى الكبرى إلى الاتفاق النووي بعد عامين من المفاوضات، ووافقت إيران على قيود في برنامجها النووي، مقابل تعليق 6 قرارات أممية تفرض عقوبات اقتصادية على طهران. وفي 2013 بدأت تلك المفاوضات بعد خطاب لخامنئي يدافع فيه عن «المرونة البطولية».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خامنئي أن بلاده «أظهرت تصميم الجمهورية الإسلامية على الدفاع عن نفسها ضد أعدائها»، دون التطرق مباشرة إلى الظروف الراهنة.
وأحيت إيران أمس ذكرى اجتياح العراق أراضيها في 22 سبتمبر (أيلول) 1980 بعد مناوشات حدودية بين الطرفين استمرت أشهراً، ما أطلق حرباً حصدت أرواح مئات الآلاف من الجانبين.
وقال خامنئي: «خلال 8 أعوام، وظّفوا كل قواهم، لكن في نهاية المطاف لم يحققوا شيئاً. هل يمكن تخيل انتصار أكبر من هذا؟ الأمة الإيرانية حققت انتصاراً باهراً». وشدد على أن «الدفاع المقدس أظهر أن العدوان على هذا البلد مكلف، وهذا ما يمنح البلد (إيران) الأمان».
وعدّ خامنئي أن صدام حسين كان «أداة» للدول التي دعمته خلال الحرب، لا سيما الغربية منها؛ وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تعدّها إيران «الشيطان الأكبر».
وتأتي الذكرى غداة إعلان واشنطن إعادة فرضها أحادياً عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق النووي، محذرة من «عواقب» على الدول غير الملتزمة بها.
لكن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات دولية واسعة من دول عدة ترى أن الخطوة الأميركية لا تستند إلى أساس قانوني، لا سيما أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض عقوبات مشددة على طهران.
ولم تنظم إيران هذا العام العرض العسكري التقليدي الذي كان يقام في ذكرى اندلاع الحرب، وذلك نظراً للإجراءات الوقائية المتخذة في مواجهة تفشي فيروس «كورونا» المستجد.
وحذر خامنئي من أن تطال «يد التحريف» سنوات الحرب التي تزامنت مع بدايات نظام ولاية الفقيه وتأسيس جهاز «الحرس الثوري»، الموازي للجيش الإيراني.
وخلال السنوات القليلة الماضية، كثرت تحذيرات كبار المسؤولين الإيرانيين حول محاولات لـ«تحريف» مواقف الخميني، وأحداث شهدتها إيران خلال العقد الأول من إقامة نظام ولاية الفقيه، بوصفه نظاماً جديداً للمؤسسة الحاكمة في البلاد.
ومع ابتعاد سنوات الحرب، يتساءل كثيرون في إيران عن الأسباب التي دفعت بإيران إلى تجاهل محاولات دولية عدة لوقف الحرب، بعد تراجع الجيش العراقي إلى داخل حدوده.
وفي السنوات القليلة الماضية، أثارت شهادات من قيادات عسكرية حول الحرب جدلاً واسعاً في إيران.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، أثارت تغريدة لقائد «الحرس الثوري» حينداك، محسن رضايي، جدلاً واسعاً بين الإيرانيين أشار فيها إلى أن قواته مضت قدماً في هجوم على مدينة البصرة جنوب العراق في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1986 رغم علمها بتسريب العملية وخسرت إيران المئات من جنودها في تلك المعركة.
وقال رضايي في التغريدة: «أظهرنا للعدو عبر عملية (كربلاء4) أنها عملياتنا السنوية، ولكن بعد 10 أيام من تلك النقطة وفي حين كانت قوات الجيش العراقي في إجازة، أطلقنا عملية (كربلاء5)»، وأضاف: «كانت عملية (كربلاء4) لخداع العدو».
وأسفرت عملية «كربلاء4»، حسب المصادر الإيرانية، عن مقتل ألف من القوات الإيرانية، وفقدان أكثر من 3900، وجرح 11 ألفاً منهم.
في شأن متصل، أفاد رئيس الأركان المسلحة، محمد باقري، في تقرير لخامنئي، بأن المنتجات الثقافية حول سنوات الحرب شهدت نمواً بنسبة 19 في المائة العام الماضي، بعدما كانت 4 في المائة قبل عامين.
خامنئي يدافع عن قرار الحرب ضد العراق في الثمانينات
خامنئي يدافع عن قرار الحرب ضد العراق في الثمانينات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة