«البسطرمة».. من طعام الفرسان الأتراك إلى دكاكين البقالة

ظهرت قبل 1500 عام.. والأرمن أدخلوها إلى العالم العربي

طبق يمكن تقديمه بعدة طرق إلى جانب عدد من المكونات الأخرى
طبق يمكن تقديمه بعدة طرق إلى جانب عدد من المكونات الأخرى
TT

«البسطرمة».. من طعام الفرسان الأتراك إلى دكاكين البقالة

طبق يمكن تقديمه بعدة طرق إلى جانب عدد من المكونات الأخرى
طبق يمكن تقديمه بعدة طرق إلى جانب عدد من المكونات الأخرى

مذاقها المبهر ورائحتها الذكية التي تفتح الشهية، جعلت منها سيدة المائدة في أطباق الإفطار والعشاء في كثير من دول العالم، من الشرق الأقصى إلى أميركا. إنها «البسطرمة» Pastrami أو Basturma التي تعني اللحم المملح المتبل. اشتهرت البسطرمة واقترنت ببيض الدجاج أو بيض السمان لتحضير طبق «البيض بالبسطرمة»، وتعتمد عليها ربات البيوت في تحضير وجبة سريعة في الغذاء. ففي مصر وحتى بداية التسعينات، كانت البسطرمة ضيفا رئيسيا في الرحلات والأسفار، وكانت الساندوتش المحبب على شاطئ البحر، وذلك قبل انتشار السوسيس والسلامي ومطاعم الوجبات السريعة في مصر.
تعد البسطرمة طريقة مميزة لحفظ اللحوم، ونظرا لأنها تستغرق أياما طويلة ووقتا في التحضير، فلم تعد السيدات تعدها في المنزل، وأصبح لها ورش تصنيع خاصة ويمكن شراؤها مباشرة من محلات البقالة أو الهايبر ماركت.
وتشتهر بها تركيا واليونان وإيطاليا، وقد أدخلها الأرمن مع نزوحهم إلى لبنان وسوريا، حيث لا تزال العائلات الأرمينية تقوم بصناعة البسطرمة منزليا، كما تشتهر بها مصر حيث عرفها أهلها مع هجرة الأرمن إليها، وتعلمها المصريون منهم، وكان يتم تصنيعها منزليا حيث كانت السيدات تعلقها في الشرفات، بخيوط سميكة بعيدا عن ضوء الشمس المباشر، وكانت هذه طريقة من طرق حفظ الطعام في أوقات مر بها العالم بحروب وفترات تقشف كثيرة خلال القرنين الـ18 والـ19. ويرجح أنها وصلت إلى أميركا مع الأرمن أيضا تقريبا في عام 1872 والتي تطورت فيما بعد إلى «السلامي» الذي تتم صناعته بالطريقة نفسها، مع اختلاف بعض الخطوات وطريقة التمليح والبهارات.
وتعد «البسطرمة» من الأكلات التي لها تاريخ عريق في المطبخ التركي، حيث جاءت فكرة تصنيعها تقريبا في أواخر القرن الـ17، بسبب خروج الفرسان الأتراك للحروب ومكوثهم ليالي طويلة في الصحراء، فكانت البسطرمة طعامهم المفضل وكانوا يحملونها ويربطونها تحت سروج جيادهم، وانتقلت معهم إلى آسيا الوسطى والبلقان.
ولا تزال حتى الآن مدينة «قيصري» في وسط تركيا المدينة الأشهر في تصنيع البسطرمة، ويمكن الحصول على أفضل أنواع البسطرمة من سوق «كازانجيلار» وقد أرخ الرحالة التركي الشهير «أولياء تشلبي»، لها أثناء زيارته لـ«قيصري» في القرن الـ17.
وفي المدن العربية تشتهر «دير الزور» في سوريا بها، وفي لبنان تنتشر البسطرمة في بيروت وبرج حمّود وهادجن وجبل لبنان وبلدة عنجر، حيث توجد العائلات الأرمينية، وتعد مدينة الإسكندرية المصرية من أشهر المدن في تصنيع البسطرمة، ولا تزال منطقة المنشية التي كان يقطن بها عدد كبير من الجالية الأرمينية، هي أفضل مكان للحصول على البسطرمة الشهية، حيث توجد بمنطقة المنشية أشهر ورش تصنيع اللحم وتجفيفه تعود إلى أكثر من قرن من الزمان، ويأتي إليها التجار من مختلف أنحاء مصر للحصول عليها. ويأتي في طلبها زوار من دول الخليج ومن ليبيا وبعض الدول الأخرى المجاورة لشراء البسطرمة ذات المذاق المميز.

* أشهر الأطباق بالبسطرمة

* ومن أشهر الأكلات حول العالم التي تستخدم فيها البسطرمة: طبق البيض بالبسطرمة، والبيتزا بالبسطرمة، والجلاش بالبسطرمة، وأبدع المصريون في عمل الفول البسطرمة، والفلافل بالبسطرمة، والكنافة بالبسطرمة، وفي الإسكندرية تضاف البسطرمة إلى أنواع المعكرونة، ومن أشهر الأكلات بها أيضا «حواوشي البسطرمة» وهو عبارة عن عجين الخبز البلدي المحشو بالجبن وشرائح البسطرمة، وقد اعتاد أهالي الإسكندرية قديما (قبل ظهور الميكروويف) الذهاب بشرائح البسطرمة والجبن التركي إلى الأفران البلدي وحشو عجين الخبر بتلك المكونات أو استبدال السجق بها.

* طريقة تحضيرها

* تصنع البسطرمة بالأساس من لحم البقر ويُعد لحم العجل الأفضل في صناعتها، هكذا أوضح إبراهيم سعد، أحد العاملين بورشة تصنيع البسطرمة بالإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن هناك بعض الدول تصنعها من لحم الغنم، لكن يفضل أن تكون من اللحم الخالي من الدهن، وحول طريقة صناعة البسطرمة وتحويلها من لحم إلى الشكل النهائي لدى البقالين، قال: «هي عبارة عن عملية تمليح اللحم بالملح الخشن للحفظ، ثم يضغط اللحم بأداة ثقيلة حتى تخرج عصارته، وذلك لمدة 15 ساعة تقريبا، ثم يُغسل اللحم جيدا بالماء ويجفف، ثم يتم وضعها على منضدة خشبية ويتم لفها بقماش قطني، ويوضع فوقها أيضا جسم صلب ثقيل لإتمام عملية تجفيفها، وذلك لمدة يوم كامل، وبالطبع في مكان غير رطب».
أما الخليط السحري الذي يصنع المذاق الخاص، فهو عبارة عن 100 غرام من الحلبة المطحونة الطازجة، و150 غرام ثوم مفروم، و100 غرام فلفل، و100 غرام بابريكا، 500 غم ملح طعام و100 غرام دقيق ناعم، تخلط المكونات بقليل من الماء حتى يكون معجونا بني اللون متماسكا، أشبه بالعجين، توضع قطعة اللحم وتدهن به جيدا حتى يتم تغليفها تماما، حتى لا يتعرض اللحم للفساد والجراثيم، وتترك في مكان جيد التهوية حتى يجف الخليط على اللحم ويشكل قشرة متماسكة تماما، ويتم بعدها إضافة طبقة أخرى من الخليط بالطريقة نفسها، وبعد أن تجف تماما بعد نحو 4 ساعات يمكن تعليقها في مكان جاف وتركها لمدة شهر تقريبا بعيدا عن ضوء الشمس، لتصبح بعدها صالحة للأكل. لكن يفضل طهيها على النار وعدم تناولها مباشرة حتى لا تسبب في طفيليات أو عسر هضم برغم مذاقها المغري اللذيذ.

* نصائح للشراء

* تتراص البسطرمة معلقة في أسقف محال البقالة وتباع لدى تجار الجملة بالذراع «ذراع بسطرمة»، وهي عادة تزن ما بين كيلوغرام أو كيلوغرامين، حسب قطعة اللحم التي تم تمليحها، ويتراوح سعرها بالجملة ما بين 50 و70. وسعرها في دكاكين البقالة من 70 إلى90. ويأتي اختلاف الأسعار لاختلاف نوع اللحم المستخدم وجودته، فيُعد لحم السمانة البقري الأغلى، وتليه قطعة لحم «الفخذ».
ويمكنك التعرف على البسطرمة الجيدة من الخارج عن طريق تفحص الخلطة «القشرة الخارجية لها»، فإذا كانت رائحة البهارات فيها طازجة فهي جيدة جدا، أما إذا لم تكن رائحتها فواحة فهي تشي بأن هناك شيئا خاطئا، سواء في مراحل صناعتها أو طريقة تخزينها. وأثناء شراء البسطرمة يمكنك التعرف على الجيدة منها أثناء تقطيع البائع لها، وهي التي يكون لحمها أحمر قانيا، وأما البسطرمة ذات اللون الداكن فابتعد عنها.

* وصفات سريعة بالبسطرمة

* 1 – مقبلات: توست البسطرمة
6 قطع من التوست
6 شرائح طويلة من البسطرمة
6 شرائح من الجبن الشيدر الأصفر
ملعقة كبيرة زيت زيتون
ملعقة كبيرة زعتر
ملعقة كبيرة ريحان

* الطريقة:

* ضعي فوق كل قطعة توست شريحة من الجبن ثم البسطرمة، ثم انثري قليلا من الزعتر والريحان وقطرة من زيت الزيتون فوق كل قطعة، وأدخليها في فرن درجة حرارته 180 درجة لمدة 3 دقائق، يمكنك إضافة شرائح من الطماطم أو الفلفل الأخضر أو الألوان، ومن ثم تصبح المقبلات جاهزة للتقديم. ويمكن تقديمها إلى جانب الخيار المخلل.
2 - «بسطرمة هاش» من المطبخ الأرمني

* المقادير

* ملعقتا زيت زيتون كبيرتان
شرائح من البسطرمة حسب الرغبة
4 ثمرات بطاطس نصف مسلوقة ومقشرة
بصلة متوسطة
ثمرة فلفل أخضر
ثمرة فلفل أصفر
ثمرة فلفل أحمر
ملعقة صغيرة فلفل أسود

* الطريقة:

* تقطع البطاطس والبصلة وثمار الفلفل إلى مكعبات صغيرة، وقطعي شرائح البسطرمة إلى شرائح مربعة الشكل، حضري مقلاة ذات سطح غير قابل للالتصاق، ضعي ملعقة من زيت الزيتون وأضيفي إليها شرائح البسطرمة وشرائح البصل، حتى يتحول لون البسطرمة إلى لون البصل إلى اللون الذهبي ثم ضعيهما في طبق التقديم.
عاودي العمل بالمقلاة نفسها، وضعي الملعقة الأخرى من زيت الزيتون ثم أضيفي مكعبات البطاطس والفلفل وقلِّبي المكونات باستمرار لمدة 4 دقائق حتى يتحول لون البطاطس إلى اللون الذهبي، ويذبل الفلفل قليلا. ثم صبي المكونات جميعها على البسطرمة والبصل وامزجي المكونات جيدا، ورشي عليها الفلفل الأسود لتصبح جاهزة للتقديم مع الخبز الساخن.

* 3- طاجن البسطرمة:
* المقادير:

* شرائح بسطرمة
* ربع كيلو من الجبن الحلوم
100 غرام زيتون كالاماتا
300 غرام طماطم شيري
ملعقة زيت زيتون كبيرة
أوراق زعتر بري
وأوراق بقدونس للتزين

* الطريقة والتحضير:

* توضع جميع المكونات في طاجن من الفخار، على أن تقومي برصها بشكل أنيق، ثم وزعي عليها ملعقة زيت الزيتون، وانثري قليلا من الزعتر ليعطي نكهة طيبة، واتركيها في الفرن لمدة 10 دقائق، بعدها انثري أوراق البقدونس ويصبح الطاجن جاهزا للتقديم. ويمكن تقديمه بجوار طبق المعكرونة بالبشاميل.



المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.