مودعو البنوك اللبنانية يراكمون الخسائر ويخشون الأسوأ

مدخرات الليرة فقدت 80%... وتصريف الدولار دون 50% من قيمته السوقية

مصرف لبنان المركزي (رويترز)
مصرف لبنان المركزي (رويترز)
TT

مودعو البنوك اللبنانية يراكمون الخسائر ويخشون الأسوأ

مصرف لبنان المركزي (رويترز)
مصرف لبنان المركزي (رويترز)

يلتقط المودعون في البنوك اللبنانية من مقيمين وغير مقيمين، بانتباه مشوب بالقلق الشديد، أي خبر محلي أو أي إشارة خارجية تتعلق بمصير مدخراتهم المحبوسة و«الممنوعة من الصرف» الاعتيادي عبر إخضاعها لسلسلة قيود لجأت إليها إدارات المصارف، حتى يفصل مجلس النواب بمشروع قانون ضوابط الرساميل، (Capital Control) وهو أحد الشروط التي تضمنتها المبادرة الفرنسية ويلح عليها خبراء صندوق النقد الدولي.
وكان لافتا حجم التأثير والتفاعل الذي خلفته مداخلة منسوبة لمنسق مؤتمر «سيدر» وشؤون لبنان في الخارجية الفرنسية السفير بيار دوكان بشأن إمكانية الحاق خسائر بالمودعين أو تعذر الحصول على كامل مدخراتهم. وذلك رغم أن المضمون، بحسب المحضر الرسمي، الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، لاجتماعات وفد جمعية المصارف في باريس، أورد الملاحظة كاحتمال ينبغي التحسب له ردا على التأكيدات المصرفية بالحرص على عدم تكبيد المودعين أي خسائر. ورد المسؤول أنه «قد يكون من الصعب الدفاع عن هذا حتى النهاية».
وفي المقابل، يؤكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن السلطة النقدية ستمنع إفلاس أي مصرف وستحافظ على الحقوق المتوجبة للعملاء عبر التدخل المباشر بالإدارة حتى في حال تعذر الالتزام بزيادة الرساميل المطلوبة. وأبلغ الأمر عينه إلى مجلس محافظي البنوك المركزية العربية خلال اجتماعه قبل يومين عبر تقنية الفيديو، أن البنك المركزي يتخذ التدابير التي «تهدف إلى مساعدة الاقتصاد على الصمود، وحماية أموال المودعين في المصارف اللبنانية، ودعم الأعمال التجارية أثناء انتشار الوباء لضمان استمرار سوق العمل، وتقديم المساعدة للأفراد والشركات الذين تأثروا بانفجار المرفأ».
وعلى أرض الواقع، يتكبد المودعون خسائر حقيقية وتراكمية من دون الحاجة إلى أي اقتطاع إضافي ما دام الامتناع عن الصرف أو تكييفه وفق إرادة المصرف قائما، ولا يستظل بقانون نافذ. فالمدخرات المحررة بالليرة، والتي يقل حجمها عن 19 في المائة من إجمالي ودائع القطاع الخاص في المصارف، فقدت تلقائيا نحو 80 في المائة من قيمها الشرائية والإبرائية بفعل انهيار سعر العملة الوطنية من مستوى 1515 ليرة للدولار إلى نحو 7600 ليرة حاليا. فالسعر الساري في السوق الموازية يكاد يشمل كل أوجه الإنفاق الاستهلاكي، باستثناء ما يتعلق بخدمات القطاع العام والرسوم والضرائب الحكومية. إضافة إلى دعم تمويل المواد الأساسية من قمح ودواء ومحروقات، ودعم أقل لبعض السلع الغذائية. علما بأن حاكم البنك المركزي رياض سلامة أنذر علنا بقرب نضوب الاحتياطات، في غضون أشهر قليلة، التي يمكن توفيرها لدعم المستوردات.
ومن المرتقب تفاقم مشكلة أكبر ذات أبعاد صحية واجتماعية، باعتبار أن جزءا كبيرا من المدخرات المحررة بالليرة يعود إلى توظيفات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لدى البنوك وفي سندات الخزينة ومستحقاته لدى الدولة والقطاع الخاص.
وهذه المشكلة تجسدت سريعا في صرف تعويضات نهاية الخدمة لهذا العام التي فقدت 80 في المائة من قيمتها وكادت تنذر بتداعيات أسوأ، لولا استجابة البنك المركزي لطلب إدارة الصندوق بحماية جزء من القيمة عبر آلية صرفها نظريا بالسعر الرسمي للدولار (1515 ليرة) وإعادة تحويلها بسعر منصة المركزي (3900 ليرة)، بحيث تتقلص الخسارة المحققة، حتى إشعار آخر، من نسبة 80 إلى نحو 50 في المائة.
أما المدخرات المحررة بالعملات الصعبة والبالغة نحو 81 في المائة من الإجمالي، فهي تخضع لشبه قرصنة مكشوفة عبر الامتناع عن صرفها بالدولار النقدي أو تحويلها إلى الخارج. وفي حال موافقة العميل على صرفها بالليرة، فإن الأمر يتم ضمن ضوابط قاسية لجهة تقنين الكميات المتاح سحبها شهريا وفقا لقيمة الوديعة، وأيضا لجهة اعتماد سعر صرف يبلغ 3900 ليرة للدولار، أي ما يماثل نصف القيمة الفعلية في السوق الموازية.
وهي قيمة الخسارة المحققة. وبحسب أحدث البيانات المجمعة للجهاز المصرفي التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، ارتفعت نسبة الدولرة (الودائع المحررة بالدولار) إلى 80.16 في المائة من إجمالي الودائع مع نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي.
وقد سجلت محفظة الودائع تراجعاً بنسبة 16.17 في المائة على مدار سنوي لتهبط دون 150 مليار دولار، وتبلغ 148 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، وبما يشمل نحو 5 مليارات دولار من ودائع القطاع الحكومي.
وتراجعت ودائع القطاع الخاص المقيم بنسبة 8.78 في المائة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي لتصل إلى نحو 115 مليار دولار. توازياً مع تدني ودائع القطاع الخاص غير المقيم بنسبة 13.79 في المائة لتصل إلى نحو 28 مليار دولار.
وقد تقلصت ودائع الزبائن المحررة بالليرة اللبنانية بنسبة 22.18 في المائة في 7 أشهر، مقابل انخفاض الودائع المحررة بالعملات الأجنبية بنسبة 4.89 في المائة.
وانكمشت تسليفات المصارف إلى القطاع الخاص (المقيم وغير المقيم) بنسبة 19.03 في المائة، أي نحو 9.7 مليار دولار، خلال الأشهر السبعة الأولى لتصل إلى نحو 40 مليار دولار.
ويمكن تعليل جزء من التراجع بقيام بعض العملاء بعمليات تصفية لقروضهم من خلال استعمال الرصيد الموازي لودائعهم تخوفاً من أي اقتطاع على الودائع. وبذلك تقلصت التسليفات بنسبة 27.13 في المائة على صعيدٍ سنوي، ليصل بذلك معدل التسليفات من ودائع الزبائن إلى 27.17 في المائة، مقابل 30.39 في المائة في نهاية العام 2019 و31.25 في المائة في يوليو من العام الماضي.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.