المشري يدعو الأمم المتحدة لمساعدة الليبيين في الاستفتاء على الدستور

وسط حراك شعبي يطالب بالتعجيل بطرحه على الشعب

السراج خلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور الليبي (المجلس الرئاسي)
السراج خلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور الليبي (المجلس الرئاسي)
TT

المشري يدعو الأمم المتحدة لمساعدة الليبيين في الاستفتاء على الدستور

السراج خلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور الليبي (المجلس الرئاسي)
السراج خلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور الليبي (المجلس الرئاسي)

أعادت التغييرات المتلاحقة على الساحة الليبية «مشروع الدستور» الجديد إلى واجهة الأحداث مرة ثانية، وسط حراك شعبي وسياسي يطالب بسرعة طرحه للاستفتاء العام، تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في الربيع المقبل.
ودعا خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى «مساعدة الشعب الليبي في الاستفتاء على الدستور، الذي أعدّته هيئته التأسيسية لصياغة مشروع الدستور المنتخبة، طبقاً للآليات الديمقراطية المتعارف عليها دولياً»، مطالباً بضرورة «تمثيل هذه الهيئة في أي حوار يناقش العملية الدستورية، بما يضمن التعجيل بإنهاء المراحل الانتقالية بإجراء الانتخابات».
وأقرت الهيئة التأسيسية المؤلفة من 60 عضواً، يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة بالتساوي، مسودة الدستور في 29 من يوليو (تموز) 2017 بأغلبية الأصوات، لكن منذ ذلك التاريخ لم تسلم من اتهامات بـ«عدم النزاهة والحصول على رشوة»، وهو الأمر الذي عدّته «إهانة لجموع الليبيين».
واعتبر المشري في رسالته الموجّهة إلى غوتيريش أن «المسار الدستوري هو الركيزة الأساسية لحل الأزمة في ليبيا، استناداً إلى شرعية أعمال الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، بوصفها منتخبة انتخاباً عاماً مباشراً من الشعب، وأوكل إليها صياغة المشروع بقصد عرضه على الاستفتاء العام».
ونوّه المشري إلى أن مشروع الدستور «تم إقراره بأكثر من ثلثي أعضاء هيئته، ممثلةً فيها كل الدوائر الانتخابية والمناطق الجغرافية، مما أكسبه الشرعية الدستورية المطلوبة»، و«هذه الشرعية عُززت بحكم المحكمة الليبية العليا في 14 من فبراير (شباط) 2017، القاضي بأنه لا معقّب على أعمال الهيئة التأسيسية إلا الشعب عبر استفتاء عام، وللشعب فقط قبول مشروع الدستور أو يرد».
وأشار المشري، المنتمي لتنظيم «الإخوان»، إلى أنه رغم إنجاز مشروع الدستور، «فإنه ما زال معطلاً في مرحلته المتبقية، وهي عملية الاستفتاء، رغم صدور القانون المنظم لها»، لافتاً إلى أن «الاتفاق السياسي الليبي أكد الشرعية السياسية للهيئة التأسيسية ومخرجاتها، عندما نظم فصلاً كاملاً للعملية الدستورية». وتابع: «مع يقيننا التام بأهمية مشروع الدستور، نؤكد أنه لا وصاية على الشعب الليبي تمنع قبول كلمته الفاصلة بـ(نعم) أو (لا) من خلال الاستفتاء، فضلاً عن أن الاتفاق السياسي الليبي أكد الشرعية السياسية للهيئة التأسيسية ومخرجاتها»، وانتهى المشري معبّراً عن أمله في مساعدة الأمم المتحدة للشعب الليبي «في اختيار دستوره باستفتاء، طبقا للآليات الديمقراطية المتعارف عليها دولياً».
وتنشط في ليبيا هذه الأيام، وخصوصاً في مدن الغرب، دعوات تطالب بضرورة الاستفتاء على الدستور، وسط نداءات للتظاهر بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس للمطالبة بتحديد موعد معلن وصريح للاستفتاء.
واقترح الناشط المدني أحمد الكيلاني، أن «يعمّ الحراك مناطق ليبيا كافة، عبر تشكيل لجان في كل مدينة، تضم نشطاء وحقوقيين ومهتمين بالعمل على تحشيد الناس للخروج، والمطالبة بحقهم في الاستفتاء». وأضاف الكيلاني في كلمته، أمس: «يتم الاتفاق على موعد محدد للخروج في هذه المدن، دون رفع أي شعارات أخرى خارج هذا الإطار، والاتفاق على صيغة بيان موحد يتم تسليم نسخة منه لبعثة الأمم المتحدة ومجالس النواب والأعلى للدولة والرئاسي».
وسبق للمتحدث باسم «الجيش الوطني»، اللواء أحمد المسماري، اتهام الهيئة التأسيسية للدستور بـ«عدم النزاهة والحصول على رشوة» حكومية، ما دفعها إلى مطالبة المدعي العام العسكري بالتحقيق فيما ورد على لسان المسماري، الذي صرّح بأن الهيئة «تلقت 15 مليون دينار دعماً من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، قبل إجراء التصويت على المسودة بشهر». لكن الدكتور البدري الشريف، عضو الهيئة التأسيسية، استغرب هذه الاتهامات حينها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة «تتمتع باستقلالية، ولا تتبع أي سلطة في البلاد». وتشتكي هيئة الدستور من عدم استدعائها لحضور اللقاءات المتعلقة بالمسار السياسي والدستوري في البلاد. وكان السراج قد التقى مؤخراً عدداً من أعضائها ورئيسها الجيلاني أرحومة، وقال إن ليبيا «تمر بمرحلة خطيرة مصيرية»، مؤكداً أهمية «وجود دستور دائم لليبيا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.