محاولة نسائية لاختراق عالم يحتكره الذكور منذ 200 عام

دايزي ناتشبول أول امرأة تفتتح محلاً لها في شارع «سافيل رو» العريق في لندن

دايزي ناتشبول خارج محلها بـ«سافيل رو»
دايزي ناتشبول خارج محلها بـ«سافيل رو»
TT

محاولة نسائية لاختراق عالم يحتكره الذكور منذ 200 عام

دايزي ناتشبول خارج محلها بـ«سافيل رو»
دايزي ناتشبول خارج محلها بـ«سافيل رو»

لأكثر من 200 عام وشارع «سافيل رو» الواقع بمنطقة مايفير وسط لندن، ذكوري بكل ما تحمله الكلمة من معنى. بل إن البعض ينعته بالعالم الشوفيني الذي لا يتقبل المرأة. فقد ظل لقرنين من الزمن عنواناً صريحاً للخياطة الرجالية المحضة، وميداناً يلعب فيه الرجال فقط، زبائن وخياطون. ارتبط اسمه بملوك وأمراء والطبقات الأرستقراطية من كل أنحاء العالم؛ لهذا يمكن القول إنه كان يحتاج إلى امرأة تنحدر من الطبقة الأرستقراطية أو المالكة لكي تخترق أسواره الحصينة. هذه المرأة هي دايزي ناتشبول حفيدة السير مونتباتن، التي ستدخل تاريخه بصفتها أول امرأة تفتتح فيه مشغلاً ومحلاً خاصاً بها. الفرق بينها وبينهم أنها ستتخصص في التفصيل للمرأة بمساعدة فريق نسائي كامل.
كانت دايزي كأي مصممة سبقتها تعرف بأن اختراق هذا الشارع ليس سهلاً. فخياطوه توارثوا المهنة أباً عن جد، وأصبحوا مع الوقت يعتبرونه ملكيتهم الخاصة، يتصدون لأي غريب يحاول اختراقه أو زعزعة شخصيته. وهذا ما أكدته المصممة وسيدة الأعمال الشابة فيبي غروملي، التي سبقت دايزي في دخول «سافيل رو» مصممةً في عام 2015. الفرق أن غروملي لم تفتتح محلاً بواجهة خاصة بها، واكتفت بمشغل في الشارع ومشاركة أحد الخياطين مساحته لعرض تصاميمها. وهكذا اتقت غضبهم وكسبت دعمهم في الوقت ذاته. في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» صرحت غروملي بأنه كان عليها، وقبل كل شيء، أن تُطمئنهم بأنها لن تنافسهم في التفصيل الرجالي، وبأنها ستقتصر على التفصيل للمرأة. تقول «لحسن حظي لم يروا مانعاً في ذلك، خصوصاً أنهم لا يحبون تصميم الأزياء النسائية، ويقومون بذلك اضطراراً. تبريرهم أن المرأة تغير رأيها بسرعة، كما أن مقاساتها تتغير باستمرار، وهو ما يجدون صعوبة في مواكبته». ويبدو أن هذا ما تراهن عليه دايزي أيضاً. فهي تخاطب المرأة أولاً وأخيراً. تشرح «ظل التفصيل في سافيل رو قصراً على الرجل. لم تكن أي فتاة تحلم بامتهان الموضة أن تدخله حتى لا تثير غضب العاملين فيه عليها، لا سيما من الذين كانوا يرون أنه من حقهم هم وحدهم، لكن المؤكد أن هناك أشياء تخجل المرأة من مناقشتها أو الخوض فيها مع خياط رجل وتفضل مناقشتها مع امرأة، مثل الحديث عن تغير تضاريس جسدها بسبب سن اليأس أو بعد الحمل وغيرها».
لم تكن هذه الورقة الرابحة الوحيدة التي استغلتها دايزي ناتشبول. فإلى جانب أنها من أصول أرستقراطية، ولها علاقات واسعة مع طبقات مؤثرة مثل دوقة كنت، لايدي هيلين التي كانت من بين أولى الداعمات لها، لم يكن دخولها الشارع مباغتاً أو مفاجأة للبعض. فقد قامت بدور تنفيذي قبل ذلك في دار «هانتسمان» وهي من بين أهم الأسماء العريقة في «سافيل رو». خلال عملها هنا انتبهت إلى أن «المرأة متجاهلة تماماً، ويجب أن تأخذ حقها من التفصيل»، حسب قولها.
بداية، افتتحت محلاً لها في منطقة تشيلسي الراقية، في عام 2019، لم تمر سوى بضعة أشهر على هذا حتى سمعت بأن هناك فرصة للحصول على محل في «سافيل رو». لم تتردد ثانية - حسب تصريحها «كانت فرصة لا تُفوت. صحيح أن التوقيت غير مناسب بسبب الأزمة الاقتصادية وأزمة (كوفيد – 19)، لكني أؤمن بأن النجاح يحتاج إلى قرارات جريئة وشجاعة. فهذا عنوان معروف عالمياً ومجرد ذكر اسمه يجعلك تثق فيه وتحترمه». لهذا السبب لم تثنها الأزمة الاقتصادية التي كانت قد بدأت بوادرها تلوح على طرح تايورات بسعر 2200 جنيه إسترليني، أي ما يعادل 2850 دولاراً أميركياً، ويمكن أن تزيد حسب نوعية القماش. فهي ترى أن هذا السعر ليس مبالغاً فيه بالنظر إلى الحرفية التي تُنفذ بها كل قطعة «ثم أنه لا يزيد كثيراً على ما تطرحه أي دار أزياء معروفة». وتتابع «ما يشجعني أيضاً هو إيماني بأن التايور ليس مجرد موضة عابرة، بل هو من الكلاسيكيات التي ستبقى في خزانة المرأة طويلاً، وبالتالي تستحق الاستثمار فيها». عند سؤالها عما إذا كانت تخاف من التغيرات التي أحدثها فيروس كورونا وغيرت الكثير من الأذواق والأولويات، مثل العمل من البيت وما ترتب عنه من تراجع الاهتمام بالأزياء الرسمية والتايورات تحديداً، ترد بأن المسألة وقتية، وبأن «التايور المفصل ليس حكراً على أماكن العمل، ولا يخضع لمعايير الموضة العابرة». بيد أنها تعود وتقول بأنها لا تنكر ما تشير إليه أرقام المبيعات من تراجع في هذا المجال، لكن ما يُطمئنها ويشجعها أنها تعرف أن أغلب زبوناتها «من النوع الذي يحب الاستثمار في المستقبل، فضلاً عن أنها تحاول أن ترتقي بهذه القطعة بأن تجعلها مرنة، بحيث يمكن ارتداؤها في مناسبات كثيرة وبأشكال مختلفة. مثلاً يمكنها أن تلبسها مع حذاء رياضي في النهار ومع حذاء رسمي في المساء من دون أن تُعقد حياتها أو تتنازل عن أناقتها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.