السراج يدعو لاختيار خليفته قبل نهاية الشهر المقبل

مشايخ وأعيان بنغازي الكبرى يطالبون الثني بالتراجع عن ترك منصبه

عناصر تابعة لحكومة «الوفاق» تجهز أسلحتها خلال دورية قرب أبو قرين جنوب مصراتة (رويترز)
عناصر تابعة لحكومة «الوفاق» تجهز أسلحتها خلال دورية قرب أبو قرين جنوب مصراتة (رويترز)
TT

السراج يدعو لاختيار خليفته قبل نهاية الشهر المقبل

عناصر تابعة لحكومة «الوفاق» تجهز أسلحتها خلال دورية قرب أبو قرين جنوب مصراتة (رويترز)
عناصر تابعة لحكومة «الوفاق» تجهز أسلحتها خلال دورية قرب أبو قرين جنوب مصراتة (رويترز)

بعد أربع سنوات من توليه منصبه، أعلن رئيس حكومة «الوفاق» الليبية فائز السراج، أمس، عن «رغبة صادقة» بتسليم مهامه قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلى رئيس جديد للسلطة التنفيذية تختاره لجنة الحوار، مرحباً بنتائج المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الليبيين.
ودعا السراج في كلمة مصورة بثها التلفزيون الليبي، مساء أمس، لجنة الحوار باعتبارها «الجهة المنوط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة»، إلى «أن تضطلع بمسؤوليتها التاريخية في الإسراع بتشكيل هذه السلطة حتى نضمن جميعاً الانتقال السلمي والسلس للسلطة، متمنياً لهم النجاح والتوفيق والسداد».
وقال: «اليوم ونحن نشهد اللقاءات والمشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الليبيين، نرحب بما تم إعلانه من توصيات مبدئية مبشرة ننظر إليها بعين الأمل والرجاء أن تكون فاتحة خير لمزيد من التوافق». ولفت إلى أن «هذه المشاورات الأخيرة أفضت إلى الاتجاه نحو مرحلة تمهيدية جديدة لتوحيد المؤسسات وتهيئة المناخ لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة. ورغم قناعتي بأن الانتخابات المباشرة هي أفضل الطرق للوصول إلى حل شامل، فإنني سأكون داعماً لأي تفاهمات أخرى غير ذلك».
وأضاف السراج: «بهذه المناسبة أعلن للجميع رغبتي الصادقة فعلاً في تسليم مهامي للسلطة التنفيذية المقبلة في موعد أقصاه نهاية شهر أكتوبر المقبل، على أمل أن تكون لجنة الحوار استكملت أعمالها واختارت مجلساً رئاسياً جديداً وكلفت رئيس حكومة يتم تسليم المهام له وندعو له بالتوفيق».
وفي ما بدا كشف حساب وداعي، دافع السرّاج عن سجل حكومته، قائلاً إن «اجتهاداتنا كانت تتراوح بين الصواب والخطأ». ورأى أن «الحكومة لم تكن تعمل في أجواء طبيعية أو حتى شبه طبيعية منذ تشكيلها، بل كانت تتعرض يومياً للمكائد والمؤامرات داخلياً وخارجياً وكانت هناك أطراف تعمل على عرقلتها بشكل لافت ومتكرر، الأمر الذي جعلها تواجه صعوبات وعراقيل جمة في أداء واجباتها على النحو الأمثل».
وشدد على أن «هذه الحقيقة ليست تهرباً من المسؤولية، بل إقراراً للواقع والمناخ الذي صاحب عمل الحكومة منذ يومها الأول، ولقد آثرنا الصمت لفترة طويلة لرغبتنا باحتواء الجميع والتوصل إلى توافقات مرضية».
في المقابل، بدا أن عبد الله الثني، رئيس الحكومة الموازية بشرق البلاد، في طريقه للعدول عن استقالة كان قد تقدم بها لمجلس النواب على خلفية الاحتجاجات الشعبية على تردي الخدمات العامة والأوضاع المعيشية.
إلى ذلك، بحث خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، مع السفير التركي سرحات أكسن، مساء أول من أمس، بالعاصمة طرابلس «مستجدات الحوار السياسي، وسبل الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام».
بدوره، شدد رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، خلال اجتماعه برئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، جمال عبد الشفيع، على ضرورة إجراء الانتخابات في الموعد المحدد خلال الشهر المقبل، كما أكد على أن الاستحقاقات الوطنية، وعلى رأسها الانتخابات البلدية لا بد أن تتم في الموعد المحدد، وأن يتم التغيير على جميع الأصعدة بطرق سلمية، بينما أكد رئيس اللجنة جاهزيتها لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
وكان صالح قد أبدى خلال اجتماعه مساء أول من أمس بعدد من نشطاء المجتمع المدني بالمنطقة الشرقية، تفهمه لمطالب المحتجين، وحقهم المشروع. وأكد أن التظاهر السلمي حق للمواطن، يكفله الدستور والقانون، شريطة عدم المساس بالممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى ضرورة محاسبة الفاسدين، وأنه «لا توجد حصانة لأحد فالجميع تحت طائلة القانون».
وطلب مشايخ وحكماء وأعيان بنغازي الكبرى من عبد الله الثني، رئيس الحكومة الموازية في الشرق، العدول عن الاستقالة، وتعهدوا خلال اجتماعه بهم مساء أول من أمس، بدعم حكومته بعد تفهمهم الظروف التي تمر بها.
وكشف الثني أن هذه هي الاستقالة الثالثة على التوالي، التي يقدمها إلى رئيس مجلس النواب، بسبب ماوصفه بـ«الظروف الصعبة» التي تعمل فيها الحكومة. ونقل البيان عن الوفد «بداأنا المشوار، وسنكمله مع بعض للعبور بالبلد إلى شاطئ الأمان، خاصة في ظل التدخلات الأجنبية، وأطماع العدو التركي في غزو ليبيا».
في غضون ذلك، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، «الجيش الوطني» بتحصين مواقعه على الطريق، الرابط بين سرت والجفرة، ونشرت في ساعة مبكرة من صباح أمس صورة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تظهر قوات الجيش بما وصفتها «بأعمال تحصين بائسة» لطريق سرت الجفرة بحفر خنادق بمنطقة القبيبة، قرب خزان القبيلة القديم، مشيرة إلى أنه «تم نقل بعض المعدات العسكرية والمفخخات بالقرب من الخزان».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.