إقبال متزايد على زراعة البن في جنوب السعودية

«البن الخولاني» مصنف عالمياً بـ«الأرابيكا»

أبناء المزارعين يبدأون في العمل بمزارع البن منذ نعومة أظفارهم (الشرق الأوسط)
أبناء المزارعين يبدأون في العمل بمزارع البن منذ نعومة أظفارهم (الشرق الأوسط)
TT

إقبال متزايد على زراعة البن في جنوب السعودية

أبناء المزارعين يبدأون في العمل بمزارع البن منذ نعومة أظفارهم (الشرق الأوسط)
أبناء المزارعين يبدأون في العمل بمزارع البن منذ نعومة أظفارهم (الشرق الأوسط)

تشهد زراعة البن إقبالاً متزايداً من الأهالي في جبال منطقة جازان (جنوب السعودية)، وهو إرث متأصل بين أبناء المحافظات الجبلية بالمنطقة، والممتد من محافظة العارضة جنوباً وفيفا والداير بني مالك والعيدابي وهروب إلى الريث شمالاً.
وتعد محافظة الداير أحد مواقع انتشار «البن الخولاني» الذي يعد من أندر وأغلى أنواع البن في العالم، وتعتلي مزارعها قمم الجبال، ويقطن محافظة الداير 100 ألف نسمة تقريباً.
وقال يحي المالكي، المشرف على مزرعة وادي العين الحديثة للبن في محافظة الداير، لـ«الشرق الأوسط»، إن المنطقة «تحتضن ما يقارب من خمسة آلاف شجرة بُن، زرعت منذ عشرات السنين، وتُسقى بطرق طبيعية عبر مجرى مياه الأمطار والسيول في الوادي»، وقال إن المزارعين رسموا في محافظة الدائر لوحة مميزة من العناية والرعاية عبر تاريخ طويل من زراعة البن متغلبين على الطبيعة الجبلية القاسية؛ فانتشرت أشجار البن على السفوح وبين الجبال وعلى ارتفاعات يُقدرها المزارعون اختصاصاً بنحو 800 متر عن سطح البحر.
وكشف محمد آل عطيف، مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة جازان، عن أن الحكومة تدعم مشاريع البن ببرامج ومبادرات عدة، منها مشروع تأهيل المدرجات الزراعية في 158 موقعاً، بعدد 1664 مدرجاً زراعياً بمساحة 899176 متراً مربعاً، تتوزع بين فيفا والعارضة والداير.
إضافة إلى إنشاء مصنع للبن وتحويل 60 مزرعة بن نموذجية مصحوبة بتمكين الكوادر الوطنية المؤهلة، مع دخول البن ضمن مشاريع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) كأول مشاريع الصندوق في المملكة وهو «مشروع تنمية سلاسل القيمة للبن في منطقة جازان».
وأضاف أنه تم إنشاء وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في جازان، وتعد الأولى من نوعها، حيث جاءت الموافقة على استحداثها لنجاح منطقة جازان في زراعة البن، وتماشياً مع رؤية الوزارة في توطين الزراعات بالمملكة وتحسين جودة المنتج الزراعي.
وأضاف حسين سلمان، في مزرعة العين، أنه يقدر عمر مزرعة وادي العين في الداير بـ600 عام توارثها الأجيال بالرعاية والعناية والتي تنتج وحدها ما يقارب 5 أطنان سنوياً من البن الخولاني، وقد حرص المزارعون في الدائر وغيرها من محافظات القطاع الجبلي بالمنطقة على تعليم أبنائهم زراعة أشجار البن مع تعليمهم حب الشجرة؛ وذلك حرصاً على استمرار زراعتها وإثمارها؛ مما أسهم في زيادة عدد أشجار البن في المحافظة لتصل إلى أكثر من 54 ألف شجرة بن، وبلغ عدد المزارعين أكثر من 500 مزارع بن في محافظة الداير وحدها.
ويصف المزارع سالم الريثي، من منطقة الريث شرق جازان، طريقة زراعة وجني ثمار البن، مشيراً إلى أن الشجرة تبدأ في الإثمار بعد نحو ثلاث سنوات من زراعتها، وتحتاج بعدها إلى نحو ستة أشهر تتحول الزهرة البيضاء خلالها إلى حبة، ثم تكتسي اللون الأحمر الداكن تدريجياً إيذاناً بموعد قطافها، حيث يحمل المزارعون السلالم لاعتلاء الأشجار وصولاً للثمار البعيدة في أعلى الشجرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».