محطات التلفزة اللبنانية تنطلق بشبكة خريف 2020

«من الآخر» و«غربة» أبرز أعمال الدراما

محطات التلفزة اللبنانية تنطلق بشبكة خريف 2020
TT

محطات التلفزة اللبنانية تنطلق بشبكة خريف 2020

محطات التلفزة اللبنانية تنطلق بشبكة خريف 2020

يتسمّر اللبنانيون ابتداء من مساء اليوم، أمام شاشات التلفزة، ينتظرون بحماس افتتاح موسم برامج خريف 2020. فانشغالهم على مدى أشهر طويلة بمتابعة مستجدات الأوضاع الصحية والميدانية والسياسية أتعبهم، ودفع ببعضهم إلى مقاطعة الشاشة الصغيرة. فاتجهوا نحو المنصات الإلكترونية بهدف كسر روتين الأخبار السلبية التي تزدحم بها يوميات البلاد. وغاصوا في مشاهدة أفلام وأعمال درامية لاسترجاع حياتهم الطبيعية ولو جزئياً.
اليوم مع انطلاق برامج محطات التلفزة بشبكاتها الخريفية تنفس المشاهد الصعداء. فهو لا شعورياً يبتسم في كل مرة يرى إعلاناً ترويجياً لمسلسل جديد على هذه المحطة أو تلك. ورغم أن برامج الخريف لا تتسم في العادة، بالتنويع والتجديد، فإنّها من دون شكّ تُسهم في تغيير أجواء السهرات المملة في البيوت.
ترددت المحطات في تقديم برمجة كاملة ومتكاملة في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، بانتظار إيجابيات تلوح في الأفق. لذلك أعلنت المحطات المحلية عن افتتاحها موسم برامجها الخريفي، باستكمال عرض برامج معروفة وأخرى من أعمال دراما بينها إنتاجات محلية وتركية.
بالنسبة لمحطة تلفزيون «إل بي سي آي» فقد بدأت الترويج بشكل مكثف لمسلسل لبناني بعنوان «غربة». وابتداء من مساء اليوم ومباشرة بعد نشرة الأخبار المسائية في الثامنة والنصف ينطلق «غربة» في حلقته الأولى.
ويعدّ العمل من نوع دراما الحقبة القديمة المعروف بـ«Epoque» الذي عادة ما يحقق نسبة مشاهدة عالية. وهي تجربة ناجحة سبق ولمستها المحطة المذكورة عن قرب. فعندما عرضت «ياسمينا» و«كل الحب كل الغرام» و«ثورة الفلاحين» استطاعت الـ«إل بي سي آي» تصدر نسب المشاهدة عن باقي المحطات التلفزيونية.
تدور أحداث «غربة» بين عام 1956 و1960 ملقية الضوء على موضوعات اجتماعية كان لها أثرها الكبير في تلك الحقبة الزمنية. وتلعب الممثلة فرح بيطار دور البطولة. فهي من خلاله تجسد شخصية فتاة (حلى) تعيش في إحدى القرى اللبنانية فتتحدّى التقاليد بعد أن تقع في حب مروان (كارلوس عازار) الذي يكبرها سنّاً. فتعيش معه تحت سقف واحد من دون ارتباط رسمي. هذا الأمر يشكّل صدمة لأهلها، سيما أنّها ابنة مجتمع صارم له نظرته وتقاليده في ذلك الوقت.
وتأخذنا مجريات العمل الذي سيعرض يومياً ضمن 32 حلقة إلى أحداث مشوقة متلاحقة تطرح علامات استفهام كثيرة حول مصير حلى والثمن المرتفع الذي ستدفعه مقابل تمرّدها.
يشارك في هذا المسلسل الذي كتبته ماغي قاعي، عدد من الممثلين بينهم وسام حنا وأسعد رشدان وكارين سلامة وسامي أبو حمدان وكميل يوسف ومايا السبعلي وغيرهم. أمّا عملية الإخراج فتعود إلى ليليان بستاني صاحبة الشركة المنتجة للعمل «أفكار برودكشن».
وتقول بستاني لـ«الشرق الأوسط»: «سيسافر المشاهد اللبناني في هذا العمل إلى حقبة زمنية لبنانية جميلة. وسيتابع مسلسلاً رومانسياً شيّقاً ويكتشف في الوقت نفسه قدرات الممثلة فرح بيطار التي تلعب لأول مرة في مشوارها التمثيلي دور البطولة المطلقة». وتتابع: «سيستمتع المشاهد بالعودة إلى حقبة أغانيها بتفاصيل صغيرة أكملت مشهديتها بشكل متكامل كي تبدو القصة حقيقية وواقعية. ومع أكسسوارات وسيارات وأزياء وأحياء قديمة سيسافر إلى عالم جميل عادة ما نحنّ إليه ونتذكره بفرح».
باقي البرامج التي تنوي محطة «إل بي سي آي» عرضها في هذا الموسم تكتمل صورتها في الأيام المقبلة. وإضافة إلى عرض حلقات جديدة من العمل التركي «عشق ودموع»، من المنتظر أن تعود برامج سابقة وناجحة مثل «لهون وبس» لهشام حداد و«فيمايل» لكارلا حداد، وكذلك «2030» لألبير كوستانيان، وهو من النوع الحواري السياسي.
محطة تلفزيون «الجديد» تكتفي في حلتها الخريفية الجديدة بأعمال دراما تركية. فتستكمل عرض حلقات جديدة من مسلسل «البحر الأسود» وتبدأ في عرض عمل تركي جديد بعنوان «أغنية الحب». وتبقي من ناحية ثانية على عرض إعادات من أعمال درامية لبنانية «الباشا» و«حنين الدم». وتحتفظ بالمساحة المخصصة لبرنامج «هلق شو» الحواري السياسي بإدارة الإعلامي جورج صليبي.
مسلسل آخر ينتظره اللبنانيون وكانوا على موعد معه في موسم رمضان الفائت على شاشة «إم تي في» اللبنانية وهو «من الآخر». فقد تأجل عرضه سابقاً بسبب توقف تصويره لتفشي جائحة «كورونا». المسلسل من بطولة ريتا حايك وبديع أبو شقرا ورلى حمادة وسينتيا صموئيل ومعتصم النهار وهيام أبو شديد وريتا حرب وغيرهم. ويعود إنتاجه لشركة «الصباح إخوان» أمّا عملية إخراجه فيوقعها شارل شلالا.
يروي مسلسل «من الآخر» الدرامي الاجتماعي قصصاً واقعية تعكس هواجس المجتمع اللبناني والعربي نسجها الكاتب إياد أبو الشامات. قصّة المسلسل تبدأ بنهاية علاقة وبداية أخرى في حالة غريبة تجمع الشخصيّات الثلاث ريتا حايك التي تكون زوجة معتصم النهار، وتكتشف لاحقاً خيانته لها مع سينتيا صموئيل. فتتوّتر علاقاتهما وتتعرّف لاحقاً على بديع أبو شقرا وهو طبيب ابنها، وتنشأ بينهما علاقة مودة وصداقة ويمدّ لها يد المساعدة.
ومن المقرر أن يعرض «من الآخر» يومياً على شاشة «إم تي في» ما عدا مساء الخميس، الذي يحمل عودة الإعلامي مارسيل غانم في برنامجه الحواري الأسبوعي «صار الوقت».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».