في صباح اليوم التالي لإعلان شركة «أسترازينيكا» للصناعات الدوائية تعليق التجارب السريرية للقاح الذي تطوره لفيروس «كورونا» الأسبوع الماضي بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، كشف الرئيس التنفيذي للشركة عن أن أحد المشاركين في هذه التجارب قد عانى من أعراض عصبية خطيرة.
لكن هذه التصريحات لم تكن علنية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد جاءت تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، باسكال سوريوت، في اجتماع مغلق نظمه بنك الاستثمار «جي بي مورغان».
ويوم السبت الماضي، أعلنت «أسترازينيكا» استئناف التجارب على اللقاح المحتمل في بريطانيا، لكن الشركة لم تقدم بعد أي تفاصيل حول الحالة الصحية للمشارك المريض.
وأصدرت شركة «فايزر»، المتسابق الأول في سباق اللقاحات، إعلاناً مقتضباً مشابهاً يوم السبت، حيث اقترحت الشركة توسيع تجاربها السريرية لتشمل آلاف المشاركين الآخرين، لكنها أعطت القليل من التفاصيل الأخرى حول خطتها، بما في ذلك كيفية تحديدها فعالية اللقاح.
ومن المعتاد أن تقوم شركات الأدوية بحجب تفاصيل التجارب السريرية إلى ما بعد اكتمالها، مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية والميزة التنافسية. لكن نظراً لمرور العالم بظروف استثنائية في هذه الفترة، فقد عبر عدد كبير من العلماء وخبراء الصحة عن غضبهم وقلقهم، مطالبين الشركات بأن تكون أكثر انفتاحاً على الجمهور في خضم جائحة أودت بحياة 928 ألف شخص حول العالم.
وأشار العلماء إلى أن دافعي الضرائب الأميركيين يحق لهم معرفة مزيد من التفاصيل الخاصة باللقاح ومدى سلامته وفعاليته؛ لأن الحكومة الفيدرالية خصصت مليارات الدولارات لأبحاث اللقاحات.
كما أكد العلماء أن زيادة الشفافية قد تساعد أيضاً في تعزيز ثقة الجمهور المتعثرة باللقاحات، في وقت يخشى فيه عدد متزايد من الأميركيين أن يضغط الرئيس دونالد ترمب على المنظمين الفيدراليين للموافقة على أي لقاح قبل التأكد من أنه آمن وفعال.
وقال الدكتور هارلان كرومهولز، طبيب القلب وباحث الرعاية الصحية في جامعة ييل، الذي قضى سنوات في حث الشركات والباحثين الأكاديميين على مشاركة مزيد من بيانات التجارب مع العلماء الخارجيين: «هناك نقص في الثقة. وكلما شارك صانعو اللقاحات التفاصيل المتعلقة بالسلامة مع الجمهور، كان الوضع أفضل حالاً».
من جهته، قال الدكتور إريك توبول، أستاذ الطب الجزيئي في «معهد سكريبس للأبحاث الطبية» في كاليفورنيا: «لم نجر مطلقاً تجارب لقاحات بهذه الأهمية في التاريخ الحديث. لذلك ينبغي أن يكون كل شيء شفافاً».
أما بيتر دوشي، عضو هيئة التدريس في كلية الصيدلة بجامعة ماريلاند، فقد أكد أنه طلب مؤخراً الحصول على التفاصيل الخاصة بتجارب اللقاحات التي تجريها كل من «أسترازينيكا» و«فايزر» و«مودرنا»، إلا إن أيا من الشركات لم تشاركها.
وتابع دوشي: «البروتوكولات والتفاصيل الخاصة بالتجارب يمكن أن تساعد الباحثين في الإجابة عن أسئلة مهمة متعلقة بالفيروس. ومن ضمن هذه الأسئلة: هل يمكن أن يمنع اللقاح الإصابة بـ(كورونا) ومضاعفاته لدى الفئات المعرضة للخطر مثل كبار السن؟ وكيف يعرف الباحثون أن نتائجهم خاطئة، وفي أي مرحلة يظهر ذلك؟».
وقالت الدكتورة غوديث فاينبرغ، نائب رئيس قسم «الأبحاث في الطب» بجامعة ويست فيرجينيا: «بصراحة، أود أن أعرف ما الذي يخطط صانعو اللقاحات للقيام به، وكيف يخططون لكل مرحلة من مراحل تجاربهم». وتابعت: «من خلال نشر هذه الوثائق على الملأ، سيتمكن الخبراء من محاسبة الشركات إذا قامت بتغيير طريقة تحليل نتائجها».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت عن قلقها إزاء «الخطوات المتسرعة» لإيجاد لقاح لـ«كورونا»، وقالت مارغريت هاريس، المتحدثة باسمها، في بيان الأسبوع الماضي، إنه «مع هذا الاندفاع نحو تطوير لقاح لـ(كوفيد19)، فإن المنظمة لن تصادق أبداً على لقاح لم يثبت أنه آمن فعال».
وكانت السرعة في إنتاج لقاح ضد شلل الأطفال عام 1955 قد أدت إلى وفاة العشرات من الأطفال الأميركيين من بين 200 ألف طفل تلقوا لقاحاً أنتجته شركة «كاتر لابز»، وكان يحتوي عن طريق الخطأ على فيروس شلل الأطفال الحي. وما زالت هذه الحادثة الكارثية تحرك مخاوف العلماء، وهو ما يظهر في تعليقاتهم على الإطار الزمني «المتفائل» الذي تطرحه بعض الدول، بشأن اعتماد وإنتاج وتوزيع لقاحات «كورونا»
صانعو لقاحات «كورونا» يبقون تفاصيل السلامة سرية وسط قلق العلماء
صانعو لقاحات «كورونا» يبقون تفاصيل السلامة سرية وسط قلق العلماء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة