المغرب: مخاوف من نقص مخزون الأدوية بسبب «كورونا»

موظفون طبيون يشاركون في احتجاج بالرباط أمس للمطالبة بتحسين ظروف عملهم وزيادة رواتبهم (رويترز)
موظفون طبيون يشاركون في احتجاج بالرباط أمس للمطالبة بتحسين ظروف عملهم وزيادة رواتبهم (رويترز)
TT

المغرب: مخاوف من نقص مخزون الأدوية بسبب «كورونا»

موظفون طبيون يشاركون في احتجاج بالرباط أمس للمطالبة بتحسين ظروف عملهم وزيادة رواتبهم (رويترز)
موظفون طبيون يشاركون في احتجاج بالرباط أمس للمطالبة بتحسين ظروف عملهم وزيادة رواتبهم (رويترز)

تسبب إقبال عدد كبير من المغاربة على اقتناء الأدوية التي يُعتقد أنها تساعد في علاج مرض «كوفيد 19» حتى من دون إجراء تحاليل تثبت الإصابة بالوباء، بنقص كبير في عدد من أصناف الدواء من الصيدليات، الأمر الذي ضاعف المخاوف من حدوث شح في هذا الصنف من الأدوية أو نفاد مخزون منتجات بعينها.
وتلبي صناعة الأدوية المغربية نحو 60 في المائة من الطلب الداخلي، بيد أنها تظل معتمدة على الأسواق الدولية للإمداد بالمادة الخام. ويرى المهنيون أن اضطراب السلسلة اللوجيستية العالمية أثّر على مخزون بعض الأدوية المستوردة.
وقالت مريم لحلو فيلالي، نائبة رئيس مختبرات (فارما 5)، لوكالة الأنباء المغربية، إن المغرب لا يشكو من نقص في الأدوية المستعملة في علاج «كوفيد - 19»، التي يتم إنتاجها محلياً. واعتبرت أن ما يروج بشأن هذا الموضوع «مزايدات تخدم أهدافاً غير نبيلة»، مشيرة إلى أن أدوية من قبيل (أزيتروميسين) و(كلوروكوين) و(باراسيتامول) و(أوميبرازول)، التي تصنع محلياً من قبل عدة مختبرات وطنية، لم تسجل قط نقصاً، إلا أنها لفتت إلى أن المنتجات النهائية التي يتم استيرادها عرفت نقصاً حاداً ولا تزال.
من جهته، نفى الخبير لدى المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، عبد المنعم بلعالية، أي نقص في الأدوية، لافتاً إلى أن النقص يتعلق ببعض المنتجات الدوائية المستوردة، وذلك راجع إلى اضطراب السلسلة اللوجيستية العالمية، وكذلك إعطاء الأولوية في الإمدادات للدول الغنية التي تمتلك أسواقاً كبرى.
وبخصوص الأدوية الموجهة لعلاج فيروس «كورونا»، قال الخبير إنه «لحسن الحظ يتم إنتاجها كلها في المغرب، وهناك مخزون كافٍ منها وتستحوذ عليه الدولة». وأضاف أنه يوجد نقص على مستوى بعض الأدوية التكميلية، غير أن المشكلة مرتبطة بالتخزين والارتفاع الكبير في الطلب، مذكراً بالطبيعة الاستراتيجية والسيادية لقطاع الأدوية.
وأوضح أنه بشكل عام، في زمن الجائحة والضغط على سلاسل التوريد العالمية يتوقع حصول نقص في مورد معين، مبرزاً أنه لذلك ينبغي تنويع مصادر التوريد الموثوقة، لا سيما أنه يصعب في كثير من الأحيان تحقيق الملاءمة بين توافر المنتوج أو الدواء وموثوقيته، المرهونة بمطابقته للمعايير المطلوبة.
وبحسب الخبير المغربي فإن وجود شركات مغربية تابعة للشركات العالمية متعددة الجنسيات يعد ميزة استراتيجية، نظراً لأنها تعزز تطوير صناعة مغربية حقيقية للأدوية، تشمل حلقات مهمة في سلسلة القيمة مثل البحث والتطوير والتسويق والمبيعات. وفي السياق ذاته، أشار رئيس الجمعية المغربية للصناعات الدوائية علي السدراتي إلى أن القطاع في المغرب ضاعف جهوده لتأمين إمداد السوق، وكذلك لتوفير علاجات «كوفيد - 19» كما الأمراض الأخرى. وقال إن المنظومة الصيدلانية في المجمل حافظت على نشاطها طوال فترة الحجر الصحي من أجل ضمان استمرار حصول المواطنين على الأدوية.
في سياق متصل، أطلق حزب «العدالة والتنمية» المغربي الذي يقود الحكومة، مساء أول من أمس، حملة توعية للحد من انتشار فيروس «كورونا» شارك فيها قيادات الحزب، ضمنهم أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وقال الحزب إن الحملة «غير مسبوقة» واختار لها شعار «احمِ نفسك وأحبابك تحمي بلادك»، وهي «مرتبطة بالأمن الصحي والنفسي للمغاربة».
من جهته، أعرب حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض عن «قلقه الكبير من الارتفاع المهول في أعداد الوفيات وأعداد المصابين بفيروس كوفيد 19، مما بات يهدد بارتفاع حجم التحديات المختلفة التي ستواجهها البلاد مستقبلاً». واعتبر الحزب أن «هذا الاستفحال ليس إلا نتيجة طبيعية للقرارات المرتبكة للحكومة وهي تواجه هذا الوباء، إذ لا تزال تفتقد لتصور واضح في إدارة أزمة كورونا».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.