«تورونتو السينمائي» مؤشر نجاح الأفلام... وإيراداتها

مهرجان تورونتو السينمائي انطلق يوم الخميس الماضي ويستمر حتى الأحد المقبل
مهرجان تورونتو السينمائي انطلق يوم الخميس الماضي ويستمر حتى الأحد المقبل
TT

«تورونتو السينمائي» مؤشر نجاح الأفلام... وإيراداتها

مهرجان تورونتو السينمائي انطلق يوم الخميس الماضي ويستمر حتى الأحد المقبل
مهرجان تورونتو السينمائي انطلق يوم الخميس الماضي ويستمر حتى الأحد المقبل

شجع مهرجان فينيسيا السينمائي، الذي اختتم فعالياته يوم السبت الماضي، غيره من الفعاليات السينمائية العالمية، على المضي قدماً، والاعتماد على بروتوكولات الحماية من فيروس كورونا، مثل مهرجان تورونتو السينمائي الذي أطلق فعالياته منذ أيام قليلة، والذي اعتمد حلاً هجيناً ما بين العودة للعروض داخل القاعات المغلقة، وما بين العروض المفتوحة. وحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، اعتمد تورونتو قيوداً على إقامة العروض الخاصة، وفي الوقت نفسه استخدم أساليب مشاهدة الأفلام من داخل السيارات، وعلى المسرح المكشوف.
وفي الأوقات العادية، يعد مهرجان تورونتو السينمائي الدولي فرصة هائلة لعرض أفلام هوليوود ذات الميزانيات الكبرى، والأفلام الفنية المستقلة، والأعمال التجريبية، والأفلام الوثائقية، والأفلام القصيرة، والمسلسلات التلفزيونية.
وتستعين شركات إنتاج الأفلام السينمائية بالمهرجان، للإعلان عن الأفلام التي سيتم طرحها قريباً، كما يلقي الصحافيون والمسؤولون التنفيذيون نظرة على الأعمال المقبلة، بينما يتابع الموزعون مدى تفاعل جمهور السينما في أميركا الشمالية مع فيلم من الأفلام.
فإذا ما حظي هذا الفيلم بالقبول والإعجاب في تورونتو، فإن الفرص ستكون كبيرة للغاية لتحقيق إيرادات ضخمة عند عرضه، أو لحصول هذا الفيلم على جائزة ذهبية. ومع ذلك، فإن النسخة الحالية للمهرجان، وهي النسخة الخمسة والأربعين، هي تذكير قاتم بالحالة التي تشهدها صناعة السينما المرتجفة حالياً، في ظل ندرة الأفلام التي تحقق نجاحات باهرة، والتحول إلى المشاهدة الافتراضية.
ومن المقرر أن يستمر مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، الذي انطلق يوم الخميس الماضي، حتى 19 من سبتمبر (أيلول) الحالي، وسيتضمن عرض نحو 60 عملاً هذا العام، وذلك بالمقارنة مع 245 عملاً تم عرضها في العام الماضي، حسب «بلومبرغ».
وتعين على منظمي المهرجان اتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية المضي قدماً هذا العام، في ظل حالة من عدم اليقين المستمر، الذي يشمل فرض قيود على السفر، وتغيير بروتوكولات الصحة العامة.
وكان المنتجون مترددين بشأن المشاركة بعرض إنتاجهم في المهرجان، في ظل الغموض بشأن خططهم النهائية الخاصة بعرض أفلامهم.
من ناحية أخرى، نقلت «بلومبرغ» عن كاميرون بيلي، المدير الفني والرئيس المشارك لمهرجان تورونتو السينمائي الدولي، قوله في مقابلة عبر الهاتف، «نعمل منذ شهر مارس (آذار) على وضع خطط للمهرجان، كنا نعلم أنه يجب أن يكون مختلفاً تماماً».
وأضاف: «لقد قمنا بإعادة النظر في تحديد ما هو الفيلم، وما هي صناعة الأفلام، وما تدور حوله ثقافة الفيلم».
ومع اقتراب اللحظة الحاسمة، اختار المنظمون شيئاً يتراوح ما بين رد فعل مهرجان فينيسيا السينمائي للإبقاء على الكثير من فعالياته ضمن عروض حية، وقرار مهرجان تيلورايد السينمائي بإلغاء فعالياته بالكامل، والاكتفاء بالإعلان عن أسماء الأفلام التي كان من المقرر أن يتم عرضها، وهو أمر يشبه كثيراً ما حدث في مهرجان كان السينمائي في وقت سابق من العام الحالي.
يشار إلى أن هناك عروضاً خاصة محدودة في تورونتو ستقام في المكان الرئيسي للمهرجان بمركز «بيل لايت بوكس»، وفي ثلاثة أماكن مخصصة لدخول السيارات لمتابعة العروض من داخل السيارات، بينما يتم أيضاً عرض أفلام في مسرح مكشوف.
ولدعم المهرجان، استعان المنظمون بنجوم تم تكليفهم بالعمل «سفراء»، للمهرجان - وذلك عن بعد، بشكل أساسي - مثل الممثلة الأسترالية الشهيرة نيكول كيدمان (53 عاماً)، والمخرج الأميركي المعروف مارتن سكورسيزي (77 عاماً). كما سيتم عقد مؤتمرات صحافية على الإنترنت، وإطلاق فعالية «الجوائز التقديرية» على الهواء اليوم الثلاثاء.
كما تغيرت أنواع الأفلام المعروضة في مهرجان هذا العام أيضاً، حيث أوضح بيلي أن هناك تركيزاً أكبر على عرض أعمال للنساء، وهي أعمال تشكل نسبتها نحو نصف حجم الأعمال لهذا العام، والأفلام ذات موضوعات العدالة الاجتماعية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».