تطوير جديد لتحويل وسط الرياض إلى منطقة جذب عالمية

روح جديدة ستحول المناطق التاريخية إلى مناطق عالمية (تصوير: صالح الغنام)
روح جديدة ستحول المناطق التاريخية إلى مناطق عالمية (تصوير: صالح الغنام)
TT

تطوير جديد لتحويل وسط الرياض إلى منطقة جذب عالمية

روح جديدة ستحول المناطق التاريخية إلى مناطق عالمية (تصوير: صالح الغنام)
روح جديدة ستحول المناطق التاريخية إلى مناطق عالمية (تصوير: صالح الغنام)

وجه جديد ستكون عليه مواقع تراثية كثيرة وسط العاصمة السعودية الرياض، حيث أصدر الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، قراراً بترميم وتأهيل مباني التراث العمراني ذات القيمة المعمارية والتاريخية وسط العاصمة السعودية الرياض.
وثمن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة «هيئة التراث»، دعم القيادة الدائم لقطاع الثقافة والتراث. وقال الأمير بدر بن عبد الله، في بيان صحافي أمس، إن عمليات الترميم ستراعي المعايير العالمية في أساليب الترميم والمحافظة على مباني التراث العمراني.
وتركز مسؤولية «هيئة التراث» في الحفاظ على التراث بكل أنواعه؛ ومن ضمنه العمراني، في الوقت الذي خطت فيه وزارة الثقافة خطوة استباقية تمثلت في توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون البلدية توضح تصنيف المباني العمرانية في البلاد، مما يساهم في المحافظة على مباني التراث العمراني ذات الأهمية المعمارية والتاريخية وإبراز الهوية المحلية.
ويبدأ النطاق الأول للمشروع بمجموع 15 قصراً تراثياً في حي الفوطة وحي الظهيرة، بواقع 10 قصور في حي الفوطة؛ منها 5 قصور ملكية.
وسوف تشمل المرحلة الأولى التي تستمر لمدة 3 أشهر إعداد الدراسات والتصاميم وتهيئة وإدارة المواقع والتدعيم المؤقت للمباني في وضعها الراهن، بالإضافة إلى بدء التنفيذ للترميم الشامل وإعادة تأهيل المباني.
أما المرحلة الثانية، التي تستمر لمد 24 شهراً بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل، فتشمل الترميم الشامل وإعادة تأهيل المباني. وفي النطاق الثاني للمشروع، تتم دراسة كاملة لجميع مباني التراث العمراني ذات الأهمية وسط مدينة الرياض، بجميع تصنيفاتها، بالإضافة إلى وضع الخطط التنفيذية اللازمة للمحافظة على مباني التراث العمراني وترميها وإعادة تأهيلها، وتُختتم بتوثيق مباني التراث العمراني معمارياً وعمرانياً.
«الشرق الأوسط» أجرت أمس زيارة ميدانية للمواقع التاريخية في منطقة الفوطة وسط الرياض حيث تنفيذ المشروع الذي يشمل في نطاقه الأول 15 قصراً تراثياً في حيي الفوطة وظهيرة (3 قصور في الفوطة الشرقية، و7 قصور في الغربية)، إضافة إلى 5 قصور ملكية، بوصفه مساراً عاجلاً.
وتعود القصور السبعة في الفوطة الغربية إلى عام 1944، بينما تعود القصور الثلاثة في الفوطة الشرقية إلى عام 1935.
وتتوزع القصور الملكية (قصر الملك فهد، وقصر الملك عبد الله، وقصر الأميرة هيا بنت عبد الرحمن، وقصر الأمير سلطان، وقصر الأميرة العنود) في أحياء ظهيرة والفوطة وأم السليم، ويتجاوز عمرها 70 عاماً.
ويتمثل الهدف الأساسي من المشاريع في المحافظة على مباني التراث العمراني ذات الأهمية المعمارية والتاريخية وإبراز الهوية المحلية، وتحويل تلك المباني إلى مورد اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياحي، ورفع كفاءة استخداماتها مع المناطق المتاخمة لها، وربطها بذاكرة المكان وتاريخ الرياض عمرانياً.
عبد الله العمراني، المهتم بالتراث والتاريخ، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التراث والتاريخ يؤثران بشكل كبير على الطبيعة الإنسانية، وهو الجانب الذي اهتم به ولي العهد، ووجه بإعادة الحياة إلى مواقع عدة في السعودية، خصوصاً أن المملكة تحظى بكثير من المواقع والمباني التاريخية والحضارة العريقة».
ويضيف العمراني أن المشروع «يعظم الفرص الاقتصادية والسياحية ويعزز الجوانب التاريخية الثقافية والاجتماعية لوسط الرياض، في الوقت الذي يحافظ فيه على مباني التراث العمراني ذات الأهمية المعمارية والتاريخية وإبراز الهوية المحلية».
وأضاف العمراني: «أتذكر بصفتي مهتماً بالتراث والتاريخ عدداً من المواقف التي تعكس تأثر الناس الواضح بالمواقع التاريخية، وقد زرت عدداً من تلك المواقع في السعودية، التي تزخر بتاريخ وحضارة قديمة، ولمست مدى السعادة التي تنعكس على زوار هذه المناطق، فالإنسان بطبعه يميل للحنين للماضي. وتوجيه ولي العهد بإطلاق مشاريع ترميم وتأهيل مباني التراث العمراني في منطقة الفوطة بالرياض كان أثره إيجابياً وكبيراً على المجتمع، لا سيما المهتمين بالتراث».
وأكد العمراني أن انعكاسات هذا المشاريع على المجتمع ستظهر قريباً، وقال: «بصفتي مهتماً بهذا الجانب، ومن خلال عدد من التجارب السابقة، أجزم بأننا سنرى بعد فترة وجيزة من انتهاء المشروع الإقبال الكبير من أفراد المجتمع على هذه المواقع التي تجلب البهجة إلى مرتاديها سواء من الداخل أو من خارج السعودية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».