«حماس» تؤكد استعدادها لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل

هنية يقول إن مصر تتوسط في ملف الأسرى

تقول حركة «حماس» إنها مستعدة لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل (رويترز)
تقول حركة «حماس» إنها مستعدة لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل (رويترز)
TT

«حماس» تؤكد استعدادها لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل

تقول حركة «حماس» إنها مستعدة لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل (رويترز)
تقول حركة «حماس» إنها مستعدة لصفقة «إنسانية» مع إسرائيل (رويترز)

قال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، إن مصر تتوسط حالياً بين حركته وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق جديد لتبادل الأسرى.
وأكد هنية، الذي كان يتحدث إلى صحافيين في لبنان، الموجود فيه حالياً، أن «حماس» ترحّب بالدور المصري من أجل الوصول إلى اتفاق تبادل جديد. وأعرب عن أمله بإنجاز شيء على هذا الصعيد. وأضاف أن «الإخوة في مصر يتابعون العديد من الملفات، بينها المصالحة، والحصار، ومعبر رفح، وتبادل الأسرى».
ولم يوضح هنية إذا ما كان هناك تقدم في ملف تبادل الأسرى أو لا. لكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد اختراق كبير حتى الآن، وإنما «مباحثات جديدة ومستمرة وجادة» حول ذلك. وأضافت المصادر القريبة من «حماس»: «طلبت إسرائيل فتح الملف من جديد، والحركة تستمع لأي وساطات في هذا الموضوع. وشروطها واضحة».
وأوضحت المصادر أن «إطلاق إسرائيل سراح جميع الأسرى المحررين ضمن صفقة (وفاء الأحرار) (صفقة شاليط)، الذين أعادت اعتقالهم خلال السنوات الماضية، شرط للدخول في أي تفاصيل جديدة وإتمام أي اتفاق». وأردفت أن «(حماس) مستعدة لاتفاق إنساني أو شامل».
ويدور الحديث عن استعداد «حماس» لصفقة إنسانية، وفق ما طرحه في بداية أبريل (نيسان) الماضي رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، الذي قال إنهم مستعدون لصفقة إنسانية تشمل إفراج إسرائيل عن أسرى مرضى وكبار في السن وأطفال ونساء مقابل تقديم شيء من قبل الحركة، من أن يحدد ما هو هذا الشيء.
ويُعتقد أن السنوار مستعد لإعطاء معلومات عن وضع الأسرى الإسرائيليين في غزة، وربما الإفراج عن مدنيين في صفقة سريعة، وهي فكرة أرادت إسرائيل تحويلها إلى صفقة اتفاق شامل. ودفعت تل أبيب بالفعل خلال الأشهر القليلة الماضية إلى اتفاق شامل ونهائي.
وقالت المصادر إن «حماس» مستعدة أيضاً لمثل هذا الاتفاق، لكن على أن يكون «كبيراً»، وليس كما اقترحت إسرائيل في السابق تسليم جثامين شهداء وإطلاق سراح مرضى وكبار سن. وتشترط «حماس» إطلاق سراح مئات الأسرى، بينهم أسرى قدامى وقادة محكومون بالمؤبدات أو مدى الحياة، مقابل صفقة نهائية.
وهذا الأمر بحثه الوفد الأمني المصري عندما زار إسرائيل وغزة الخميس والجمعة، إلى جانب قضايا أخرى.
ووصل الوفد إلى غزة بعد اتفاق تهدئة رعته قطر، وهو اتفاق مبدئي.
واتفاق التهدئة الحالي يشمل إلغاء إسرائيل جملة العقوبات الأخيرة التي فرضتها على قطاع غزة مقابل وقف التصعيد، لكن «حماس» تتطلع إلى رفع الحصار وإقامة مشاريع ضخمة ومناطق تجارة حرة وميناء عائم، وهي طلبات اشترطت إسرائيل قبلها تسوية ملف الأسرى.
ووضعت إسرائيل استعادة جنودها في القطاع شرطاً لأي تقدم في مباحثات التهدئة والوصول إلى اتفاق نهائي.
ويوجد في قطاع غزة 4 إسرائيليين لدى «حماس»، هما الجنديان شاؤول آرون وهادار غولدن أسرتهما الحركة في الحرب التي اندلعت في صيف 2014، وأباراهام منغستو وهاشم بدوي السيد، وهما مواطنان يحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي والثاني عربي، ودخلا إلى غزة بمحض إرادتهما بعد حرب غزة في وقتين مختلفين. وتقول إسرائيل إنها تعتقد أن الجنديين آرون وغولدن ليسا على قيد الحياة. ولا تعطي حركة «حماس» أي معلومات حول وضعهما.
وفشلت جولات كثيرة سابقة في إحراز أي تقدم لإنجاز صفقة تبادل، في ظل أن إسرائيل لم تدفع الثمن المطلوب لإنجاز صفقة جديدة.
وتتهم عائلات الأسرى لدى «حماس»، الحكومة الإسرائيلية، بإهمال مصيرهم وعدم العمل بشكل جدي من أجل إعادتهم إلى إسرائيل، لكن بيني غانتس، وزير الجيش ورئيس الوزراء البديل، قال إن الهدوء الحالي لا يمكن أن يستمر في القطاع، ويتقدم، بدون عودة الجنود. وأضاف: «كل ما نريده هو عودة أولادنا، وبعدها سنكون سعداء لازدهار الوضع الاقتصادي في غزة».
ويقبع في السجون الإسرائيلية اليوم 5 آلاف أسير فلسطيني، بينهم 41 أسيرة يقبعن في سجن الدامون، و180 طفلاً وقاصراً يتوزعون على سجون عوفر، ومجدو، والدامون. وحسب مؤسسات الأسرى، فإن الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو عددهم 26 أسيراً، أما عدد الأسرى الذين تجاوز اعتقالهم 20 عاماً، فهم 51 أسيراً وهم عمداء الأسرى، ومن بينهم 14 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاماً على التوالي. وعدد أسرى المؤبدات وصل إلى 541 أسيراً.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.