انتخاب محافظ للأنبار يفجر خلافات بين كتلها السياسية والعشائرية

عضو في المجلس المحلي: اختيار الراوي صفقة مشبوهة

انتخاب محافظ للأنبار يفجر خلافات بين كتلها السياسية والعشائرية
TT

انتخاب محافظ للأنبار يفجر خلافات بين كتلها السياسية والعشائرية

انتخاب محافظ للأنبار يفجر خلافات بين كتلها السياسية والعشائرية

في الوقت الذي ردت فيه المحكمة الاتحادية العليا بالعراق الطعن الذي كان تقدم به محافظ الأنبار السابق، أحمد خلف الذيابي، في قرار مجلس المحافظة إقالته من منصبه - فقد انتخب المجلس صهيب الراوي محافظا جديدا للأنبار بأغلبية 12 صوتا من أصل 18 عضوا من أعضاء المجلس حضروا الجلسة التي جرت في فندق الرشيد ببغداد أمس. وفيما دعا عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فارس طه الفارس أعضاء مجلس المحافظة إلى تناسي الخلافات والارتفاع إلى مستوى التحدي الذي تواجهه المحافظة، التي يحتل تنظيم داعش أكثر من ثلث أراضيها - فإن عضو مجلس المحافظة عذال الفهداوي عد عملية الانتخاب صفقة سياسية مشبوهة.
وقال الفهداوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعاة الأقلمة ممن يقفون خلف كتل معينة داخل مجلس المحافظة، المكون أصلا من عدة كتل، هم من دبروا أمر هذه العملية وتمكنوا عبر مختلف الوسائل، من شراء ذمم ووعود لبعض أعضاء المجلس، من تكوين نصاب كامل (12 عضوا من 18) وانتخبوا المحافظ الذي يريدونه». وردا على سؤال بشأن من يقف خلف صفقة انتخاب المحافظ الجديد صهيب الراوي، قال الفهداوي، الذي ينتمي إلى كتلة «الوفاء للأنبار» التي يقودها وزير الكهرباء العراقي قاسم محمد الفهداوي، إن «الحزب الإسلامي العراقي وحركة الحل التي يتزعمها جمال الكربولي هما من يقف خلف عملية الاختيار»، مشيرا إلى «أننا كنا نريد انتخاب محافظ ذي كفاءة، حيث كان مرشحنا هو أركان الطرموز الذي كان ضابطا في الجيش وهو مهندس استشاري وتسلم عدة مهام وله خبرة واسعة، بينما الراوي لا يملك الخبرة ولم يتسلم أي مهمة أو مسؤولية تؤهله لأن يصبح محافظا للأنبار في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها المحافظة».
وبشأن الأهداف التي تكمن خلف عملية الانتخاب، قال الفهداوي إن «الهدف الأكبر تقف خلفه كتل سياسية كبيرة في بغداد تريد تحقيق حلمها بالإقليم السني بدءا من محافظة الأنبار، بينما نقف نحن ضد مثل هذه المحاولات».
لكن عضو البرلمان عن الأنبار فارس طه الفارس أكد في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلاف داخل مجلس المحافظة طبيعي وهو يعبر عن التنافس، ومن ثم لا بد من احترام قواعد اللعبة الديمقراطية التي تقوم على الأغلبية دون اللجوء إلى نظرية المؤامرة». وأضاف الفارس: «إننا وبصرف النظر عن الخلافات، فإننا ندعو الجميع إلى أن يرتفعوا إلى مستوى ما تعانيه الأنبار من تحديات، لا أن يتحولوا إلى صدى للخلافات السياسية»، مبينا أن «مجلس الأنبار، مثله مثل أي مجلس من مجالس المحافظات، مجلس خدمي وليس سياسيا، بل هو في الأنبار مجلس حرب، وهو ما يتطلب من الجميع تناسي الخلافات والالتفات إلى ما تعانيه المحافظة من مشكلات وأزمات، تأتي في المقدمة منها مشكلات النازحين».
في السياق نفسه، أكد شيخ عشيرة البونمر بالأنبار، نعيم الكعود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمة الحالية التي يعانيها مجلس المحافظة حتى بانتخاب محافظ بديل، إنما هي انعكاس للأزمة بين الكتل السياسية في المحافظة التي تشغل الآن مواقع في البرلمان والحكومة»، مشيرا إلى أنه «لم يترك الخيار لأبناء المحافظة، بل تولت الأحزاب المتنفذة كل شيء، بما في ذلك سير الانتخابات المحلية في المحافظة أو البرلمانية في عموم العراق بحيث دفع أبناء المحافظة الثمن». وتساءل الكعود: «أين أعضاء مجلس المحافظة، سواء المؤيدون لانتخاب المحافظ أو المعترضون عليه، مما يجري في إقليم كردستان حين نرى أن مسرور بارزاني، نجل رئيس الإقليم مسعود، يرتدي ملابس الميدان ويقاتل مع البيبشمركة ويحققون الانتصارات، بينما الإخوة أعضاء مجلس الأنبار يختلفون على المناصب في فندق الرشيد وسط المنطقة الخضراء المحصنة؟!».
من جهته، بارك رئيس كتلة «الحل» البرلمانية، المنضوية في «تحالف القوى العراقية»، النائب محمد الكربولي، لمحافظة اﻻنبار انتخابها محافظا جديدا. وقال الكربولي في بيان، إن «التحديات التي تواجه محافظة اﻷنبار اليوم تجعلنا أمام مسؤولية تاريخية تستوجب منا تقديم كل الدعم والإسناد لخيارات ممثلي المحافظة وضخ دماء جديدة في إدارتها التنفيذية»، مشيدا بـ«المواقف والتضحيات التي قدمتها إدارة المحافظة السابقة (محافظا ونوابا)، متأملين أن يكون التعاون والشراكة اﻷساس في تحرير وإعادة بناء المحافظة». وطالب الكربولي «جميع الممتنعين والمترددين والمعارضين للتغيير الديمقراطي في اﻷنبار إلى تغليب مصلحة المحافظة وأبنائها على مصالحهم الشخصية وعدم ربط مصير المحافظة بمصائر شخوص فقدوا وأفقدوا المحافظة رونقها وتاريخها وهيبتها وكانوا سببا في خرابها، والاستفادة من مناخ التغيير السياسي الحكومي في العراق فكرا ونهجا وممارسة»، مشيرا إلى أن «العراق اليوم ليس عراق (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي ومريديه، وﻻ عراق تكميم اﻻفوأه، ولن يكون عراق الإقصاء والتهميش».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.